بين الراشد وسيده .. بقلم/ أحمد الحسني
التيامُنُ لدى العرب هو التسميةُ بضد الحال على سبيل التفاؤل ومن نماذج قديماً تسمية الأعمى بصير والملدوغ سليم ومن نماذجه المعاصرة عبدالرحمن الراشد فمقاله في صحيفة الشرق الأوسط (أسباب ضد انسحاب السعودية من اليمن) يقطع بعبوديته للعدوان وبن سلمان ولا يمُتُّ الى الرشد بصلة، وهو لا يشذُّ بذلك إلا عن اسمه فقط، فسائرُ القطيع الإعلامي في الزار السلماني على ذات الشاكلة، السعوديون منهم والمستأجرون، وكلُّ واحد منهم لا تستحي أن تصفعَه..
بدأ الرجل مقالَه بأن اتفاقَ السويد خطوةٌ كبيرةٌ، مشككاً كسائر القطيع بعدم وفاء الطرف الوطني ومغرقاً في شيطنته، قائلاً: إن وفوا فمعناه أن الحلَّ قريبٌ والحرب ستنتهي.. ثم استطرد على النفيض من ذلك يبرّرُ العدوانَ ويؤكّدُ على ضرورة استمراره، مستفيضاً بطريقة لا تقلُّ فرادةً عن عنوان المقال في شرح المهمة الإنسانية النبيلة التي تقومُ بها المملكة وتحالفها في اليمن والخدمة الجليلة التي تقدمُها السعوديةُ وتحالُفها بهذه الحرب لليمنيين وللمملكة وللأوربيين وللبشرية جمعاء، مبدياً أسفَه الشديدَ بأن الأكثريةَ لا تفهمُ دواعيَها رغم أن الحرب منذ نحو أربع سنوات، حسب تعبيره، مدلّلاً على جمال هذه الحرب ووسامتها بأنها قتلت عشرة آلاف مدني فقط بينما قُتل 600 ألف سوري ومائتي ألف في العراق ومثلهم في ليبيا وفي أفغانستان، مفترضاً أن المملكة لم تقتل أيضاً تلك المئات من الآلاف وأنها تستحقُّ على ذلك شهادةَ تقدير عالمية ويدعو الأكاديمية الملكية السويدية لتقديم جوائز نوبل لسيده بن سلمان وسلاح الجو الملكي ومؤسّسة النقد العربي السعودي وقادة التحالف وله أيضاً على هذا الاستنباط الفذ..
والطريفُ أن الرجلَ وهو يستفرغُ الجُهدَ في تبرير العدوان ويخوّف أوروبا والعالَمَ من وقف الحرب يؤكّدُ جازماً أنه (كان بإمكان المملكة أن تعتبرُ الانقلاب شأناً داخلياً يمنياً) وأنه (بالإمكان أن يستمرَّ الوضعُ بغض النظر عمَّن يحكم صنعاء) وأنه (بمقدور المملكة والإمارات والسودان وبقية قوّات التحالف أن تنسحب من الحرب).
وأفلاطون الراشد بتأكيده هذا ينسِفُ كُلَّ ما تفتقت عنه عبقريتُه من تبريرات للعدوان وتسويغات لاستمرار الحرب، ويعني أن سيدَه حين اتخذ قرارَ الحرب كان غبياً، وأن استمرارَه فيها يجعله حماراً، وبالتالي فإن كُلَّ ما ورد في مقال الراشد ليس فيه تبريرٌ للعدوان ولا يسوّغ استمرارَ الحرب، وإنما يؤكّدُ فقط أن الراشد من فصيلة سيده..
الفرقُ فقط هو أن أحدَهما يدفعُ ليلبس البردعةَ والثاني يتقاضى على ارتدائها أجراً..