الحديدة من النفق العسكري إلى النفق السياسي.. ماذا بعد؟ بقلم/ زين العابدين عثمان
محافظةُ الحديدة المحافظةُ اليمنيةُ المشاطئةُ للبحر الأحمر التي أدرجها معسكرُ العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي خلال مطلع الـ6 أشهر في قائمة عملياته العسكرية، حيث أشرف البنتاغون بشكل مباشر على رسم خارطة الأعمال العسكرية التي ستنفذها الإمارات آنذاك ووضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة لاجتياح هذه المحافظة والتركيز على كيفية السيطرة على مراكزها الحيوية من بينها المطار الدولي وميناءها الاستراتيجي وسواحلها وأيضا جُزُرها، وقد ابتعث البنتاغون قائد القيادة المركزية الوسطى بشكل رسمي الجنرال جوزيف فوتيل ليشرفَ على سير العمليات بالحديدة ويكونُ الجانب الذي يصدر التعليمات والتوجيهات للقوات الإماراتية ومرتزقتها المحليين والأجانب الذي بلغ تعدادُهم البشري نحو 40 ألف مقاتل مدعَّمين بأفضل التجهيزات الحربية والعسكرية المتطورة.
الحديدةُ المحافظةُ الذي استضافت على مدار 6 أشهر أكبرَ المعارك ضراوة وفداحة منذ انطلاق العدوان لا زالت عصيةً على أن تكونَ ضمن قائمة المحافظات التي تخضعُ لسيطرة التحالف الأمريكي السعوديّ الإماراتي، فرغم حجم التحضيرات والانخراط الأمريكي المباشر، لكن حملة الهجوم التي نفّذتها الإمارات “حرفياً” فشلت وارتطمت بجبلٍ من الخسائر الباهظة وانتهت بنتائجَ هزيلة وإنجازات لا ترقى إلى مستوى ما تم التخطيطُ له “فلا تمت السيطرة على الميناء ولا المطار الدولي”، فقط مجرد شبكة من الاختراقات الميدانية والممتدة طول خط الساحل الغربي إلى تخومُ مدينة الحديدة وهي اختراقات إذَا ما قيمت بالحسابات العسكرية فهي لا وزن لها على الواقع العملياتي والاستراتيجي بصعيد المعركة.
الهزيمةُ العسكريةُ لتحالف العدوان واستحالة الانتصار بمعركة الحديدة كانت هي الحقيقة التي سلّم بها تحالفُ العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي والذي كان لها السبق بأن يجر هذا التحالف المعركة إلى مشاورات ستوكهولم علّه يحقق أهدافه // بالمضمار السياسي // لكن لا نجاح يُكتب وما حصل كان اتّفاقٌ إنْسَانيٌّ يتضمَّنُ عدةَ بنود تتمحوَرُ بإطارها العام على إخراج الحديدة من دائرة الصراع والانسحاب منها وطبعاً هذه كانت الجزئيةَ الأصعب على تحالف العدوان، إذ أنها لم تواكب تطلعات مخطط أهدافه الذي ينشُدُ تحقيقَها.
وبناءً على ذلك فهو لا زال منذ أسبوع وإلى اليوم على انطلاق الهُدنة بالحديدة غير ملتزم تماماً ببنود الاتّفاق وتثيبت وقف إطلاق النار مستمرّ في خروقاته وتصعيداته رغم تواجد رئيس البعثة الأممية المعنية بالمراقبة وتنفيذ بنود الاتّفاق الجنرال باتريك كاميرت الذي وصل الحديدة يوم الاثنين.
لهذا لا نستطيعُ أن نتوقعَ ما قد يفضي له اتّفاقُ الحديدة وما قد تقدمه البعثةُ الأممية في صعيد إنجاحه؛ كونه اتّفاقاً على كنزٍ استراتيجي اسمُه الحديدةُ الذي تُعْتبَرُ من منظور أطماع ومصالح من القطب الأمريكي والإسرائيلي أحد أهم الأهداف الذي علقوا آمالهم على تحقيقها في ظل حملة العدوان على اليمن.
وعليه فالتوقعات هنا لا تتجاوزُ سقفَ أن أمريكا ووكلاءَها السعوديّة والإمارات قد لا تلتزم بالاتّفاق وإن التزمت فسكون التزاماً منقوصاً يهدفُ إلى إطالة أمد الاتّفاق في حين تبقى النار مشتعلةً.
لذا ما علينا سوى الترقُّب والترصُّــد، فاتّفاقُ الحديدة هو اختبارٌ للنوايا والبعثة الأممية لديها 30 يوماً لتنفيذ الاتّفاق وترسيخ السلام، وعلى ضوء ما ستقدمُه في هذه الفترة ستتضحُ الصورةُ النهائيةُ لمصير هذا الاتّفاق والذي نتمنى فعلاً أن يصل لضفة النجاح.