دورُ الأُســرة اليمنية في النشاط الزراعي التنموي
المهندس وجيه المتوكل
المقدمة:
الحمدُ لله رب العالمين وصلِّ اللهم وسلِّمْ على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله الطاهرين، فإنه من نِعَمِ الله علينا وعلى بلد الإيمان والحكمة أن وضع لنا فيه كُلّ مقومات الزراعة والحضارة ومن كُلّ النواحي البيئية والمناخية، فمثلاً من خلال النظر إلى التباين المناخي وطوبوغرافية السلسلة الجبلية في المرتفعات والهضاب والقيعان ومساقط المياه والسهول والوديان وخصوبة الأراضي الزراعية والصالحة للزراعة في كُلِّ مناطق اليمن، كُلّ هذه العوامل تجعل من اليمن البلد الزراعي الأول في المنطقة العربية كما وصفها الله في كتابة الكريم في سورة سبأ (بلدة طيبة ورب غفور) صدق الله العظيم، ورغم هذا نجد إنتاجنا من محاصيل الغذاء الرئيسية يتجاوز 10 % من الاحتياج الفعلي، وهذا يرجع إلى أن الزراعةَ في العقود القليلة الماضية كانت مستهدفةً بكل وسائل الإعاقة والتعقيد ووضع الصعوبات والمعوقات أمام المزارع اليمني وخَاصَّة إذَا توجه بكل جد لإنتاج الحبوب ومحاصيل الغذاء الرئيسية، وهذا كله من قبل عملاء وأنْظمة موجهة وخاضعة لسيطرة دول الاستكبار العالمي وعلى رأسها أمريكا وتدخلاتها في كُلّ دولة عربية.
وحالياً وفي وضعنا الحالي يعتبر القطاعُ الزراعي من أهمّ القطاعات الاقتصادية في الجمهورية اليمنية، حيث يساهمُ القطاعُ الزراعي فقط بنسبة 14.5 % من الإنتاج المحلي ويعمل فيه أكثر من 54 % من القوى العاملة في الجمهورية ويرتبط به حوالي 73.5 % من سكان الجمهورية اليمنية، وتزداد أهميّة القطاع الزراعي وبشكل خاص في مجال زراعة وإنتاج الحبوب في الجمهورية اليمنية لما لها من أهميّة قصوى في تحقيق الأمن الغذائي لبلادنا خَاصَّة في الثلاث السنوات الأخيرة.
ومنذ بداية العدوان الغاشم والحصار البري والبحري على اليمن من قبل دول الاستكبار العالمي أمريكا وإسرائيل وأذنابهم من الأعراب..؛ ولهذا كان توجه القيادة الحكيمة بالزراعة والإنتاج بكل جدية واهتمام للدولة وخَاصَّة في مجال دعم وتطوير زراعة الحبوب والبقوليات للوصول تدريجياً إلى تحقيق الأمن الغذائي المنشود والاكتفاء الذاتي.
أهميّة القطاع الزراعي في توفير الأمن الغذائي
يعتبرُ القطاعُ الزراعي بشقَّيه النباتي والحيواني من أهمّ القطاعات في الاقتصاد اليمني بما يوفره من إنتاج الغذاء لإشباع الحاجات المتزايدة من السكان ولكنه ما ينتج على الواقع ليس بالمستوى الذي نطمع للوصول إليه، فمثلاً ما ينتجه القطاع الزراعي من حبوب بمختلف أصنافها لا تفي باحتياجات السكان من الحبوب؛ ولذلك نجد أن هناك فجوةً كبيرةً بين ما نحتاجه من تلك الحبوب وبين ما ينتج فعليا حيث يتم تغطية تلك الفجوة من خلال الاستيراد من البلدان المصدرة لها وخُصُوصاً محصول القمح الذي يعتبر المحصول الرئيسي الأول المستخدم في الغذاء في اليمن.. ونظراً للتقلبات السعرية الدولية لتلك المحاصيل ويجعل من ارتفاع سعرها سلبياً على الاقتصاد على السكان مما يفاقم من المشكلة ويجعل الأمر ملحاً في اتخاذ الدولة مجموعة من التدابير اللازمة للوصول إلى الأمن الغذائي المنشود، ومن هذه التدابير:
1 – تشجيع العاملين في القطاع الزراعي ودعمهم بكل الإمكانيات المتاحة والتي أهمها توفير المستلزمات الزراعية بأسعار مناسبة وكذلك توفير الخدمات الإرشادية وإدخال التقنيات الحديثة.
2 – التوسع في الرقعة الزراعية وزيادة الاستصلاح الزراعي.
3 – تشجيع الشباب للعمل في القطاع الزراعي من خلال منحهم أراضي زراعية للعمل بها ومنحهم
القروض التي تمكنهم من استصلاحها وزراعتها.
4 – الاهتمام بالتعليم الزراعي وتطويره بما يضمن تخريج الكوادر المؤهلة التي تعمل على تطوير هذا
القطاع.
5 – الاهتمام بالقطاع السمكي وتنمية المزارع السمكية ومنع الصيد الجائر.
6 – توسيع ورعاية الأنشطة المجتمعية المتعلقة بالصناعات القائمة على المنتجات الزراعية والحيوانية والسمكية.
التحدياتُ التي تواجهُ القطاعَ الزراعي
– أولاً: الأضرار المباشرة الناتجة الاستهداف المتعمد للقطاع الزراعي ووحدات الإنتاج
- استهداف مباشر للمزارع والمخازن وآبار المياه وحدات الطاقة الشمسية.
- استهداف سدود وقنوات مائية ومصادر المياه كالآبار والخزانات.
- قصف مكاتب ومنشآت تابعة للقطاع الزراعي.
- تدمير طرق وجسور وقطع طرق نقل المنتجات.
- إضَافَة إلى استهداف متكرر لناقلات منتجات زراعية.
– ثانياً: الأضرار غير المباشرة للحصار والعدوان
- نزوح العديد من المزارعين إثر الاستهداف والقصف إلى عواصم المدن تاركين أراضيهم الزراعية، وبالتالي توقف النشاط الزراعي في مناطق زراعية واسعة أثّر هذا على الناتج القومي.
- نتيجة صعوبة التنقل واستهداف الطرق وقطعها سبب إعاقة تسويق المنتجات الزراعية بين المدن والمناطق الزراعية وسبب خسائرَ كبيرة للمزارعين.
- الحصار الاقتصادي وصعوبة التصدير وإغلاق المنافذ البرية والبحرية أثَّرَ على حركة الصادرات وكذلك على وصول الواردات من المدخلات ومستلزمات الإنتاج “الأسمدة والبذور والمبيدات”، مما أثّر سلباً على الإنتاج الزراعي.
المعوقاتُ الأساسيةُ والهامةُ للقطاع الزراعي
1 – شُحَّة مياه الري نتيجة اعتماد المزارع على المياه الجوفية في ري المزروعات.
2 – ارتفاع كلفة وحدة مياه الري من خلال ارتفاع أسعار المشتقات النفطية (الديزل)
3 – ارتفاع كبير ومتزايد في أسعار المدخلات الزراعية اسمدة ومبيدات وبذور.
4 – نقص كبير في التخطيط ورسم سياسة زراعية شاملة لتنظيم وتوزيع المحاصيل وفق خارطة المساحة والزراعية ومواسم الإنتاج الزراعي وتقديم كافة خدمات التسويق للمنتجين وتنظيم أسواق الصادرات الزراعية.
5 – تفتت الحيازات الزراعية.
6 – نقص حاد في مهارات المنتجين بنظم إدارة المحصول إدارة متكاملة.
7 – الاعتماد على الطرق التقليدية ونقص كبير في تبني ونشر التقنيات الحديثة في حقول المزارعين مما يجعل الإنتاجية متدنية.
8 – الإصابَة بالآفات الزراعية الوبائية التي انتقلت من بلدان بعيدة سواء عبر الرياح أَوْ عبر استقدام البذور والشتلات أَوْ الأجزاء النباتية المصابة، هذه الآفات أصبحت تهدد أمننا الغذائي بشكل كبير؛ كونها تسبب خسائر فادحة في الإنتاج ومكافحتها مكلفة جداً..
ومن أمثلة الآفات الوبائية على المحاصيل الاقتصادية..
الآفات الوبائية على المحاصيل الاقتصادية
– دودة الحشد الخريفية: أقربُ الآفات الوبائية التي دخلت اليمن في يونيو 2018 انتقلت عبر الرياح من القرن الأفريقي بعد مرورها على عدد من بلدان العالم من موطنها الأصلي وهو القارتان الأمريكيتان، وتعتبر هذه الآفة مدمرة للمحاصيل خَاصَّة الذرة الشامية والرفيعة.
– دودة الجيش الأمريكية: الجدمي وهي موسمية مستوطنة.
– الجراد الصحراوي:
– دودة ثاقبة ثمار الطماطم وصانعة الأنفاق “الفراشة” دخلت في 2013.
من أجل تنمية زراعية مستدامة في القطاع الزراعي.
– أولاً: ضرورة وجود آلية واضحة لربط كُلّ الشركاء في التنمية الزراعية وهم البحوث والإرشاد الزراعي وملء القطاعات الحكومية وأيضاً القطاع الخاص والجمعيات الزراعية مع الشريك الأساسي وهو المزارع يساهم كُلٌّ بدوره في خلق تنمية وتحقيق توسع في الإنتاج الزراعي.
– ثانياً: تشجيع الاستثمار في مجال الإنتاج الزراعي من خلال إشراك القطاع الخاص وكبار المنتجين وتسهيل فرص الاستثمار في القطاع الزراعي.
الأُسْــرَة التنموية الزراعية العاملة يعني نشاط كُلّ أفراد الأُسْــرَة بالعمل الزراعي التنموي كما هو حاصل في واقع المجتمع الزراعي الريفي أن كُلّ أفراد الأُسْــرَة الريفية يعملون في النشاط الزراعي؛ كونه مصدر قوته ومعيشة الأُسْــرَة، وهنا يكون دور المرأة والأبناء كبيراً ومؤثراً في التنمية الزراعية، فهم يشاركون الأب في العمل الحقلي بنسبة تتجاوز الـ 50 % في بعض المناطق الريفية.
بينما الأُسْــرَة الحضرية في المدينة غالباً بعيدون تماماً عن الأنشطة الزراعية والتنمية ما عدا نسبة قليلة من لديهم مزارع قريبة من سكن الأُسْــرَة أَوْ حدائق منزلية وهي أنشطة محدودة؛ لهذا فالأُسْــرَة الحضرية تقريباً خاملة عن العمل الزراعي الإنتاجي؛ لهذا ظهر الاهتمام بالزراعة الحضرية وأنشطة ومشاريع تنموية تعتمد على تشغيل كُلّ الإمكانات المتاحة للإنتاج والزراعة سواء أنشطة الزراعة المنزلية أَوْ أنشطة مجتمعية، لاستغلال المساحات البيضاء الزراعية داخل المدن وفي ضواحيها.
الأنشطة التنموية للأسرة اليمنية الريفية والحضرية
– أولاً: الأُسْــرَة الريفية:
الأُسْــرَة الريفية تعمل بشكل فعال في العمل المباشر في الحقل المرأة والأولاد مع رب الأُسْــرَة، وبالتالي عندما نفكر في رفع أَوْ تطوير العمل التنموي الزراعي ضمن برامج دعم لمشاريع تنموية فهناك مجالات خَاصَّة للأسرة الريفية وهي على سبيل المثال:
- وحدات الزراعة المحمية.
- تربية الماشية.
- الدواجن والأرانب.
- وحدة الغاز الحيوي.
- تقنية إنتاج الألبان ومشتقاته “حلابات حديثة”
- تربية نحل العسل.
- تدوير المخلفات النباتية وإنتاج الكومبست.
- التدريب العملي بنظام المدرسة الحقلية.
– ثانياً: الأُسْــرَة الحضرية في عواصم المدن
مجالاتُ الدعم التنموي للأسرة في المدينة تحتاجُ إلى تقديم أنشطة خَاصَّة لتكون الأُسْــرَة منتجةً وَزراعية وتنموية حسب طبيعة السكن وثقافة ربة الأُسْــرَة، ومن الأنشطة المقترحة على سبيل المثال:
- الصناعات الغذائية من المنتجات النباتية “المرأة غالباً”، مثل صناعة المربيات، صناعة المكرونة، والعصائر والمعلبات ومشتقات الألبان.
- الأعمال الحرفية للمرأة خياطة وتطريز صناعة التحف والهدايا.
- الزراعة الحضرية “الحدائق والأحواش والأسطح والزراعة المنزلية”.
- تربية نحل العسل.
- تربية الدواجن لإنتاج البيض باستخدام فقّاسات حديثة وتصميم هندسي يضمن السلامة والصحة
العامة.
الزراعة الحضرية:
مفهومُ الزراعة الحضرية: هو زراعة المحاصيل الاقتصادية في المساحات الصغيرة من الأحواش والأراضي البيضاء في ضواحي المدن وأسطح المباني مع استغلال الموارد المتاحة الميسرة والمخلفات الطبيعية وبنظام ري حديث.
والزارعة الحضرية كمفهوم جديد بدأ الاهتمامُ العالمي به كمصدر هام في تشجيع المدن على توفير جزء من احتياجاتها وكوسيلة لمكافحة البطالة والتقليل من الفقر.
أهميّة الزراعة الحضرية:
- تأمين متطلبات المعيشية.
- تحسين مستوى دخل الأسر المنتجة.
- تحسين جودة النظام الغذائي في المناطق الحضرية.
- كما أن ما يشجّعُنا على الزراعة الحضرية سهولةُ تأمين مياه الري من خلال السيول بتوجيه أَوْ تصريف مياه السيول في الشوارع إلى الحقول.
- حصاد مياه الأمطار وخزنُها في برَكٍ ترابية لتغذية الآبار السطحية.
- حصاد مياه الأمطار من سطوح المنازل إلى خزانات للحدائق المنزلية والمدرسية.
أمثلةٌ لبعض الأنْظمة الزراعة:
- تحت البيوت المحمية يعطي إنتاجيةً عالية جداً لوحدة المساحة مع أقل كمية مياه ممكنة.
- تعتبر الحل الأمثل لرفعِ إنتاج محاصيل الغذاء ورفع مستوى معيشة الأُسْــرَة مع الحفاظ على المياه الجوفية.
الزراعةُ المائية “بدون تربة”:
- الزراعة المائية هي نظام حديث يتميز بالتالي:
– كفاءة عالية في استخدام المياه.
– محصول مبكر وسريع الإنتاج.
– منتج عالي الجودة وخالٍ من ملوثات التربة.
– زيادة إنتاجية وحدة المساحة.
أهميّة الزراعة المائية “بدون تربة”:
- أثبت نظامُ الزراعة المائية تحت البيوت المحمية نجاحاً كبيراً ملموساً رفع معدلَ العائد الاقتصادي، من عدة أوجه أهمها رفع معدل الإنتاجية للبيت وجودة المحصول المنتج وتوفير كمية المياه المضافة.
- حل مثالي لأهم مشاكل الزراعة المحمية وهي الأمراض المنقولة من التربة وخَاصَّة نيماتودا “تعقد الجذور” ومرض الذبول الفيوزارمي.
التوصيات:
1- ضرورةُ تشجيع الأُسْــرَة على استعادة العادات القديمة كتربية الدواجن والحمام وغيرها لإعادة الطبيعة المنتجة للأسرة اليمنية.
2- كسر حاجز الخوف بتشجيع الأُسْــرَة على الزراعة المنزلية بكل أنواعها.
3- تجربة الجديد من التجارب الزراعية مثل زراعة الأسماك وتوفير بيئة تكفَلُ بينها وبين النباتات لتشكل نظام حيوي متكامل.