حُماةُ السيادة وأدعياؤها
عبدالملك العجري
ليسَ من حَـقِّ المرتزِقةِ ومؤيدي تحالُفِ العدوان ومَن رقصوا طَرَباً بالقرار (2140) الذي أدرَجَ اليمنَ تحتَ الفصلِ السابعِ والوصايةِ الدولية؛ بحُجَةِ تهديدِ السلم والأمن الدوليين، وأباحوا أجواءَ اليمن وأرضَها ومياهَها للغُزاة من أعراب الخليج والبلاك ووتر ومرتزِقة البشير، ليس من حَـقِّ هؤلاء الحديثُ عن السيادة؛ لأَنَّه كحديثِ الزانية عن الشرف.
الشعبُ اليمني باعتباره المدافعَ والحاميَ للسيادة الوطنية والأحرار الشرفاء هم مَن لهم الحَــقُّ في الغضبِ لأيِّ تفريطٍ في السيادة، والحَــقُّ في المساءلة والحصول على الإيضاحات اللازمة لأسئلته عن القضايا الوطنية والسيادية التي تمُسُّ حاضرَه ومستقبلَه؛ وبهذا الصددِ أُحِبُّ أن أوضحَ النقاطَ التالية:
أوَّلاً: الوضعُ القائمُ تجاوَزَ الخشيةَ أَوْ النوحَ من احتمال تعرُّضِ السيادة اليمنية للتهديد أَوْ الانتهاك إلى وضعِ الكفاحِ الوطني لمواجهة تداعيات انتهاكِ السيادة سياسيّاً وعسكريّاً وقانونياً، فكما يعلمُ الجميعُ أن السيادةَ الوطنيةَ تعرّضت لانتهاكاتٍ خطيرةٍ أبرزُها في 2013م مع وضْعِ اليمن تحت الوصاية الدولية؛ باعتباره يُمَثِّلُ خطراً على الأمن والسلم الدوليين بموجب القرار (2140) الذي رحّبت به حكومةُ المبادَرة، أَمَّا مُنَظِّرُهم الأبرزُ ياسين سعيد نعمان فقد برّر القرارَ بالتشكيك في أهليَّة اليمنيين في حماية العملية الانتقالية، ومن ثَــمَّ كان قرارُ المجتمع الدولي تولّي حمايتها من عبث اليمنيين الفوضويين.. ولا زال الخطابُ السياسيُّ والإعلاميُّ لحكومة الفنادق في كُــلِّ المناسبات يمارِسُ إغراءَ المجتمع الدولي؛ لإبقاء وصايته على اليمن؛ بحُجَّة أن السلامَ مع مَن أسماهم الانقلابيين يعني استمرارَ اليمن دولةً مهدِّدةً للسلم والأمن الإقْليْميَّين!،.. والحدثُ الآخرُ إعلانُ تحالف العدوان حربَه على اليمن، في انتهاك سافر لمبدأ عدمِ التدخل في شؤون الدول الأخرى دون تخويل من مجلس الأمن، وانتهاك لمضمون المادة (51) من ميثاق الأُمَــم المتحدة، ثم تحول تدخُّلُ التحالف إلى احتلال للأرض ومؤسّسات الدولة والسيطرة التامَّة على القرار السياسيّ في المناطق المحتلّة.
ثانياً: سنظلُّ -سواء كوفدٍ وطنيٍّ وكسُلطة وطنية وكلجانٍ وجيشٍ وطني- مع شعبِنا اليمنيِّ في طليعةِ الكفاح الوطني حتى استعادةِ السيادة اليمنية الكاملة بالسلم أَوْ بالحرب، واضعين نصبَ أعيننا هدفين أَسَاسيين الأول: انسحاب القُــوَّات الأجنبية من كامل الأراضي والجُزُر اليمنية ومياهها الإقْليْمية.. والثاني إخراج اليمن من تحت البند السابع والوصاية الدولية. وفي هذا السياق حرص الوفدُ الوطنيُّ في مشاورات السويد على إدراج بندَين أَسَاسيين في الإطار السياسيّ، الأولُ ينُصُّ على انسحاب القُــوَّات الأجنبية، والثاني على رفع اليمن من الفصل السابع.. وللأسف فإنَّ هذا قوبل برفضٍ مطلَقٍ من قبَل وفد الرياض. ونعاهدُ شعبَنا أنه في أية جولة مشاورات قادمة سنضغَط ُعلى إدراج هذين البندين، وهو استحقاقٌ يعرّي مَن يتهرَّبُ منه أمام الشعب اليمني الذي يجبُ أن يكونَ شاهداً.
ثالثاً: أن تحميلَ اتّفاق استوكهولم ما لا يتحمَّــلُه من التزامات أَوْ استحقاقات تنتهكُ السيادة الوطنية، لا يخرُجُ عن واحدٍ من أمرَين، إمَّا لأغراض دعائية كيدية نَعِيها جيداً، ولا يمكنُ أن نُخدَعَ بها، أَوْ لسوءِ فهم..
ولهؤلاءِ أقولُ وأجري على الله فيما أقولُ: الاتّفاقُ لا يخوِّلُ الأُمَــمَ المتحدةَ أيَّ دورٍ عسكريٍّ ولا يسمحُ بتواجُدِ أية قُــوَّاتٍ أُمَــمية أَوْ قُــوَّات حفظ سلام، وما يمنحُه لها لا يخرُجُ عن الأدوار الرقابية العادية التي لا تُمَثِّلُ انتهاكاً للسيادة، مثلُها مثلُ الرقابة الدولية على الانتخابات والتدخُّل الإنْسَاني في الكوارث والنزاعات.
والمفارقةُ حين ينوحُ البعضُ وكأن الاتّفاقَ هو الذي جلَبَ الأُمَــمَ المتحدة والمجتمعَ الدولي إلى اليمن، متناسين أن الأُمَــمَ المتحدة والمجتمعَ الدولي ممسِكون باليمن منذُ توقيع المبادرة الخليجية (ليس المبادَرة بداية التدخّل لكن التدخُّلَ منذ المبادرة أخذ شكلاً قانونياً ورسمياً)، وما تلاها من قرارات الوصاية، وكنا في طليعة المناهضين للوصاية ولم ندَّخِرْ نفساً ولا نفسياً ولن نستقرَّ ولن نتوقفَ حتى رحيل آخر جُندي محتلّ.
رابعاً: أننا قلقون كما أنتم قلقون (وحديثي للطيبين) من تسييسِ دورِ وقراراتِ الأُمَــم المتحدة ومجلسِ الأمن من قبَلِ الأطرافِ الدولية النافذة، والتوجُّسُ من مواقف دول الهيمنة في أعلى درجاته، وَإذَا كان لأحدٍ جهازُ استشعار واحد فلدينا عشرة قرون استشعار.. لكن هذا لا يعني القفزَ على إكراهات واقع لا يرحَمُ أَوْ العدمية السياسيَّة في التعامل مع واقعٍ عالميٍّ وإقْليْمي ومحلي أَكْبَــر من قدرتنا على إعَادَة تشكيله كما نرغَبُ، ويكفينا أمامَ الله وأمام شعبنا أنَّنا في حالةِ كِفاح وجهاد مستمرَّين -نحن وأنتم- ليكون أقلَّ سوءاً، فإنْ نجحنا في تغييره نحو الأفضلِ فذلك ما كنا نبغي ولا زلنا.