شيءٌ لا ينبغي كسرُه .. بقلم/ سكينة حسن زيد
تابعتُ بالأمس الفيلم المصري ” طلق صناعي ” تدورُ أحداث الفيلم داخل السفارة الأمريكية بالقاهرة.. الفيلم يتناولُ فكرةَ الاستعلاء الأمريكي في العالم اليوم وكيف أن العربي صار “كل حلمه” في الحياة هو الحصول على “ڤيزا” لأمريكا مهما كلفه الأمر من تضحيات وإهانات!
في الفيلم شخصٌ اسمه محمد ادّعى أنه تحول من الإسْلَام للنصرانية كي يحصل على الڤيزا، ولكن الموظف لم يصدقه طبعاً وتم رفض طلبه.
أما بطلُ القصة فتظاهر أنه داخل للسفارة لتجديد الحصول على ” ڤيزا” مع زوجته، بينما الحقيقة أنه أراد أن تلدَ زوجته داخل السفارة ليحصلَ المولودُ على الجنسية الأمريكية وعندما حاول أمن السفارة إخراجها من الحمام بالقوة لاشتباههم في تأخرها اضطر أن يستخدمَ سلاحَ أحد رجال الأمن لاحتجاز الجميع حتى تنتهيَ زوجته من الولادة!
وتحول فجأةً إلى “إرهابي”!
بقيةُ الأحداث تتناول الفرق بين تعامل السفير الأمريكي الذي لا سلطة تعلو عليه في مصر بما فيها رئيس الجمهورية نفسه؛ تعامله مع الموقف بحذر واهتمام حرصاً على أرواح الأمريكيين الموجودين بالسفارة.
وتعامل المسئول المصري مع الموقف بعنف وعنجهية وتهور وهذا بطبيعة الحال لعدم حرصه على الأرواح بل اهتمامه بفرض هيبة الدولة فقط.
وهنا التركيز على أحد مآسي المواطن العربي الذي لا تحترم السلطات حقوقه وكرامته وبالتالي بات يحلمُ بالحصول على الجنسية الأمريكية التي يتمتع حاملها حتى وإن كان لا يزال “رضيعاً” بالاحترام والكرامة في بلده أولاً وفي العالم كله ثانياً.
برأيي أعتقد أن السياسة المتبعة لعقود مع ما يسمونه “العالم الثالث” هي زرعُ وتعزيزُ الصراع بين السلطات الحاكمة وبين الشعوب العربية..
فتبقى السلطاتُ خائفةً من شعوبها ومحتاجة للدعم الأمريكي لتبقى على رأس السلطة، وَفي نفس الوقت لا يجد المواطن ملجأ سوى أمريكا أَوْ الغرب من تعسف السلطة أَوْ لتحقيق احلامه البسيطة بحياة كريمة وذلك من خلال حقوق الإنْسَان وقوانين اللجوء وَ…!
وما سياسيّاتُ إفقار المواطن العربي وتعزيز الفساد وخلق أجواء وشخصيات وتيارات وأفكار متطرفة ومتشددة في مواجهة بعضها من جهة ومن جهة أُخْـــرَى لخنق المواطن وكبته أَكْثَر وأَكْثَر وحلمه بالحياة في الجنة الغربية بحرياتها المكفولة وَإلّا جزء من هذه السياسة.
مع أن أي عاقل سيدرك أن الحياة في أمريكا مثلاً ليست جنة!
لا ضمان اجتماعي ولا تعليم جامعي مجاني وأعتقد لا تأمين صحي شامل ولا فرص عمل بدخل لائق متوفرة كما أن الضرائب مرتفعة.
حقيقةً شعرتُ بالأسى حين شاهدت الفيلم لحال العرب ولكني أيضاً شعرت بنوع من الارتياح؛ لأَنَّنا في اليمن هنا قلنا ونقول: لا للاستعلاء الأمريكي!
لا للدوس على كرامتنا، ونعم لوطن نحلم ونريد أن نبنيَه.. وطن لن نفرط فيه ففيه السعادة والكرامة والنجاة.
شيءٌ لا ينبغي أن يكسر وهو إيْمَـاننا بهذا الوطن وأننا نستحقُّ الحياة فيه بكرامة فقط.