السعودية في حالة “هبوط اضطراري”
العدوان يبحث عن تسوية بأي ثمن والشعب اليمني يفرض شروطه
ذوبان كلي لأهداف ومخططات العدوان
والسعودية تبحث عن صفقة لإقناع اليمنيين بالانسحاب من جيزان
من معركة صنعاء إلى معركة جيزان اليمن تنتصر !
صحيفة صدى المسيرة|محمد الوريث
احتفلت وسائل إعلام العدو السعودي وتناقلت على صعيد واسع تصريح المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ الاخيرة الذي تحدث فيها عن قبول مبدئي من طرف القوى اليمنية بمبدأ مناقشة الانسحاب من المناطق الحدودية .
وبالرغم من ان ولد الشيخ كان واضحاً ودقيق للغاية في اختيار مصطلحات “بمبدأ المناقشة” إلا ان السعودية احتفلت به على كل حال معتبره ان فيه نجاة لورطتها في اليمن ، والفرحة السعودية الغامرة بأي مفاوضات من شأنها وقف التصعيد اليمني داخل العمق السعودي لردع العدوان يؤكد حجم الورطة السعودية نفسها بعيد عن ادعاءاتها الكاذبة وحلفائها المفترضين .
وبكل تأكيد فان تحقق هذا الشرط مرهون بوقف شامل للعدوان ورفع الحصار كلياً على اليمن إلا ان السعودية لم تستطع إخفاء فرحتها بهذا التصريح الذي يمثل حبل نجاة بالنسبة لها بعد ان خرجت الامور عن سيطرتها في خطوط الاشتباك اليمنية السعودية وهي –أي السعودية – التي حاولت على مدار شهور التعتيم على انتصارات الجيش واللجان الشعبية في عمق جيزان ونجران وعسير وتصوير الأمر بأنه مجرد مناوشات بسيطة أو مقذوفات متبادلة .
ولكن بث قناة المسيرة وبشكل يومي لمقاطع فيديو توثق بطولات الجيش واللجان في العمق السعودي ودك مواقع العدو العسكرية والسيطرة عليها وتفجير ابراج الرقابة الحدودية واحد تلو الاخر فضح العدو على نطاق واسع وافشل مخططاته الإعلامية حيث اصبح من المستحيل التكتم على اخبار بهذا الحجم أو وتضليل الرأي العام الداخلي في المملكة خاصة في ظل حالة نزوح كبرى شهدتها المدن الجنوبية وتوارد نعوش قتلى الجيش السعودي القادمة من محرقة الجنوب ولم يعد مقبولاً تسويق هذه الخسائر البشرية الهائلة بذرائع واهية كضربة شمس او سقوط من فوق عربة عسكرية سبباً لوفرة توابيت الجنود السعوديين.
وباتت انتصارات اليمنيين اليوم تتصدر واجهات كل وكالات الانباء والقنوات الاخبارية العالمية قبل العربية ،وانعكس ذلك داخلياً في المملكة بالطبع حتى انتشرت تغريدات غاضبة لمواطنين سعوديين عبر مواقع التواصل الاجتماعي يتحدثون فيها عن التضليل والخداع الكبير الذي يمارسه نظام آل سعود عليهم ومحاولته حجب الاخبار او التشويش عليها والتي تنبأ عن خسائر فادحة يتلقها الجيش السعودي المزود بأحدث الأسلحة جراء مغامرات مراهقين آل سعود في عدوان غير مشروع على اليمن.
وسقطت آخر ورقة توت كان يستر بها النظام السعودي هزيمته عندما احتفلت وسائل إعلامه بالخبر العابر هذا وهي التي كانت ترفض من حيث المبدأ المفاوضات مع اليمن او الحديث عن حلول سياسية للشأن اليمني ، وبالرغم من أن تصريح ولد الشيخ تحدث عن قبول مبدأي ومشروط للقوى اليمنية لناقشة مبادئ وقف عمليات ردع العدوان والذي بكل تأكيد سيكون مقابل تنازلات سعودية كبرى تطيح ببرجها العاجي وتنزلها من على شجرة الوهم إلى أرض الواقع ولكن كل ذلك كان مرحب به سعودياً لتدارك هزائم أكبر متوقعة في ظل تقدم كبير للجيش اليمني واللجان الشعبية بشكل متواصل على مستوى كافة الجبهات في الجنوب السعودي .
حتى أن الضجيج الإعلامي السعودي لم يعد يلقى صدى في اليمن او حتى السعودية عند الحديث عن معركة غزو صنعاء،ويستنكر المتابع مثل هذه الاخبار الموغلة في الزيف وهو يفكر كيف يمكن ان يذهب العدوان لاقتحام صنعاء في معركة تبدو انتحارية لقواته وفق كل الأصعدة في حين يعجز ان يقوم بعملية مماثلة لتحرير جيزان او عسير التابعة له وبلغ به الأمر ان استعان بقوات عسكرية من دويلات متناهية الصغر كالبحرين للمشاركة في معاركه الحدودية .
وهكذا يبدو انحدار آمال السعودية في عدوانها على اليمن في ظل صمود شعبي وتماسك داخلي قوي وتحولت أهداف السعودية في عاصفتها المزعومة من المطالبة بانسحاب القوى الوطنية وعلى رأسها انصار الله من صنعاء والمحافظات اليمنية حتى وصلت مطالبهم اليوم حد الاكتفاء بانسحاب الجيش اليمني واللجان الشعبية من جيزان ونجران وعسير والبحث عن ضمانات دولية لتأمين شريطها الحدودي ، وفي حين يتحدث اعلام آل سعود وحلفائهم من المعتدين على اليمن عن معركة صنعاء ، تفضح الشرق الاوسط -الصحيفة الرسمية لنظام الرياض- النظام السعودي عندما نشرت تكذيباً لهذه الأخبار على لسان المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ حين قال “لدينا الان فرصة قوية للحصول على اتفاق سلام وتجنب المواجهة في صنعاء ” وهو ما يقوم بتعرية كل الحملات الإعلامية الكاذبة التي تشنها وسائل الإعلام التابعة للعدوان للتضليل على الهزيمة السعودية الكبرى من داخل الرياض نفسها .
تبخر أهداف عاصفة الحزم المزعومة ودفن جثة مؤتمر الرياض
وكان للسعودية في بداية عدوانها المدعوم أمريكا في 26 من شهر مارس الماضي سقف مطالب مرتفع وخيالي،وتحدثت السعودية عبر وزير خارجيتها وناطقها العسكري في أكثر من مناسبة عن اهداف تريد تحقيقها من هذا العدوان وكان على رأس هذه الاهداف ” هجرة المكونات اليمنية إلى الرياض لرسم ملامح مستقبل البلاد وفي الأهواء السعودية ” وتبخر الحديث حول مؤتمر الرياض بشكل كلي الان وذهب اليمنيون إلى عاصمة دولة عٌمان المحايدة وتحت مظلة الأمم المتحدة تماماً كما اشترطت القوى الثورية من البداية ، كما لم تعد جماعة انصار الله مليشيات ايرانية يجب استئصالها تماماً كما في السابق ولكنها اليوم أصبحت شريك سياسي قوي تجلس السعودية معهم على طاولة مفاوضات واحدة في مسقط ولو بالإكراه حيف يفرض واقع الميدان على العدو السعودي ان يقبل بكل ما هو متاح الان فربما لن يكون متوفر في وقت لاحق .
وفضحت وثيقة ولد الشيخ التي تم تسربيها مؤخراً السعودية عندما تحدث عن مشاركة سعودية مباشرة في مفاوضات مسقط والتي تنسف كل ادعاءات ان العدوان على اليمن جاء لدعم شرعية المرتزقة ويكشف عن الندية التي فرضتها القوى الثورية ميدانياً لتصبح اليمن والسعودية فرقاء على طاولة مفاوضات واحدة .
وتكشف نفس الوثيقة ان الوفد السعودي المشارك في مسقط لم يكترث مطلقاً لمصير الفار هادي وحكومته ولكنه ذهب للتفاوض من أجل وقف نزيف جنوده في المناطق الجنوبية مطالباً بهدنة في الحد الجنوبي او وقف العمليات العسكرية اليمنية مقابل الوقف التام للعمليات الجوية كما عبر ولد الشيخ .
والانحدار المتسارع في المطالب السعودية يترجم واقع الميدان الذي فرضة اليمنيون بصمودهم حتى رجحت كفة الشعب اليمني على مختلف المقاييس العسكرية والسياسية والاستراتيجية حتى ان الولايات المتحدة واوروبا مارسوا ضغوطاً على السعودية وتم تحذريها من مخاطر الانخراط اكثر في معارك قد تؤثر بشكل دائم على السعودية والمنطقة بأكملها.
وتفقد السعودية في اليمن كل يوم خيوط المشهد أكثر في ظل تفوق جلي للقوى الوطنية ، حيث ان اهم الانجازات السعودية طوال ستة أشهر من العدوان كانت تسليم محافظة عدن للقاعدة والفوضى الأمنية والذي عرقل اخر الأمنيات السعودية لإعادة حكومة الفار هادي .
كما يسطر الجيش اليمني واللجان الشعبية انتصارات ملحمية في كلاً من جبهات مأرب وتعز والتقدم في طريق التطهير الكلي لهما من عناصر القاعدة ومرتزقة الرياض كذلك تقوم الأجهزة الامنية اليمني بفكفكة خلايا مرتبطة بالعدوان بشكل شبة يومي.
كما تخرج كل يوم مناطق جديدة من السيطرة السعودية لتصبح تحت قبضة الجيش واللجان الشعبية في جيزان ونجران وعسير ، وهناك حالة انهيار معنوي كامل لدى جيش المملكة والذي أصبحت مهمته الوحيدة في المحافظات الجنوبية كما يصف المجاهدون هي الهروب وترك المواقع والعتاد ورائهم لتكون غنائم لأبطال اليمن ورجالة المخلصين .
ويرى مراقبون أن استمرار المعارك على هذا النحو قد يعني السيطرة اليمنية الكاملة على مدن رئيسية في الجنوب السعودي في القريب العاجل وهو الذي بدوره سيغير الخارطة العسكرية والجيوسياسية للمنطقة بأكملها .
استماتة سعودية للبحث عن مخرج لائق :
نسي النظام السعودي أي طموح كان يملكه قبل ستة أشهر من اليوم مقابل الخروج من المأزق الذي وضع نفسه فيه ، فالنظام السعودي يعاني داخلياً بدرجة كبيرة حيث يشهد الاقتصاد السعودي تدهور غير مسبوق وبات العجز في الموازنة السعودية يحقق أرقاما قياسية في ظل استمرار نزيف المال السعودي في تمويل الحروب على اكثر من جبهة عربية كما تستمر امريكا في ابتزاز النظام السعودي وإجباره على عقد اكبر قدر ممكن من صفقات السلاح لتجفيف صناديق المال السعودي بهدف دعم الاقتصاد الامريكي وفق التطورات في المنطقة ، كما تشهد اسعار النفط انخفاضاً مطرد يتوقع ان يصل ادنى مستوياته في ظل زيادة عالمية في الإنتاج ومن المتوقع دخول النفط الايراني إلى الاسواق العالمية قريباً. كما تتصارع اسرة آل سعود على الصعيد السياسي بقوة ويحاول جناح محمد بن سلمان التخلص من ولي العهد ومنافسة الأكبر على كرسي الملك محمد بن نايف في حين يبدو ان محمد بن نايف لن يكون لقمة سائغة كعمة مقرن لأطماع سلمان وأولاده في الاستحواذ على الحكم.
وعلى الصعيد الخارجي تفقد السعودية حلفاء عدوانها على اليمن أكثر من أي وقت مضى فتخسر السعودية حليفها الأهم بعد التقهقر الاماراتي الكبير جراء عملية الجيش واللجان النوعية في صافر والتي اعترفت الامارات بسقوط ما يزيد عن 52 جندي فيها وأدى ذلك إلى سخط اماراتي شعبي من المتوقع ان يصل إلى سحب كل القوات الاماراتية من اليمن ، كما تعجز قطر والبحرين عن تقديم أي عون عسكري قد تحتاجه السعودية في هذا الوقت وترفض الكويت بشكل قاطع المشاركة في أي اعمال عسكرية على الأرض ، وتشهد العلاقة المصرية السعودية توتر كبير خاصة بعد رفض الرئيس المصري الزج بقوات للدفاع عن الحدود السعودية وهو الأمر الذي يجعل السعودية وحيدة على قارعة الهزيمة المخزية .
وتفرض المعادلة الجديدة على السعودية التنازل عن كل مغامراتها في اليمن مقابل ضمان إيقاف التوغل أكثر في أرضها لتقتصر المطالب على الانسحاب من جيزان والخروج بأي طريقة ممكنة من الفخ اليمني ، وها هو الاعلام السعودي اليوم ترك الحديث عن ضرورة عودة الفار هادي بل انه في أحيان كثيرة يبعث بإشارات مبطنة تفيد ان وجود هادي في اليمن قد انتهى ولا سبيل للحديث عن مؤتمر الرياض أو فرض واقع سياسي بالقوة العسكرية ولكن ترتفع التصريحات الناعمة حول ضرورة الحل السياسي في اليمن وان لا علاقة للسعودية بالشأن الداخلي لليمن وان أي حل قادم في اليمن سيكون يمنياً بامتياز وتحت رعاية أممية تماماً كما قالت القوى الثورية في اليوم الأول من العدوان ، ويمثل الحضور السعودي المباشر في طاولة المفاوضات في مسقط تطوراً لافتاً في واقع الاحداث وينتزع لليمنيين اعتراف مهم بالمسؤولية السعودية الكاملة جراء عدوانها الغاشم على اليمن على المستوى الاخلاقي والاقتصادي والانساني وسيحملهم تبعات هذا العدوان وتداعياته بشكل كامل .
والتمثيل السعودي المباشر جاء ضمن مساعي البحث الحثيث للعدو وشركائه عن تسوية يقبلها اليمنيون مقابل وقف التصعيد في محافظاته الجنوبية والذي يعد إعلان هزيمة حاسم واعتراف بالفشل المرير لكل مشاريعة في اليمن.