أنصار الله في الميزان العدل .. بقلم/ محمد عزالدين الحميري
من وجهة نظري: استطاعتْ جماعةُ أنصار الله منذ وقت مبكرٍ أن تقرأ التأريخَ اليمنيَّ بشكل واعٍ وتستفيدَ من الأحداث والتجارب ذات الصلة بالدول والشعوب وأسباب السقوط وعوامل النهوض محلياً وعالمياً وربط ذلك بالسُّنن والنواميس في الكون والتعامل مع ذلك ومختلف سياسات صُنَّاع القرار العالمي من خلال منهجية قويمة والعمل تحت قيادة حكيمة مسؤولة..
وقد مكّن هذا أنصار الله من إحراز العديد من الإنجازات على صعيدهم كمشروعٍ وعلى صعيد المشروع الوطني الجامع، وقد برز هذا بشكل واضح في ظل العدوان والدور الذي لعبته الجماعةُ سياسيّاً وعسكرياً وأمنياً، وما تحقّق من منجزات لا يُستهانُ بها في تلك الجوانب، وفي سبيل بناء الدولة، وفي مقدمة ذلك العملُ -الذي لا يزالُ- على التحرّر من الوصاية الخارجية والوقوف في وجه كُـلّ المؤامرات بجدارة ولو بشكل تدريجي؛ نظراً لحجم التركة الثقيلة التي خلّفها حكامُ الأمس وَلا بد من تجاوزها وفقَ سياسة فقه الممكن والمتاح..
الاعترافُ بهذا شيء لا بُدَّ أن يقالَ كمدخلٍ لتحقيق تطلعات كثيرة في إطار مشاريعنا كأحزاب وجماعات وفي إطار المشروع الوطني العام.
فمن يريد أن يتواجدَ بشكل صحيح في الواقع ويتطلعَ لتحقيق استقامة الحياة بين مختلف مكونات المجتمع.. لا بد أن يعرفَ ما يدورُ في واقعه من أحداث بوعي وبصيرة ويتعامل مع ذلك بالشكل الذي يضمن تعايُشَه مع الآخرين وحصولَ التعاون والتواصل الإيجابي، وكلٌّ يُبرِزُ مشروعَه ويقدم برامجَه للشعب وإنْ كان هناك مَن تنافُسٌ فليكن ولكن فيما فيه خدمةُ المجتمع والارتقاء به وكُلٌّ من موقعه..
قلتُ ولازلتُ أقولُ: حينما ندعو لإعادة قراءة المشهد في اليمن والتعامل مع جماعة أنصار الله بعيداً عن تلك النظرة السوداوية -ولا مانعَ من النقد البنّاء بعدل وإنصاف- فدعوتُنا هذه من منطلق الدفع بالعقل إلى بناء تصوُّراته على أُسُسٍ صحيحةٍ ومن أجلِ الإسهامِ في التسريع بعملية الحل وحصول التفاهم والتقارب والحوار بيننا كيمنيين فيما يلزم، والتمسك باستمرار التعامل مع الجماعة من منطلق تصوّرات خاطئة يمثلُ عائقاً كبيراً أمام أية تطلعات منشودة في إطار التصالح وتجاوز مختلف الأزمات، وللأسف فهذا التوجه الذي يرادُ له أن يظلَّ على هذا النحو تقفُ وراءه أنظمةٌ ومخابرات خارجية معروفة.
بشكل عام: كلنا معنيون بإفساح المجال للعقل لإحداث مراجعات داخلية فيما بيننا بعيداً عن إملاءات الخارج الذي يقفُ وراء ما نعانيه اليومَ من تركة عويصة على كُـلِّ الأصعدة، وهي نتاجُ عقود زمنية طويلة ولها أسبابُها المتداخلةُ وأهدافُها المشؤومة.
ومما يُذكر.. أن هناك تجاوزاتٍ وأخطاءً معيَّنةً في مسيرة أنصار الله وهم بحاجة إلى إحياء ثقافة المكاشفة الداخلية والتقييم المستمر للذات، وكما يحرصوا على الإصلاح المجتمعي عليهم أن يركّزوا على الجانب الداخلي والتصحيح والتجديد وهكذا، ومتى وُجد التوجه الصادق للتغيير نحوَ الأفضل سيكونُ الأحرارُ من مختلف التوجهات إلى جانبهم وخَاصَّـة في إطار المشروع العام “مشروع بناء الدولة” الذي نطمح أن يفسح المجال فيه لكل المخلصين من أبناء اليمن، والدعوةُ ستظلُّ ساريةً لكل من يقفُ في صف العدوان أن بلادَهم في انتظارهم للشراكة الحقيقية والعمل على النهوض بها ولكن حال عادوا إلى رُشدِهم وتخلّوا عن قوى العدوان.