في زيارات ميدانية لأسر الشهداء للإضاءة حول بعض جوانب حياتهم:
محطاتٌ مشرقةٌ من مسيرة الشهداء
في ذكرى الشَّـهِـيْـد، يجبُ أن نستذكرَ جميعاً مناقبَهم، وأن نربّي الأجيالَ على أن يكونوا مثلَهم، وأن نتذكّرَ تضحياتِهم وشجاعتهم، ومكانتهم عند رب العالمين، فالشَّـهِـيْـدُ هو الذي يستحقُّ أن نتذكّرَه بجدارة، بكلّ ما في الذِّكْــرَى من معانٍ ساميةٍ، فمَن أعظم منزلةً ممّن يقدّم روحَه دون أن يسألَ جزاءً أَو معروفاً..
سننتقل ونترحل مع شهدائنا العظماء، ونتعرف عليهم أَكْثَــرَ، وذلك من خلال أسرهم الذين تحدثوا بعض الحديث، عاجزين عن وصف عظمتهم عليهم السلام..
استطلاع: المركز الإعلامي للهيئة النسائية لأمانة العاصمة
الشهيد/ صادق المروني.. مثالٌ للأخلاق والتواضع
الشَّـهِـيْـد / صادق أحمد أحمد المروني، رمزٌ للإيثار جسّد كُـلَّ معاني الحرية والنضال، قدم روحه فداءً للوطن تاركاً وراءه ذكرى عطرةً لن تُمحى أبداً من الذاكرة؛ لأَنَّها كُتبت بمداد الدم والوفاء والإخلاص وستظل في كُـلّ قلوب أبناء اليمن.. فهنيئاً لك الشهادة يا أبا مصطفى.
وتحدثت شقيقةُ الشَّـهِـيْـد عن الدافع لانطلاقة الشَّـهِـيْـد قائلة: كان الشَّـهِـيْـدُ منذ صغره يمتلكُ صفاتٍ إيْمَــانيةً؛ لذلك انطلق الشَّـهِـيْـدُ من هذا الدافع الإيْمَــاني والمسؤولية الدينية، وحينما رأى العدوانَ انطلق لإعلاء كلمة الله وإنصاف المظلومين وإحقاق الحق وإزهاق الباطل.
وأضافت شقيقة الشَّـهِـيْـد “بدأ الشَّـهِـيْـدُ -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- التحَـرّكَ في منطقته بجهاد الكلمة والموقف عندما كان يدرس الثانوية وبعد إكمال دراسته الثانوية ذهب إلى صعدةَ بعد الحرب السادسة وأخذ هناك عدةَ دورات وأصبح ثقافياً يثقف المجتمعَ بالثقافة القُــرْآنية، وبعد فترة بسيطة انطلق إلى ميادين الجهاد في عدة جبهات معبر ورصابة وذمار وتعز.
وتحدثت شقيقةُ الشَّـهِـيْـد عن أبرز صفات الشَّـهِـيْـد قائلة: كان الشَّـهِـيْـدُ متواضعاً وذا أَخْلَاق عاليةً وكريماً وشهماً ورحيمَ القلب ولكنه شديدٌ على الكافرين، اسمُه صادقٌ فكان له نصيبٌ من اسمه فهو صادقُ الكلام، وقد لقّب نفسه أبو مصطفى نسبة إلى رسولنا الأعظم المصطفى.
وقالت عن آخر محطاتها مع الشَّـهِـيْـد “كان آخر محطة وداعي له هو يوم زفافي عندما اتصلت له ولم يرد عليّ فأرسلت له بيتين من الشعر عتاباً له؛ لأَنَّه لم يكن يرد عليّ، ثم اتصل بي وهو يسمعني الشعر الذي كتبتُه له ووعدني أنه سيأتي لزيارتي بعد أسبوع، ولكنه استشهد خلال ذلك الأسبوع”.
ثم واصلت أخت الشَّـهِـيْـد حديثَها عن كيفية استقبالها لخبر استشهاده قائلة: عند استشهاد أخي أخبرني زوجي وقال أبو مصطفى ظننت حينها أنه سيقول جاء لزيارتي ولكنه قال استشهد، وأنا قلت له لا هذا كذب هو وعدني أنه سيأتي لزيارتي ولكنه قال لي إنه استشهد وأكّد لي ذلك.. بكيت بكاءً محموداً وصرختُ بصرخة الحق والإباء وحمدتُ الله وشكرته.
كما تحدثت عن وصايا الشَّـهِـيْـد فقالت: كان يوصينا دَائماً بأن ننهجَ نهجَ آل البيت الأطهار عليهم السلام وأن نجاهدَ، ومن وصاياه لأختي أنه قال إن تقبلني اللهُ شهيداً افتخروا واعتزوا ولا تحزنوا؛ لأَنَّي وإن رحلت فسيبقى أثري الطيب.
وكان لأخت الشَّـهِـيْـد كلمةٌ أخيرة قالت فيها: نعاهدُ اللهَ ثم نعاهدُ الشَّـهِـيْـدَ بأننا سنمضي على خُطَاهم وسنواصل دربهم ونثأر لهم ونقتصُّ من العدوان ومرتزِقته فلن نضيعَ دماؤهم الطاهرة ولن نكونَ إلا حيثُ يكرهنا عدونا.
الشهيد/ علي السراجي.. قدوةُ التفاني والإخلاص
الشَّـهِـيْـد/ علي أحمد يحيى عبدالله السراجي المكنى “أبو زينب”، مجاهدٌ باع نفسَه ومضى نحو الأمام إلى الجبهات، تعبدت نفسه حب الله وحب الجهاد وإعلاء كلمة الله، وتشربت نفسُه نهجَ الثقافة القُــرْآنية، جاهد بروحه ودمه وبكلماته وأشعاره القوية.
تحدثت زوجة الشَّـهِـيْـد عن الدافع والحافز لانطلاقة الشَّـهِـيْـد قائلة: كان دافعه هو دحر الطغاة المعتدين من أجل الدفاع عن الأرض والعرض والدين، ونصرة للمستضعفين في أرضه.
ثم واصلت حديثها عن كيفية انطلاقة الشَّـهِـيْـد فقالت: أذكر قبل أن ينطلقَ زوجي اعتدى علينا مجرمون فحز في نفسه أنه كان لا يعرفُ كيف يطلق الرصاص فقال: يجب عليّ أن أتحَـرّك تحَـرّكاً قرآنياً لأتعلّم كيفية الدفاع عن النفس والأرض والعرض فأخذ عدة دورات ثقافية وقتالية، وأول تحَـرّك له كان إلى شبوة وقد نكل بأعداء الله أشدَّ التنكيل حتى استشهد في فرضة نهم.
كما تحدثت زوجة الشَّـهِـيْـد عن أبرز صفات الشَّـهِـيْـد قائلة: كان تعامله مع أهل بيته والآخرين تعاملاً راقياً بالود والإخاء والتعاون والاحترام والرحمة فكان محبوباً من الجميع.
ثم واصلت حديثها عن كيف استقبلوا خبر استشهاده قائلة: استقبلت الخبر بكل فخر وعزة وحمدتُ الله كثيراً الذي اصطفى زوجي شهيداً في ميادين العز والشرف والإباء.
ثم تحدثت زوجة الشَّـهِـيْـد عن وصايا الشَّـهِـيْـد قائلة: من وصاياه لنا بأن نتقيَ اللهَ ونتمسك بالمسيرة القُــرْآنية ولا نتخلف عنها أَو نرتد، وأن نسلّم لعَلَمِ الهدى حفظه الله ورعاه ونصره نصراً عزيزاً مقتدراً.
ثم تحدثت عن رسالتها للجهات المعنية برعاية أسر الشُّـهَـدَاء فقالت: نشكرهم جزيل الشكر وليست لديّ أية شكوى ولا يمكن أن نشتكيَ حتى وإن تضاعفت التضحياتُ أضعافاً مضاعفة وحتى وإن لاقينا معاناةً في سبيل الله فما تراجعنا وما تخلفنا أَو اشتكينا، مضيفةً في رسالتها الأخيرة: “أقول للمجاهدين في ميادين العزة والشرف حفظكم الله ورعاكم، واللهِ لن نتخلفَ عن الطريق الذي سلكتموه وسنمدكم بالمال والعدة والعتاد والدعاء، ولن ننساكم أبداً ما حيينا.
الشهيد/ فؤاد اللاحجي.. معنى الاستشعار للمسؤولية
الشَّـهِـيْـدُ/ فؤاد محمد أحمد اللاحجي كان ممن قال اللهُ عنهم في كتابه الكريم (رجال صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليه)، فكان صادقَ الوعد والعهد مع الله، تعبدت ناصيتُه في محاريب الجهاد، واستقر في نفسه حبُّ الله وحب الجهاد وإعلاء كلمة الله، فكان للشهيد -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ- في هذا الزمان دورٌ وموقفٌ وكلمة.
تحدثت والدة الشَّـهِـيْـد عن الدافع لانطلاقة الشَّـهِـيْـد قائلة: كان الدافع لانطلاقته في سبيل الله هو الذودُ عن الوطن من الخطر المحيط به، وكذلك الدفاع عن مظلومية الشعب، واستشعاره للمسؤولية التي فرضها الله عليه؛ لذلك انطلق الشَّـهِـيْـدُ سلامُ ربي عليه بكل قوة، وشجاعة لا يخافُ في الله لومة لائم، ولم يغره متاعُ الدنيا وبهجتها عن الآخرة شيئاً.
ثم تحدثت انطلاقته فقالت: بدأ انطلاقتَه بعد الحرب السادسة لمدينة صعدة وقد سجنه النظامُ آنذاك ثلاث سنوات؛ بسببِ أن معه ملازم للشهيد القائد وقد بحثنا عنه كثيراً وبعد سنة من سجنه علمنا أنه مسجون في السجن المركزي، وقد شارك في ثورة والحادي والعشرين من سبتمبر، وبعد أن انتصرت الثورة انطلق لمواجهة العناصر التكفيرية في محافظة البيضاء.
وعن صفات الشَّـهِـيْـد قالت والدته “كان ملتزماً بالإخلاص في العمل، وكان بشوشاً دائم الابتسامة شجاعاً ومقداماً باراً بوالديه محباً لإخوته ويحب مساعدةَ الآخرين.
ثم تحدثت والدة الشَّـهِـيْـد عن آخر محطات الوداع قائلة: جاء لزيارتي وأخذ أثاثَ بيته ليستقر في صنعاء وبعدَها جاء له اتصال بأن يذهبَ إلى البيضاء؛ لأَنَّ هناك حافلةً متجهةً إلى البيضاء مشتبه فيها وعليه التحري فيها وتفتيشها فانطلق بكل سرعة ووصل إلى نقطة التفتيش وبدأ يفتش مع رفاقه فجاءت الحافلةُ المشتبه فيها وفعلاً كان فيها أحدُ عناصر الاستخبارات الأمريكية الإجرامية “داعش”، وفجّر الحافلة بكل مَن في نقطة التفتيش فارتقى شهيداً.
وعن تلقيها خبرَ استشهاده قالت والدة الشَّـهِـيْـد: استقبلنا خبرَ استشهاده بروح معنوية مؤمنة راضية، وبسعادة وفخر لا توصف بأن اصطفى الله ابني شهيداً وحمدنا الله على هذا الاصطفاء العظيم.
وخلال الزيارة كان لوالدة الشَّـهِـيْـد كلمة أخيرة قالت فيها: نعاهد الله ثم الشَّـهِـيْـد بأننا سائرون على درب الشُّـهَـدَاء، رضي من رضي، وغضب من غضب، وبأننا سنبذلُ الغالي والنفيس في مواجهة هذا العدوان الجائر، والحصار الخانق على الشعب اليمني حتى يتم النصرُ بإذن الله.
الشهيد/ علي العزاني.. تجسيدُ الشجاعة والفداء
الشَّـهِـيْـد/ علي أحمد ناصر أحمد العزاني، أبو جراح باع نفسَه لله ومضى نحو جبهات العز والشرف بكل شجاعة وإقدام، رجلٌ بمواقفه كان يقف دَائماً أينما كان الحق يدار، فهنيئاً له الشهادة.
تحدثت والدة الشَّـهِـيْـد عن الحافز والدافع لانطلاقة الشَّـهِـيْـد قائلة: انطلق ابني وكان عمره اثنتي عشرةَ سنة؛ لأَنَّه نشأ في أسرة مجاهدة واعية بالمسيرة القُــرْآنية، التحق بالدورات الصيفية في محافظة صعدة بعد الحرب السادسة، ثم شارك في ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، وعندما شن العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن شارك بالعمل الأمني في نقم وعطان ولكنه أبى إلا أن ينطلق إلى جبهات القتال، فنطلق إلى جبهة نهم ثم المخاء فنكل بأعداء الله حتى استشهد.
ثم واصلت والدة الشَّـهِـيْـد حديثها عن صفات الشَّـهِـيْـد قائلة: كان محبوباً بشوش الوجه، يحبه الجميع وحنوناً على الكبار والصغار، يحمل روحية الإثار وحب مساعدة الآخرين، لدرجة أن جيرانَه كانوا يحبونه كباراً وصغاراً، وقد لقّب نفسه أبو زيد حباً واقتداءً بالإمام زيد -عليه السلام.
كما تحدثت والدة الشَّـهِـيْـد عن آخر محطات الشَّـهِـيْـد فقالت: كانت آخر محطة لنا مع الشَّـهِـيْـد هي مكالمةٌ هاتفية يوم مقتل عفّاش وهو أول من بشّرنا بمقتله وانتهاء الفتنة، وكان سعيداً جداً، وحينها أخبرنا أنه يتمنّى أن يستشهد.
ثم واصلت حديثها عن واجب المجتمع تجاه أسر الشُّـهَـدَاء قائلة: واجبنا نحن أَوَّلاً كأسرة شهيد أن نُكمِلَ المسيرة التي بدأها الشَّـهِـيْـدُ، وأن نسيرَ على نهجه وخطاه، أما عن واجب المجتمع فعليهم أن يقوموا بمسؤولياتهم ويثوروا ضد الظلم والطغيان انتقاما للشهداء.
ثم تحدثت عن كيفية استقبالهم خبر استشهاده قائلة: لم يكن خبر استشهاده مفاجئاً علينا؛ لأَنَّنا كنا نتوقعُ هذا في أي وقت؛ وذلك لما للشهيد من صفات أولياء الله وحين علمنا بخبر استشهاده كانت مشاعرنا ممزوجة بين الفرح والحزن في آن واحد، حزنا على فراقه وغيابه عنا وفرحنا؛ لأَنَّه نال ما كان يتمناه وارتقى شهيداً عظيماً عند الله.
ثم واصلت حديثَها عن وصايا الشَّـهِـيْـد فقالت: من وصايا الشَّـهِـيْـد لوالده وأهله أن لا يتركوا الجبهاتِ وأن ينكّلوا بأعداء الله وعليهم بقراءة الملازم وأن يتبعوا توجيهاتِ العَلَمِ القائد السيد عبدالملك الحوثي، كما كان يحثُّهم دَائماً على الإنفاق في سبيل الله.
كانت لوالدة الشَّـهِـيْـد كلمةٌ أخيرةٌ قالت فيها: أشكر سيدي ومولاي عبدالملك الحوثي على كُـلّ ما يوليه لنا من اهتمام كأسر للشهداء، وله الفضلُ بعد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في هدايتنا إلى النور المبين والصراط المستقيم، وأشكر كُـلّ أسرة قدمت شهيداً وصبرت وسارت على نهجه، وأشكر كُـلّ المجاهدين المرابطين على ثباتهم ونشد على أيديهم بأن يثبتوا ويكملوا ما بدأه الشُّـهَـدَاءُ سلامُ اللهُ عليهم وعلى أرواحهم الطاهرة.
الشهيد حسن أبو حربة: “ليس في القُــرْآن انسحاب”
المسيرة | خاص
نموذجٌ آخر من أرقى النماذج التي جسّدت منهجَ الجِهَــاد في سبيل الله بشكل متكامل روحاً ووعياً وعملاً، قائدٌ عسكريّ محنكٌ، تعرفُ المتارسُ وساحاتُ الاقتحام خطواتِه الثابتةَ، ويعرفُ بأسَه العدوُّ قبل الصديق، تركت بندقيتُه أثراً لا يُمحى في ميادين المواجهة، كما تركت ثقافتُه الإيْمَانية أثراً لا يُمحى في نفوس المجاهدين الذين تعلّموا منه مهاراتِ القتال ومبادئ الشجاعة والمروءة والتضحية، حتى صار بتلك الآثار “أمة واحدة”.
“ليس في القُــرْآن انسحاب”.. هكذا كان يقول لرفاقه، وقد صدق وصدّق، وثبت بكل وفاء حتى أكرمه الله بالنعيم الأبدي.
ذلك هو الشَّهِيْــدُ البطلُ، أبو سامر، حسن محمد أحمد عيضة أبو حربة، الذي استشهد ثابتاً مخلصاً في متراس الكرامة بجبهة “باب المندب” بعد أن نكل بعصابات مرتزِقة “بلاك ووتر” الأجنبية التي جلبها العدوان الأمريكي السعوديّ، وجرعها ـ هو ورفاقه الأبطال ـ شتى صنوف الموت والأهوال التي أجبرتها في النهاية على الفرار وإيقاف أعمالها العسكريّة.
وبمناسبة الذكرى السنوية للشهيد، تنشُرُ صحيفةُ المسيرة، فيما يلي، نبذةً مختصرةً عن حياته الجِهَــادية، وفاءً لتضحيته العظيمة، ولو أن كُلّ ما يمكن أن يقال من الكلام، لا يمكن أن يفيَ بمثل هذا الغرض.
بطاقة تعريفية:
الاسم: حسن محمد أحمد عيضة أبو حربة
الاسم الجِهَــادي: أبو سامر
المنطقة: صعدة- ساقين – الشعف – النوعة
تأريخ الميلاد: 1988م
تأريخ الاستشهاد: 2-10-2015م
مكان الاستشهاد: باب المندب
الحالة الاجتماعي: متزوج له ولدان وبنتان
مكان الدفن: روضة الشهداء- المرازم – ساقين
نشأتُه – جانبٌ من صفاته
تربَّى الشَّهِيْــدُ في منطقته “النوعة” بالشعف في مديرية ساقين وأخذ تعليمه فيها، وتربى التربية الإيْمَانية، وتعلم قراءة القُــرْآن والالتزام بما فيه قولاً وعملاً.
أما عن أَخْــلَاقه فقد كان ـ رحمة الله عليه ـ مثلاً عالياً في الأَخْــلَاق الحميدة وكان شخصاً عملياً في ليله ونهار، وقد تتلمذ على يديه المئاتُ من المجاهدين الأبطال، حيث كان قائداً ملهماً يُحِبُّه كُلّ من يعرفه نتيجة أَخْــلَاقه وحُسْنِ تعامله.
وعُرف عن الشَّهِيْــد أنه كان ذا صبر كبير، كما عُرف بالإحسان والمرابطة لفترات طويل، وكان من أبرز صفاته رزانته في كلامه وعمله وكذلك الدقة الدقيقة في العمل والأداء العملي.
انطلاقته
انطلق الشَّهِيْــد حسن أبو حربة في الحرب الثالثة وشارك مع المجاهدين في جبهة الفرش وتنقل إلى عدة جبهات، وكان له دورٌ كبيرٌ في الحروب الرابعة والخامسة والسادسة، إلى جانب دوره البطولي في مواجهة العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن.
أعمالُه الجِهَــادية
تولّى الشَّهِيْــدُ حسن محمد أبو حربة مهام الرقابة والرصد بعد الحرب الثالثة في جبهة الفرش، وأمسك زمامَ الأمور بعد استشهاد أبيه محمد أبو حرب، وفي الحرب الرابعة تولى قسم القناصة في الجبهة نفسها وكذلك قسم صيانة الأسلحة تحت إشراف أبي طالب بعد استشهاد والده.
وبعد الحرب الرابعة تولى التدريب والتأهيل في قسم القناصة، وفي الحرب الخامسة تولى الإشراف على مجاميع هجوميه متحَـرّكة للغزو وصد الزحوفات، ثم بعدها تولى التدريب والتأهيل للمشاة بشكل عام في جبهة الفرش.
وفي السادسة تولى الإشراف على مجاميع متحَـرّكة هجومية ودفاعية في جبهة آل غبير وجرح فيها ثم انتقل بعدما شُفي إلى جبهة سفيان بين لواء الإسْلَام، وتولى الإشراف على جبهة شبارق ثم انتقل بعدها إلى جبهة الحرف المينة ثم تولى التدريب والتأهيل للمنطقة الشرقية بشكل عام.
شهاداتُ أهله ورفاق دربه
يشهدُ أهلُه بأنه كان خلوقاً طائعاً لوالديه، ويحب الخير للناس ويكره الظلم والاستبداد، قوي العزيمة، وصاحب شخصية قوية.
أما رفاقه فيؤكّـــدون أنه كان صاحب مواقف قوية منذ أن عرفوه في ميادين الجِهَــاد، وكان من أبرز مواقفه ثباته البطولي في الحرب الرابعة في جبهة الفرش، والتصدي للزحوفات التي كانت تهاجمُ جبهة الفرش وغرابة.
ويؤكّـــدُ رفاقُه أَيْضاً أنه كانت له في الحرب الخامسة مواقفُ بطوليةٌ في صد الزحوفات في منطقة الأبقور في صعدة، وفي الحرب السادسة كان هو الذي هاجم نقطه ال قطيع بمنطقة الطلح في وضعيه صعبة وظروف حرجة وجرح فيها وكذلك زراعة الألغام في الحرب السادسة في جبهة شبارق في جبهة سفيان.
ويحكي رفاقه أنه تولى بعد الحرب السادسة تأهيل وتشكيل المشاة ثم اتجه بعدها، مع بداية العدوان مع مجاميعه إلى جبهة شبوة لمهام هجومية، وبعدها اتجه إلى باب المندب وكان له موقف عظيم عندما بدأ العدوان بمهاجمة باب المندب، إذ حوصر الشَّهِيْــد وجاء له توجيه بالانسحاب إلّا أنه لم ينسحب وقال “ليس في القُــرْآن انسحاب” وأضاف: “سنواجه حتى ننتصر أَو ننال الشهادة”.
قصةُ استشهاده
بعد 3 أشهر من معارك باب المندب، وبعد أن نكّل بقُــوَّات العدوان، وأسقط هيبةَ شركة “بلاك ووتر” الأمريكية للمرتزِقة، وفي خضم المعارك وقلة العدة والعدد، حوصر الشَّهِيْــدُ مع أفراده لمدة خمسة أيّام في أطراف باب المندب، وتصدوا خلال الخمسة أيّام لزحوفات قوية مع التغطية الجوية والبحرية للعدوّ وبشكل كبير، وسطّر فيها الشَّهِيْــد ورفاقه بطولات أُسطورية حيث تم إحراق 30 آليةً ومدرعةً للعدوّ وقتل المئات من المنافقين، ثم جدد العدوُّ زحوفاتِه على الشَّهِيْــد ومجموعته، إلا أنهم لم ينسحبوا وقاتلوا حتى استشهدوا في سبيل الله رافعين رؤوسهم بائعين نفوسهم رخيصةً في سبيل الله.
وصيته
كان الشَّهِيْــد دائماً ما يوصي رفاقَ دربه بالثبات في الشدائد والاستمرار في ذكر الله والتسبيح والاستغفار، وضرورة التسليم لله ورسوله والقيادة.