مكافحة الفساد لا تقل أهميّة عن جبهات مواجهة العدوان .. بقلم/ صادق الغيثي
واحدٌ من أهم أسباب عدوان التحالف السعوديّ الأمريكي هو أن ثورة الـ 21 من سبتمبر ثورة شعبية حقيقية قامت للقضاء علَى البنية السياسية المصنعة لإدارة اليمن بالأزمات والفساد المولد لكل الشرور وفي مقدمتها بالطبع الارهاب..، وتحرير القرار السيادي اليمني من الهيمنة والتبعية الخارجية والوصاية السعوديّة وبناء دولة مستقلة تملك قرارها الوطني.
لهذا لم تعتمد القوى الخارجية علَى أدواتها الداخلية بعد أن راهنت عليها مراراً، بل اجتمعت لتشن حرباً عدوانية قذرة علَى الشعب اليمني وثورته الفتية التحريرية ضد قوى العمالة ومراكز الفساد التي لم تكتفِ بنهب مقدرات اليمن وثرواته وتقاسمهما مع أسيادها في الخارج، بل باعت اليمن بالمفرّق والجملة لتترك ما تبقى منه ينهش علَى موائد اللئام من بني سعود وزايد.
ليجد اليمنُ واليمنيون أنفسهم أمام خطر وجودي مجسد اليوم بعد أربع سنوات من العدوان بتقاسم قوى الغزو والاحتلال مناطق الثروة والأراضي اليمنية وفقاً لمتطلبات مخططات القوى الكبرى بما يلبّي الأجندة الصهيونية.
ومن هنا فإن أُسُس الشرور هو الفساد الذي سعى لتدمير المنظومة القيمية الأخلاقية الوطنية حتّى يصبح الفساد ظاهرةً سائدة وليس كما هو ظاهرة شاذة مقيتة.
وفي هذا المنحى يمكن القول إن تدميرَ المباني والطرقات والبُنَى التحتية والمنشآت بالحروب العدوانية كما هو الحال اليوم يسهل إعَادَة بنائها، ولكن إعَادَة بناء الإنْسَان هي من أصعب المهام أمام أية قوى وطنية مخلصة، ما لم تكن هناك ثورة حقيقية تتجاوز الشعارات إلى إحداث تغيير جذري في الواقع.
وحتّى لا يتحقق هذا عملت قوى الفساد الداخلي مع قوى الهيمنة الخارجية علَى شن العدوان علَى اليمن ربيع 2015 م مستثمرين ما عملوا عليه لعقود من الزمن من تدمير وعي نفسية الإنْسَان اليمني، متوهمين أن عدوانهم لن يأخذ أكثر من أيام وأسابيع في أسوأ الأحوال، غير مستوعبين أن شعباً حضارياً عريقاً وعظيماً يصعُبُ تدميرُ وعيه وروحه الوطنية الخيّرة القادرة ليس فقط علَى مواجهة العدوان وإنما الانتصار عليه طال الزمنُ أم قَصُرَ.
وهذا هو الدرسُ الأهمُّ الذي ينبغي استخلاصُه من قبل أولئك الذين وقعوا في مؤامرة تدمير اليمن وتقسيمه تحت عناوين وشعارات المشاريع الصغيرة المناطقية والجهوية والطائفية ولم تفسد حتّى النهاية عقولهم وهو ما نجده في صحوة ضمائرهم وإدراك حقيقة الحرب العدوانية العسكريّة والسياسية والاقتصادية علَى وطنهم وشعبهم.
هذه الصحوة قد بدأت وإن شابها عدمُ الوضوح الذي نفهمه من بقايا الخلط بين من يدافع عن وطنه وحريته واستقلاله وبين معتد مجرم هدفه تدميرُ اليمن وإبادة كُـلّ اليمنيين ليتسنى له تفريغُ شحنات حقده علَى شعبنا وتحقيق مصالحه الاستعمارية الاحتلالية التي نرى اليوم مقاومة حقيقية في المحافظات التي وطأتها أقدام الغزاة الجدد الذين لم يكتفوا بما أفسده الدهر من نفسيات ارتزاقية وبجيوشهم الكرتونية بل استجلبوا شركات الارتزاق الإجرامية لقتل اليمنيين.
ويبقي التأكيد هنا أن علينا أخذَ الفساد بمفهومه الواسع حتّى نفهم بأن مكافحة هذه الآفة لا تقلُّ أهميّةً عن جبهات مواجهة العدوان الغاشم لم تكن في مقدمتها !!!