إلى شهدائنا .. بقلم/ أحمد الحسني
ليست ذكرى كي لا ننساكم وَلا أسبوعاً نكافئكم به كُلَّ عام، فأنتم خالدون لا يدركُكم البلاءُ بدورة الفلك وَأحياءٌ في تفاصيل أيّامنا، لا يطالُكم النسيانُ بمرور الزمان، صباحُنا يُشْرِقُ بفَيْضِ تضحياتكم، وَليلُنا يأوي إلى كَنَفٍ من دفء إيْمَانكم، كُلُّ نسمةٍ ترف علينا بعَبَقِ بتسبيحاتكم، وَكُلُّ رعد يزمجرُ بصيحاتِ بأسِكم، إذَا نظرنا إلى الأعلى رأينا سماءَ إبائكم، وَإن حدّقنا في الأعماق وجدنا صمودَكم الراسخَ وَثباتَكم الذي لا يتزعزع..
إنه ليس أسبوعكم وَإنما أسبوعٌ لنا في رحابكم نغدقُ فيه على أنفسنا شرفَ الانتماء إليكم وَنظللُ فيه فناءَنا بوارفِ خلودكم وَنُركِعُ فيه تقصيرَنا على أقدام بذلكم وَجليل عطائكم.. لم نخصصْ هذا الأسبوعَ لنشهدَ لكم بالفضل فمِن شاهدُه دمُه لا يحتاجُ إلى شهود وَمن سخى بنفسه لا يفتقرُ لمن يقر له بالفضل، نتحدَّثُ اليومَ عن عظمتكم لا لنتذكرها وإنما لنُغريَ طموحَنا بالتطلُّع لمساماتها وَنتغنَّى ببسالتكم لنذكِّيَها في نفوسنا وَنمجد إقدامَكم استنكافاً للتخلّف وَالقعود وَنكبر وَثبتَكم وَثباتَكم؛ استشعاراً لشناعة التردّد وَالنكوص، وَنستشرفُ حميَّتَكم استقباحاً للخضوع وَالاستسلام، وَلا نستحضرُ الدَّينَ الذي لكم في أعناقنا؛ إقراراً به وَإنما التزاماً بأدائه وَعزماً على الوفاء.. وَحين نزورُ أُسَرَكم وَنبرَّهم فإننا لا نحسنُ إليكم وَلا نكافئُكم وَإنما نُنْعِمُ على أنفسنا بشَرَفِ الانتماءِ إليكم وَالتعلّق منكم بسَببٍ نبيل..
يا سادتَنا وَعظماءَنا وَكرماءَنا وَنُبَلاءَنا هذه ليست أياماً لنتذكرَكم وَنوقدَ الشموعَ على قبوركم، وَإنما هي موسمٌ نوقدُ فيه مشاعلَنا من شموسكم لنتبينَ دروبَنا في بقية الأَيَّـام.
وَالسلامُ على أرواحِكم في عِلِّيِّين، وَعلينا معكم في رِحاب الخالدين.