ثورة 21 سبتمبر تنتصر لثورتي سبتمبر وأكتوبر وتعيدُ الاعتبار للشعب اليمني .. بقلم الدكتور/ محمد إبراهيم الهادي
رغم مرور أربعة أعوام على ثورة 21 سبتمبر التي تعد الثورة الشعبيّة الأولى في الوطن العربي، حيث جاءت علَى أكتاف الجماهير ولم تكن انقلاباً قام به العسكر كما اعتادت الشعوب العربية خلال أكثر من سبعين عاماً وتحديداً منذ قيام أول انقلاب عسكري في سوريا في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي بقيادة حسني الزعيم، ثم توالت بعده الانقلابات العسكرية في العديد من الدول العربية، حيث بعضها انقلب على الأنظمة الملكية وأخرى انقلبت على بعضها لتستبدل نظام جمهوري بجمهوري مثله، وتدّعي أنه أفضل مما سبق.
والآن الثورة الشعبيّة في اليمن قد غيّرت هذه المعادلة وأثبتت أن الشعوبَ قادرة أن تقومَ بالتغيير ويكون لها في النهاية الكلمةَ الفصلَ، لكن لأن هناك مَن لم يقووا على الاعتراف بهذه الحقيقة؛ كونها هزيمةً لهم ولتوجهاتهم فإننا نجد البعضَ ممن لا يزال في قلوبهم مرض وتحمل أنفسهم حقداً دفيناً ضد من يختلفون معهم فكراً ومذهباً ينظرون إلى ثورة 21 سبتمبر الشعبيّة 2014م على أنها انقلاب وإلغاء للآخر.
متجاهلين هؤلاء حقيقة هذه الثورة التي جاءت أساساً مصحّحة لمسار الثورة الأم (سبتمبر)، والعمل على تحقيق أهدافها الوطنية الستة التي تم إعلانها قبل أكثر من خمسين عاماً، ولم يكتب لها الترجمة الفعلية على أرض الواقع ومتجاهلين أيضاً حقيقة ما أتت به ثورة 21 سبتمبر في نفس يوم قيامها من اتّفاق السلم والشراكة الوطنية الذي أبقى الخائن الله والوطن والشعب (دنبوع الخيانة) المنتهية شرعيته وتضمن تشكيل حكومة شراكة تمثلت فيها كُــلّ الأطراف السياسيّة بمختلف تناقضاتها السياسيّة ما عدا أنصار الله صاحب المصلحة الأولى في الثورة الشعبيّة حيث لم يشارك في الحكومة تجنباً لاتّهامه بأنه استولى على السلطة بالقوة، كما يحلو للبعض أن يقول، إذن فثورة 21 سبتمبر والتي انتصرت لثورتي
26 سبتمبر و14 أكتوبر لم تقم ترفاً بهدف خلط الأوراق السياسيّة في اليمن، ولم تقم من أجل الاستحواذ على السلطة وإلغاء الآخر، كما فعل الإخوان المسلمون فيما عرف بثورات الربيع العربي عام 2011م والتي تحولت إلى خريفٍ مُبكر ثورة 21 سبتمبر 2014 م أملتها الظروفُ الموضوعية كضرورة حتمية من أجل إنقاذ الشعب بأكمله من سيطرة الخارج على قراره السياسيّ والاقتصادي وحتى الاجتماعي وفرض الوصاية عليه، وكأنه لم يشب بعد عن الطوق وفي نفس الوقت قامت لتصحيح كما أشرنا آنفاً لمسار الثورة الأم التي تم الالتفافُ على مبادئها وأهدافها العظيمة بعد أيام قليلة من قيامها لتتحول الساحة اليمنية بعد ذلك إلى ساحة صراع لتصفية حساباتٍ إقليمية ودولية دفع اليمنيون ثمنَها غالياً حتى اليوم.
وَعليه ما يجعلنا نستذكر ما لثورة 21 سبتمبر من قيمة عظيمة أعادت الاعتبارَ للشعب اليمني وجعلته يستيقظُ من سُباته العميق الذي استمر لأكثرَ من خمسين عاماً وقراره السياسيّ رهنَ الخارج؛ ولذلك أن الزلزال الذي أحدثته ثورة 21 من سبتمبر والتي رفعت شعار (التحرير من الوصاية الخارجية) قد أجبر تلك الدول التي اعتادت على التدخل في الشأن اليمني وعلى رأسها السعوديّة وأمريكا والصهيو إماراتي لتقوم بشن عدوانٍ ظالم على اليمن وشعبها العظيم بعد أن وجدت بأن مصالحها التي كانت تعتقد أنها لن تتحقّق في اليمن إلا من خلال السيطرة على قراره السياسيّ وفرض على رأس الحكم عُمَلَاء ومرتزِقة محليين ينفّذون لها أهدافها بالطريقة التي تريدُها الدول المتدخلة، وليس من خلال إقامة علاقات ندية مع شعبٍ يُعتبَرُ بالدرجة الأولى العمقَ الاستراتيجي لدول الجزيرة والخليج؛ ولأن هذه الميزة التي كانت تتمتعُ بها الدولُ المتدخلة في الشأن اليمني لا سيما أن السفيرَ السعوديّ ونظيره السفير الأمريكي كانا يتصرفان وكأنهما صاحبا القرار في اليمن بدليل أن السفير الأمريكي قال أثناء مغادرته للعاصمة صنعاء بأنه لم يعد لنا شيءٌ نفعله.. فخاب أملُ الأمريكي ومن بعده السعوديّ..
وها هي اليمن تتحقّق قرارَها السياسيّ بعيداً عن كُــلّ التدخلات الخارجية، وسيأتي اليوم الذي تحقّق فيه كُــلّ السيادة وتبسط كُــلّ السيطرة على مختلف الأراضي اليمنية، وتكون بذلك ثورة الـ21 من سبتمبر هي من نفّذت أهداف الثورة السبتمبرية والأكتوبرية..
وأملنا بعد الله في الجهود رجالنا الأبطال الأشاوس.. الذين استقبلوا العام الجديد2019م بمعنويات عالية ورباطة جأش وقوة إصرار علَى دحر الغزاة والمرتزِقة واجتثاثهم من علَى أرض الوطن يواصلون في عامهم الجديد تسطير أروع الملاحم البطولية في ميادين الشرف والفداء بتوجيه الضربات الموجعة للغزاة والمرتزِقة وسيجرعونهم الهزائمَ تلو الهزائم ويكبّدونهم خسائرَ فادحة في الأرواح والعتاد والسلاح ردا علَى عدوانهم واعتداءاتهم ومجازرهم بحق المدنيين الأبرياء.
2019 عامٌ سيكون عليهم بإذن الله أنكى وأشد من الأعوام السابقة إنْ لم ينصاعوا للسلام.
وما النصرُ إلا من عند الله..، والبادئ أظلم.