ثورات الشعوب تنهض من جديد.. لماذا السودان؟ بقلم/ رُبَى يوسف شاهين
كثيرةٌ هي ارتداداتُ السياسات الخاطئة إنْ كانت الداخلية لبلد ما أَوْ الخارجية، وتختلف نتائج هذه الارتدادات وفقاً لحجم الأخطاء التي بدورها تتباين بين أخطاء بسيطة وأخرى قد تكون نتائجها مدمرة.
ما يحدث على الساحة العربية من مشاهد لثورات الشعوب كما في السودان، الذي يعاني من ويلات الانقسام والاقتتال منذ 2011 حيث الربيع العربي المزعوم، والذي أوجدته أمريكا، كانت نتائجه عليه باتّفاق مع دول عربية ساهمت في انقسام هذا البلد الغني بثرواته، ليتم تقسيمه إلى دولة شمال ودولة جنوب، ولتكون الجهة القائمة على فعل تقسيمه لها اليد على الجزئيين الشمالي وَالجنوبي، فتتحكم في الصراع الدائر للسودان، حيث مسالة النزاع على موارد النفط فيه جعلت هذا البلد ينقسم بفضل دعم الجهات التي لها المصلحة في هذا الخراب وتقديم الدعم للمتمردين.
قُسم السودان، ولكن أمريكا وحلفاؤها لم يكفيهما الأمر، لتندلع ثورة على الرئيس البشير وحكمه والذي يعرف بموالاته وتنفيذه لإملاءات الغرب، وَما يحدث على الأرض ما هو إلا تبعات هذه السياسات الخاطئة الخارجية والتي لا تنفصل عن الداخلية لأي بلد، فالمعلوم أن الاستقرار الاقتصادي لأي بلد يأتي من استقراره السياسيّ، لأن في عرف الحروب منهجية تدمير البنى التحتية أساس أي حرب.
ما من بلد وإن كان في الغرب، بمنأى عن الأخطاء بكل أنواعها، ولكن أن يكون الخطأ في السياسة الداخلية للاقتصاد ويصل إلى مرحلة التدهور الاقتصادي، فهذا سبب كفيل في الحراك الشعبي، فلقمة العيش والمطالبة بحقوق الفرد لاستكمال حياته بالشكل اللائق، مطلب للجميع وعلى جميع الحكومات العمل على تحسين مستوى دخل الفرد ليشعر المواطن بأن حقوقه مصانة، لكن المنهجية التي تتبعها دول الغرب هي الانقضاض على ما يشكل الشعلة التي ستفجر الوضع في أي بلد، وَلتبدأ المنظمات والحركات المسلحة بالتغلغل لتتمكّن من زعزعة الوضع الأمني واستمرار حالة الغضب في شوارع السودان، والتي تطالب برحيل الرئيس البشير لفشله في أداء مهمته.
الشعب السوداني بهذا الحراك الشعبي يعبر عن غضب سياسات حكام لم يستطيعوا تأمين ما يسعى إليه أي فرد في حياة يستطيع بها تأمين المستوى اللائق لأفراد عائلته، والتي تذهب إلى الذين ليست من حقهم.
في المقلب الآخر، أمريكا وَعبر مندوبتها في مجلس الأمن هايلي صرحت “بأن خطة السلام سترسم خريطة للطريق مختلفة عن كُـلّ ما سبقها”، فالهزائم التي منيت بها أمريكا وحلفاؤها في تثبيت أقدامهم في سوريا، وأن الخسارة في ميزانية واشنطن بلغت حدود غير مقبولة، لذلك لابد من تغيير الخطة، والاتّجاه نحو انتهاز الأخطاء التي يرتكبها ممثلو الشعوب، والتي هي بصناعتهم وعروضهم، لتبدأ اللعبة الأمريكية الجديدة، ليكون المواطن العربي هو الشعلة التي ستمهد لهم ترسيخ خيوط لعبتهم، إن كان في صنع القرار أَوْ استحلال الأرض؛ لتنفيذ مُخَطّطات أبعد مما نتوقع، والتي تصب حتما في مصلحة الإمبريالية الاستعمارية الصهيو أمريكية، وَلعل القادمَ من الأيام سيشهد ثورات أمريكية من نوع آخر، لننتظر.