التسبيح تنزيهُ وتقديسُ الله عما لا يليق به أو يتنافى مع عدله وكماله
بسم الله الرحمن الرحيم..
اللهم صلِّ وسلِّمْ على سيدنا محمد وعلى آله.
قبل أن نبدأ بالدرس، بعضُ الشباب قدّم سؤالاً حول معنى التسبيح في الصلاة: (سبحان الله العظيم وبحمده.. سبحان الله الأعلى وبحمده).
التسبيح في الصلاة جاء في القيام، في الركعتين الأخيرتين، وفي الركوع، وفي السجود.. ويدل ذلك على أهميّة التسبيح، وعلى حاجتنا نحن، حاجتنا نحن البشر إلى تسبيح الله سبحانه وتعالى.
تسبيحُ الله معناه: تنـزيهُه وتقديسُه.. تنـزيهُه عما لا يليق به، تنـزيهُه عن نسبة أي شيء إليه يتنافى مع عدله، وكماله المطلق سبحانه وتعالى، يتنافى مع حكمته، مع رحمته، مع عظمته وجلاله.
التسبيحُ يمثِّل قاعدة مهمة، ومقياساً مهماً جداً؛ لذلك كان من المهم أن يتكرر في الصلاة التي تتكرر هي في اليوم خمس مرات، وأمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بتسبيحه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} (الأحزاب:41 – 42) {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ}(الروم:17).
ووردت أخبار بأذكار معينة: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) روي عن الإمام زيد (عليه السلام) عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) أنه قال في هذه التسبيحة: (أن من سبحها مائة مرة في اليوم دفع الله عنه سبعين نوعاً من البلاء أدناها أَو أهونها القتل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).
التسبيح – كما قلت سابقاً – يُعتبَرُ قاعدةً مهمةً جداً، نكرر التسبيح في صلاتنا، وفي كل أوقاتنا ليترسخ معناه، فتكون نظرتنا إلى الله سبحانه وتعالى نظرة تقوم على أساس تنـزيهه، وتقديسه سبحانه وتعالى؛ لأننا لما كانت إدراكاتنا محدودة، وما يمكن أن نتعقّله من الأشياء أيضاً تكون إمكانية التعقل لدينا محدودة أيضاً، وأفعال الله سبحانه وتعالى قد يكون هناك أفعال من أفعال الله، شيء من مخلوقات الله سبحانه وتعالى لا نفهم نحن وجه الحكمة فيها، لا ندرك نحن الغاية من فعلها، أَو من تشريعها، أَو من خلقها، فإذا ما كنا نستشعر دائماً تنـزيه الله سبحانه وتعالى في ذاته وفي أفعاله، وفي تشريعاته، فستكون هذه القاعدة هي التي تحافظ على سلامة إيماننا بالله، وحسن ظننا به، واستمرار إيماننا بنزاهته، وقدسيته سبحانه وتعالى.
وما أكثر ما نجهل من الأشياء في مخلوقات الله، وفي تشريعات الله، ما أكثر ما نجهل وجه الحكمة فيها، أَو إدراك الغاية منها، ولكننا نقطع بأن الله سبحانه وتعالى ما دام وقد ثبت أن هذا فعله فهو الحكيم الذي لا يفعل إلا ما فيه حكمة، ونقطع فيما ثبت لنا من تشريعه وهدايته مما لا ندرك وجه الحكمة فيه: أن الله لا يشرِّع إلا تشريعاً فيه حكمة، فليس هناك عبث في أفعاله، ليس هناك تلاعب في أفعاله سبحانه وتعالى، هو الحكيم.
التسبيح لله سبحانه وتعالى أيضاً أمام ما نسمع من هنا أَو هنا من مقولات تنسب إلى الله سبحانه وتعالى.. فنحن سنعتمد على هذه القاعدة، وسيتجلى لنا من خلالها بطلان ذلك القول، أَو تلك العقيدة؛ لأنها تخالف ما يجب علينا أن نحكم به، ونعتقده، وننطق به من تنـزيه الله.