الشرعية المعترف بها شعبياً تنتزع اعتراف العالم .. بقلم/ إبراهيم السراجي
منذُ بدءِ العدوان قبل قرابة أربعة أعوام، ظلت حكومةُ المرتزِقة والفارُّ هادي يتباهون بشيء واحد هو الاعترافُ الدولي بما يسمى “الشرعية”، بل إن الأخيرةَ كان ذكرُها على مدى السنوات الماضية مقترناً دائماً بعبارة “المعترَف بها دولياً”، وبات هذا الاعترافُ هو مصدرَ إرادة المرتزِقة لفرض سلطتهم على الشعب اليمني الذي لم يراهنوا عليه في يوم من الأيام.
بالمقابل وخلال السنوات ذاتها، ظلت القوى الوطنية، في مقدمتها أنصار الله وصولاً إلى تشكيل السلطة الوطنية ممثلةً بالمجلس السياسي الأعلى، تراهنُ على الشرعية الشعبية مكتفيةً بالاعتراف الشعبي بها وكذلك تراهنُ على قوات الجيش واللجان الشعبية في حماية الإرادة الوطنية غيرَ آبهةٍ بالاعتراف الدولي.
في النتيجةِ اليومَ وبعد كُـلّ هذه السنوات نجدُ أن الرهانَ على الاعتراف الدولي لم يحقّقِ الهدفَ لحكومة المرتزِقة وكذلك جعلها بعيدةً عن نبض الشارع اليمني، فبدأ الاعتراف الدولي بها يتآكلُ، وهو ما تجلى في مخرجات مشاورات السويد وقرار مجلس الأمن الجديد، فيما اتضح للجميع أن الرهانَ على الشعب اليمني هو مَن يأتي بالاعتراف الدولي بل يفرضُه على المجتمع الدولي وتجلّى ذلك أيضاً في مخرجات المشاورات وقرار مجلس الأمن ذاته.
وبالنسبة لقرار مجلس الأمن الجديد رقم 2451، فقد قوبل بالترحيب من قبَل القوى الوطنية التي عبَّرت أيضاً عن تحفُّظِها على بعض المضامين والمصطلحات الواردة فيه، إلا أننا نرى في مجلس الأمن بدُوَلِه دائمة العضوية كأطرافٍ كانت وما زالت على رأس الدول المشاركة في الحرب على اليمن والداعمة لتحالف العدوان، وبالتالي لم نطمحْ أن يحقّقَ لنا هذا المجلس العدالةَ؛ ولذلك فإن ما تضمَّنُه القرارُ الجديدُ من خطوات إيجابية، التي بينها تجاوُزُ القرار 2216 الذي كان شمّاعةَ العدوان، يعد انتصاراً للشعب اليمني لم تمنحه له القوى الدولية بل انتزعه رغماً عنها لصموده الأسطوري على مدى قرابة أربعة أعوام.
اليومَ نستطيعُ القولَ إن أسطوانةَ ما يسمى “الشرعية” قد طويت صفحتُها أو بالأصح نجح الشعبُ اليمني في إرغام القوى الدولية الكبرى على نزع اعترافها بتلك “الشرعية” المزعومة، فيما الأخيرة فقدت ما كانت تراهنُ عليه لتفرِضَ نفسَها على الشعب، وبات عليها اليومَ أن تتعاملَ مع الواقع الجديد باعتبارها طرفاً يمنياً شذَّ على القاعدة الوطنية وجنّد نفسَه لخدمة الخارج.
أخيراً فإنَّ ما ميّز الشرعيةَ الشعبية المناهضة للعدوان هو أنها كانت وما تزال تمثلُ أغلبَ المكونات اليمنية السياسية والقبلية والاجتماعية والمدنية، وبالتالي مثّلت هذه التركيبةُ النموذجيةُ أهمَّ عامل من عوامل الصمود الذي لم يتوقعْه العالَمُ مقارنةً بإمكانات العدوان التي لا تقارَن، وهو ما تجلّى أمس في اللقاء الذي جمع كُـلَّ الأحزاب والمكونات اليمنية على رأسها أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام والحراك الجنوبي مع الوفد الوطني في العاصمة صنعاءَ بعد خوض الأخير مشاوراتِ السويد واستعداده للمفاوضات القادمة في يناير المقبل؛ ليصبحَ هذا الوفدُ ممثلاً للإرادة الوطنية الجامعة ويحظى بقاعدة انطلاقٍ صلبةٍ تخوِّلُه التفاوُضَ من هذا المنطلق القوي.