قاصف لا تخضع للضغوط بل غريفيث .. بقلم/ إبراهيم السراجي
ثمّة اتّفاقٌ بوقف إطلاق النار في الحديدة بموجب اتّفاق السويد، يتعرّضُ للاختراق بشكل يومي من قبل العدوان ومرتزِقته، وإدَانَةُ مثل هذه الاختراقات يعد أمراً طبيعياً، أما أن تُدانَ عمليةُ طائرة قاصف في قاعدة العند بمحافظة لحج ويجريَ اعتبارُها خرقاً للاتّفاق فهذا الأمرُ خارج المنطق لكنه يعطي الكثيرَ من الدلالات والاستنتاجات ويعبّرُ عن أهدافٍ غير ظاهرة.
أن يُصدِرَ السفيرُ البريطاني إدَانَةً للعملية فهذا يأتي أولاً في سياق أن بريطانيا جزءٌ رئيسي من القوى الغربية المشاركة في العدوان، وثانياً وهو الأهمّ أن الدولَ الغربيةَ ودولَ العدوان تحاولُ أن تشكّلَ ضغطاً كبيراً على قُــوَّات الجيش واللجان الشعبيّة وجعل الأخير تحسبُ حساباتٍ صعبةً لأية عمليات مماثلة؛ نظراً لخطورة هذا السلاح “طائرة قاصف” على قوى العدوان ومرتزِقتها وقدرتها على ملاحقة كبار قادة الغزاة والمرتزِقة والإطاحة بهم، غير أن الرهانَ هذا سَرعانَ ما أظهر عدمَ جدواه فلم تمضِ سوى ساعات على تلك الإدَانَة إلّا ونفّذ سلاحُ الجوّ المسيّر عمليةً مماثلةً استهدفت قادةَ الجيش السعوديّ في عسير وأطاحت بعدد منهم وأرسلت العمليةُ رسالةً للعدوان وداعميه بأن الضغوطَ لن تجديَ نفعاً طالما استمرَّ العدوان.
أما تعبير المبعوث الأممي مارتن غريفيث عن قلقه إزاءَ ما وصفه بتصاعُدِ العنف على خلفية عملية قاعدة العند فهذا أَيْضاً يأتي في سياق تواطؤ الأمم المتحدة مع العدوان على مدى أربعة أعوام مضت، ومن جانب آخر، إسهاماً من المبعوث الأممي في الضغوط على قُــوَّات الجيش واللجان الشعبيّة وهو -كما أسلفنا- أسلوبٌ لا يجدي نفعاً ولن يحقّقَ للعدوان ما يريد، بالإضافة إلى كون الموقف انحرافاً من المبعوث عن مهمته بعدما أظهر حياداً نسبياً مقارنةً بسلَفه ولد الشيخ، وهذا سيؤثر على مهمته في المرحلة القادمة وعلى حياده، خُصُوصاً أنه عندما سُئل عن حدوث اختراقات لوقف إطلاق النار في الحديدة قلّل من خطورتها، ناهيك عن تجاهُلِه لتصعيد العدوان في كافة الجبهات واستمرار جرائمه بحق المدنيين.
المثيرُ للسخرية أن وسائلَ إعلام العدوان اعتبرت عمليةَ قاعدة العند تهديداً لأجواء السلم والعملية السياسيّة في اليمن في ذات الوقت الذي كانت تبُثُّ تلك الوسائلُ أخباراً عن هجمات المرتزِقة في مختلف الجبهات وتبُثُّ أخبار الغارات الجوية.
في المقابل لم تخضعْ قُــوَّاتُ الجيش واللجان وسلاح الجوّ المسيّر لتلك الضغوط، بل على العكس جاء الردُّ عملياً بتنفيذ عملية مماثلة في عسير، وكذلك على لسان كبار القادة العسكريّين بأن العملية فاتحةٌ لعمليات نوعية ترسُمُ ملامحَ المواجهة خلال العام الجديد 2019 الذي سيحملُ للعدوان الكثيرَ من المفاجآت الصاروخية والجوية وغيرها، غير أن ما أدركناه من الضجة التي أوجدها العدوان وداعموه حول عملية العند أن العمليةَ حقّقت نجاحاً كبيراً وفاجأت العدوّ بل وجعلته يدرك صعوبةَ المواجهة في قادم الأيّام في ظل تطوّر قدرات اليمن العسكريّة رغم الحصار المستمرّ منذ أربعة أعوام.