الشهيد.. مثاليةٌ في الوجدان، امتنانٌ يتوّجُه الأمان .. بقلم/ إبراهيم الحمادي
بمناسبة قدوم الذكرى السنوية للشهيد تكونُ مقاربةُ الصورة التي بات يجسِّدُها الشهيدُ في الوجدان، وذلك ضمن صورة مثالية أوسع جسّدها الشهيد الذي لبّى داعي الجهاد، وكان له الحضور في الوجدان الوطني الإيْمَاني اليماني، واليمن في هذه الأيام تعيش الأمن بامتنان كبير للشهيد، واطمئنان كامل إلى ما أنجزه وسطّره بحبر من الدم، وقلم من البندقية، ومعادلات المُسير والصاروخية، وثقافة جهاد خير البرية، في بلد ينعم بأقصى ما وصل إليه العالم من قُـــوَّة التلاحم الشعبيّة، وهو أَكْثَــر أماناً واستقراراً مُنذُ تسلَّمَ أبناؤه الأحرار المسؤولية، بشعبه الذي تجلد بالصمود والإباء وكانت المظلومية.
وقبل حلول الذكرى السنوية للشهيد، لا ننسى قائدَ الشهداء السيد حسين بدر الدين الحوثي، ذلك الذي لم تُزهق روحه الطيبة لأجل منصب أَوْ مال، ولم تغُره دعوات أهل الرذيلة، تنفس العزة، ورسم طريق الهُوية الإيْمَانية، ودرب المسيرة القُــرْآنية، الذي لم تسِل لتحقيق ولو بحرفٍ واحد قوى الإجرام الداعشية التكفيرية، وإنما تمت خُطاها بحكمة الشَّهِيْــدِ القَائِـدِ رضوان الله عليه، الذي امتلك من الرؤية والحكمة اليمانية والطيبة والهمّة والعزيمة ما هو أمضى من السيف وأقوى من المدافع، وبه استطاع أن يوحّد قلوب أمة بالثقافة القُــرْآنية، وضع لهم الغاية قبلَ أن يرفع الراية..
وفي بلد الحكمة والقيادة الرشيدة، والتضحية عزةً وكرامة، الشهيد الصمّاد عنوان الشهامة، فتكون قيمة الروح والدم فوق أن تُقدّر بثمن والتكلفة المعنوية لسقوط أحد قيادات الوطن، أثناء أداء واجبه ودفاعاً عنه لا يمكن مقارنتها بأية تكلفة، استُشهد في ميدان الشرف بين الكرام العيون الساهرة في أرض السماحة والشهامة والكرم، تهامة الخير في الساحل الغربي ساح اللقاء لأشرف من عرف بتأريخ اليمن، ولا ننسى الجميع جميعهم ذادوا وهبوا واستجابوا والنصر كان بفضل التضحيات التي سطروها بدمائهم الزاكيات، ملامحهم حيثُ تظهُر بين سطور وصاياهم، فيفوح منها عبق الإيْمَان والولاية والجهاد واليقين من النصر بتحقيق إحدى الحسنيين.
وقد جُعل من الذكرى السنوية للشهيد، ذكرى تخليد تلك التضحيات الجسيمة التي من الطبيعي أن يكون شعب يمني هُويتهُ إيْمَانية، ثقافته قُــرْآنية مُتقبلاً لها ومستعداً لتقديمها بسخاءٍ وفداء، مُفتخراً بها، فقد استلهم من كربلاء معنى الشهادة والوفاء، حيثُ وأنت ذاهباً إلى روضات الشُهداء ترى تنظيم قبورهم في أشكال هندسية جميلة تُحاكي جمال تصورنا لهم، وجميل فعلهم، وخيالنا البشري عن فراديسهم العلوية التي يقيمون فيها، في رياض الشُهداء راحة نفسية وجمالية تُحطم فكرة الموت وتُزين معنى الخلود الأبدي.. زهورُ تُسقى بماء الامتنان، وبالعنفوان لن ينسى تراب اليمن ولا شعبها ولا تأريخها تلك التضحيات الجسيمة التي لو لم يقدمها الشُهداء لضاعت اليمن كلها في غياهب الجماعات التكفيرية الأمريكية الصهيوسعوديّة، ولخرجت من هُويتها الإيْمَانية وتجردت من تأريخها وتراثها الإيْمَاني الإسلامي، إذاً إنه ليس أسبوعاً للشهيد فقط، بل كُلُّ أيامنا للشهيد الذي حمل روحه الزكية بين أكفّه ليبذلَها رخيصةً للدفاع عن بلدٍه الذي جعلته يؤمن أن دماءه التي تسيل للدفاع عن بلده إنما تسيل لصدق القضية، وفي رياضهم تنعكسُ وطنيتها على العكس من دعايات قوى العدوان التي تسعى لتصوير المعركة الوطنية التي يخوضُها الشعبُ اليمني مُنذ أربعة أعوام كحربٍ طائفية أَوْ مناطقية، يتجلى بوضوح البُعد الوطني للمعركة التي يخوضها أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، رياضُ أحياء لا مقابر أموات، أحيوها بالعزة والشهامة، وارتوت بدمائهم الزكية لتُمر بزهور الإنسانية، والتحرر من القوى الشيطانية، فالشهداء “أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”، استشهدوا دفاعاً عن القضية، والتحرر من الارتهان والعبودية لقوى الإجرام الوهّابية، والدفاع عن المستضعفين وعن وطنهم من جيوش ملوكِ العهر والجيوش المُرتزقة والاستعمارية.
ووفاءً لتضحيات الشهداء، يستدعي من الجميع تحمُّلُ المسؤولية، والاهتمامُ بأسرهم كما وجه قائد الثورة، لا تبخلوا عن الشهداء فإنَّ اهتمامكم بأُسَرِهم هو اهتمامٌ بهم، فقد كانت أنفسهم عفيفة، صبروا أياماً قصيرةً عقبتها راحةٌ طويلة، تجارة مربحة يسّرها لهم ربهم، أرادتهم الدنيا فلم يُريدوها وأسرتهم ففدوا انفسهم منها.
فهنيئاً لهم العروج إلى الملكوت الإلهي الخالد، فإن كتبنا عنهم لا نستطيع إيفائهم حقهم، فستمتلئ المُجلدات والمكتبات، وتتواضعُ الأقلام ويجف مدادُها خجلاً أمام عظمتهم، عرفوا الحق فعززوه بشجاعتهم وثباتهم وصمودهم ورفضهم للذُل، عرفوا الدنيا لكنها لم تأسرهم بِحُبها فأعرضوا عنها طائعين لله، موالين خير البرية، فأحياهم الله في كتابهِ العزيز الكريم (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا، بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)، فهنيئاً لهم ولمَن سار على دربهم، والسلام عليهم وعليكُم شعبَ الحمية، متمايزاً عما حوله من مشيخات تحتمي بمظلة أمريكية إسرائيلية.