من كواليس مؤتمر السويد.. محمد عبدالسلام للمبعوث الأممي: لن أنزل حتى لو جاء ترامب بنفسه .. بقلم/ نضال حمادة
انتهت جولةُ محادثات السلام اليمنية في ضاحية “ريمبو” بين “استوكهولم” و”اوبسالا” بعدَ أسبوع من المشادات والنقاشات والتي شارك فيها باليومين الأخيرين بشكل فعّال السفيرُ السعودي والسفيرُ الإماراتي في السويد، وأتى وزيرُ خارجية بريطانيا جيريمي هانت، إلى المؤتمر بالتزامن، مع وصول الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، ما ساهم في التوصُّل إلى اتّفاق مبدئي حول ميناء الحديدة بعد اجتماعات دامت حتى الساعة الثانية صباحاً.
كانت تحَرّكاتُ وتصريحاتُ الوفدَين تعكسُ الفرقَ بين الوفد الآتي من صنعاء وذلك الآتي من الرياض، فالفريق الوطني المفاوض كان متماسكا بشكل غير مسبوق وكانت ملفتة نوعية التقدم والخبرة التفاوضية التي حصل عليها بعد مؤتمر جنيف عام 2015 ومؤتمر الكويت عام 2017، فقد احضر الفريق الوطني خططا متكاملة وجاهزة لكل المسائل المطروحة بدءا من ملف الأسرى والمعتقلين والمفقودين مرورا بالأوضاع الانسانية، فضلاً عن الملف الاقتصادي وصولا إلى ملف وقف الصراع وخطة لمرحلة انتقالية مشتركة، بينما افتقر الفريق الآخر لأي جدية، ولم يكن لديه أية معلومات ولا ملفات جاهزة وهذا ما لاحظته الأمم المتحدة والسفراء الذين تابعوا أعمال المؤتمر خصوصاً سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
هذا الأمرُ انعكس على تماسك وصلابة كل فريق حيث كان تماسك وصلابة الفريق الوطني المفاوض الآتي من صنعاء واضحاً للجميع، ما جعل رئيس الوفد محمد عبدالسلام وجهة كل السفراء الذين كانوا يتركون خالد اليماني رئيس وفد الرياض المفاوض ووزير خارجية هادي وحدَه، ويتجمعون حول محمد عبدالسلام ما أزعج اليماني الذي كان إما يشغل نفسه باتصالات هاتفية مفتعلة أو يقتربُ من السفراء ليدخل في الحديث الجاري، وفي إحدى المرات وبينما كان النقاش جاريا بين الوفد اليمني الوطني والسفراء بحضور المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث، قال أحدُ أعضاء الوفد الوطني لهم بعد أربع سنوات أصبح ما كنتم تسمونهم انقلابيين هم الدولة بينما أصبح من اعتبرتموهم الدولة لا يملكون أيَّ قرار وليس في يدهم أي مكان أو سلطة في البلد، ما أثار موجة ضحك بين السفراء ورد أحدهم: إن هذا الكلام صحيح.
غير أن الحادثة الأكثر تعبيراً عن صلابة الوفد الوطني وقدرة رئيسه على التفاوض واستقلالية قراره كانت يوم حفل اختتام اعمال المؤتمر بعد المؤتمر الصحافي الذي عقده أمين عام الأمم المتحدة والمبعوث الأممي بحضور وزيري خارجية بريطانيا والسويد وسفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى دول العدوان على اليمن والشعب اليمني وبينهم سفراء السعودية والإمارات والسودان، وكان المقرر أن يعقد رئيسا الوفدين المفاوضين مؤتمرين صحافيين كلٌّ على حدة لشرح ما تم التوافق عليه واختارت الأمم المتحدة أن يكون المؤتمران في باحة مدخل مبنى قصر المؤتمرات من الداخل، غير أن وزير خارجية هادي خالد اليماني عقد مؤتمره الصحافي في نفس القاعة التي عقد فيها الأمين العام للأمم المتحدة والمبعوث الدولي المؤتمر الصحافي، وطُلب أن يعقد محمد عبدالسلام المؤتمر في الخارج فرفض ذلك عندها ذهب إليه المبعوث الأممي مارتن غريفيث وقال له إن الأمين العام للأمم المتحدة ينتظرك للنزول إليه في باحة المدخل فرد عليه محمد عبدالسلام لن انزل حتى لو أتى ترامب بنفسه، ولن اعقد المؤتمر إلا في القاعة التي عقد فيها الأمين العام للأمم المتحدة مؤتمره الصحافي. وسرعان ما لبت الأمم المتحدة هذا الأمر. وتشير مصادر الأمم المتحدة في المؤتمر إلى اتصال قام به سفير السعودية بالأمين العام للأمم المتحدة طلب منه فيه أن يعقد رئيس وفد الرياض مؤتمره الصحفي في القاعة الرئيسية بدلا من باحة مدخل قصر المؤتمرات وتم تلبية الطلب بينما لم يتم تغيير مكان مؤتمر الصحافي لمحمد عبدالسلام تلقائيا واحتاج الأمر ضغوطا من قبله حتى تغير الأمم المتحدة رأيها وتتراجع رغم الضغوط التي مارسها السفيران السعودي والإماراتي.
- صحفي لبناني تواجد في مشاورات السويد