السيد عبدالملك الحوثي في الذِّكْــرَى السَّنَوِيَّة للشَّهِيْـد 1440هـ:
نستلهم من الشهداء قوة العزة والإرادة وقداسة المسؤولية
من كان مع العدوان ولو بكلمة فهو شريك في كل جرائمه
خيار الشعب التصدي للعدوان وسمعة النظام السعودي الأسوأ في العالم
لإسرائيل أدوار تنفيذية ومشاركة في العدوان على اليمن
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيْنَ، وأَشهَـدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وأشهَدُ أن سَيِّـدَنا مُحَمَّــدًا عَبْـدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارْضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ المنتجَبين وعَنْ سَائِرِ عِبَادِك الصالحين.
شَعْبَنَا اليمني المُسْلِم العزيز..
أَيُّهَا الإِخْوَةُ والأخواتُ..
السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه:
تأتي الذِّكْــرَى السَّنَوِيَّةُ للشَّهِيْـد ونحن على وَشَكِ الانتهاءِ من العام الرابعِ منذُ بداية العدوان السعوديّ الأمريكي الغاشم، على شعبنا اليمني المسلم العزيز، وعلى مدى هذه الأعوام قدّم شعبُنا في كُــلِّ يومٍ قوافلَ الشُّهَــدَاء، وُصُــوْلاً إلى الآلاف من الشُّهَــدَاء من خِيرة أبنائه الأعزّاء والأوفياء، الذين تحَـرّكوا من واقع الشعور بالمسؤولية أمام الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، وبالدافع الفِطري والإنْسَاني والإيْمَــاني للتوجّه نحو ميادين القتال، والتصَـدِّي لهذا العدوان الظالم الغاشم.
الذِّكْــرَى السَّنَوِيَّةُ للشَّهِيْـد.. محطةٌ نتزوّدُ منها قوةَ العزم والإرادة
وفي الذِّكْــرَى السَّنَوِيَّة نأتي لنتحدث في مثل هذه المناسبة المهمة والعزيزة نستذكر هؤلاء الشُّهَــدَاء الذين لن يبرحوا أبدًا من ذاكرتنا ولا من وجداننا، ولا من مشاعرنا، فنحن نستذكرُهم في كُــلّ يوم، ونحن دَائماً نستفيدُ منهم الدروسَ العظيمةَ التي قدّموها بأفعالهم وبأعمالهم وبتضحياتهم قبل أن يقدّموها بأقوالهم، ونحن كذلك نعيشُ معهم الكثيرَ والكثير من الذكريات العظيمة والمهمة والمؤثّرة، بما كانوا عليه في وجودهم بيننا، بما كانوا عليه من أَخْلَاقٍ عظيمةٍ ونبيلة، ومواقفَ مشرّفةٍ، ومسار حياة، يتسمُّ بالإيْجَابية والعطاء، ولكن في هذه الذِّكْــرَى نتحدَّثُ عن الشُّهَــدَاء، ونحن نمجِّدُ هذا العطاءَ، الذي هو أسمى عطاء قدّمه الإنْسَان، وأسمى ما يعبّرُ عن حقيقة مصداقية الإنْسَان في انتمائه الإيْمَــاني وانتمائه الإنْسَاني، وانتمائه الوطني.
نحن أَيُّهَا الإِخْوَةُ والأخواتُ عندما نأتي لنستذكرَ الشُّهَــدَاء، ولنستفيدَ من هذه المناسبة، كمحطة مليئة بالدروس والعِبَر، ومحطة نتزوّدُ منها قوةَ العزم والإرادة، ونستشعرُ فيها قداسةَ المسؤولية، ونستشعرُ فيها مسؤوليتنا، ونحن نسيرُ في هذا الطريقِ الذي قدمنا فيه هذه التضحيات، والذي قدّم فيه أخيارُنا وصفوتُنا وأعزاؤنا وأحباؤنا أرواحَهم وحياتَهم وأغلى ما يمتلكونه في سبيلِ الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى؛ ودفاعاً عن الأَرْض والعرض، والشعب والحرية والاستقلال وللكرامة، وللحيلولة دون أن يتمكّن الأَعْــدَاءُ من قوى الشر والطاغوت والشر والاستكبار من الوصول إلى أَهْــدَافهم، في السيطرة علينا والاستعباد لنا من دون الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى. نستشعرُ قداسةَ المسؤولية لنواصلَ المشوار، بعزم ومسؤولية واهتمام وجدٍّ ومثابرة وبذل وعطاء وتضحية واستقامة في هذا الطريق.
نحن عندما نأتي في ظل الوضعِ الراهن الذي نعيشُه كشعب يمني مسلم، وفي ظل قيادة على مستوى أمتنا بشكل عام، وشعوب منطقتنا، وما تعيشه هذه المنطقة وما تعيشه هذه البلدان وهذه الشعوب من محنٍ كبيرة في هذا العصر، هي نتيجةٌ لما تُقْدِمُ عليه من قوى الشر والطاغوت وقوى النفاق والخيانة والعمالة التي تواليها وتقفُ إلى جانبها في صفها، فنتج عن ذلك من مآسٍ كبيرةٍ في واقع أمتنا، والكثير والكثير من المشاكل على كُــلّ المستويات، على المستوى السياسيّ، على المستوى الاقتصادي، على المستوى الأمني، على المستوى العسكريّ، حتى باتت الوضعية التي تعيشها أمتنا وشعوبنا لربما أقسى وضعية في العالم بكله.
هذه المأساةُ عندما نتحدثُ عنها يجبُ أن نعودَ من واقع انتمائنا للإسْلَام، كشعوبٍ مسلمة، وكشعب يمني مسلم، فيما يعانيه وفي مقدمة ما تعانيه هذه الأُمَّـةُ، وهو في الطليعة على مستوى المعاناة وعلى مستوى المسؤولية.
نتحدَّثُ من واقع انتمائنا للإسْلَام، ماذا تعنيه لنا هذه الأحداث، ماذا يعني لنا هذه الصراعُ مع قوى الطاغوت والاستكبار المعتدية والظالمة، والتي سوّدت صفحةَ الحياة بجرائمها البشعة والشنيعة والفظيعة، والتي أقلقت واقعَ الأُمَّـة بما جرت إليه وأتت به، وبما حرّكته من مشاكلَ وأزماتٍ وفتن، ماذا يعني لنا كُــلُّ ذلك؟ وما هو موقفُنا تجاه ذلك؟
القُـرْآن يعلِّمُنا: الصراعُ مع قوى الشر أمرٌ حتميٌّ
عندما نعودُ من واقع انتمائنا للإسْلَام إلى الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، لنعْلَمَ منه جَـــــــلَّ شَأنُه من خلال ما قدّمه لنا من خلال كتابه المبارك، في كتابه الكَـرِيْم، في القُـرْآن العظيم، ما يوضح لنا حقيقةَ هذا الواقع، ما نعانيه فيه، وما تعنيه لنا كُــلُّ هذه الأحداث، وما ينبغي أن نكونَ عليه، وما ينبغي أن تكونَ مواقفُنا تجاه ذلك.
نعودُ إلى القُـرْآن الكَـرِيْم فنجدُ الكثيرَ والكثير من الآيات المباركة التي تعلِّمُنا أن الصراعَ مع قوى الشر مع قوى الطاغوت مع قوى الاستكبار، مع قوى النفاق نفسها، والخيانة والعاملة، أمرٌ حتميٌّ لَا بـُـدَّ منه، وأمرٌ واقعي وموجودٌ على مر التأريخ، ولسنا في هذا الزمن أول من يواجه الأحداث والمشاكل والتحديات، وأول من نرى أَنْفُـسنا في موقع المسؤولية، أن نصبِرَ أن نضحّيَ، أن نعانيَ، لا، على مرِّ التأريخ كان لَا بـُـدَّ من التضحية، كان لَا بـُـدَّ من الصمود، كان لَا بـُـدَّ من الثبات، كان لَا بـُـدَّ من اقتحام المخاطر، ومواجهة التحديات.
هذه هي الساحةُ البشريَّةُ التي انقسم فيها البشرُ، منذُ بداية وجودهم على كوكب الأَرْض، انقسموا فيها إلى معسكرَيْن، معسكر الخير، ومعسكر الشر، منذ ابنَي آدم، وهو عليه السلام أبو البشر، ومنذُ وقت مبكر في التأريخ بدأ هذا الصراعُ وبدأ هذا الانقسامُ في الواقع البشري.
عندما يأتي البعضُ من البشر يتّجهون في واقع حياتهم بإرادة صادقة وخيّرة، ليعيشوا في هذه الحياة بناءً على المبادئ الإلهية والقيم الإلهية، ويعملوا على أن تكون حياتُهم مبنيةً على أَسَاس ذلك، فهناك في الواقع البشري مَن يرفُضُ ذلك حتماً، هناك مَن يتحَـرّكُ من واقع الشر بعدوانية كبيرة، يرتكبُ أبشعَ الجرائم، يتحَـرّكُ بالتسلّط والاستئثار والاستبداد والظلم والطغيان، ليستحوذَ على الواقع البشري بكله، ولا يلتزمُ ولا ينضبطُ بالتعليمات التي جعلها اللهُ سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى لصلاح حياتِهم ولاستقامة معيشتهم، فهذا الصراعُ موجودٌ على مر التأريخ، اللهُ -جَــلَّ شَأْنُــهُ- يقولُ في القُـرْآنِ الكَـرِيْم: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا، وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)} (آل عمران: 146 – 148)، فاللهُ -جَــلَّ شَأْنُــهُ- يُخبِرُنا في هذه الآيات المباركة أنه في تأريخ الأنبياء وعلى نحو متكرّر وواسع وكبير، {وَكَأَيِّنْ مِن ْنَبِيٍّ} يعني أنها حالة تكرّرت كَثيراً وكَثيراً على مرِّ تأريخ الأنبياء وفي سيرتهم، والأنبياء هم خير البشر، هم صفوة البشر، وهم الذين لو كان بالإمكان تفادي الصراع وتفادي المشاكل وأن يتحقّق للناس الاتّجاه الصحيح في مسيرة حياتهم، أَوْ لأي مجتمع ما يتحَـرّك بشكل إيْجَابي في مسيرة حياته على أَسَاس التعليمات الإلهية، ودون أن يواجهَ الصعوباتِ والتحدياتِ والأخطارَ والمشاكلَ والصراعات لَكان ذلك ممكناً لهم، لَكانوا بالأولى أن يتحقّقَ لهم ذلك، لكن يأتي نبيٌّ بكل ما هو عليه من قيم وأَخْلَاق ومبادئَ عظيمةٍ وخيّرة، تصلح واقعَ هذه الحياة، فلا يلبث أن يُواجِهَ الكثيرَ من التحديات والأخطار، وأن تتجهَ لمحاربته قوى الشر والطاغوت والإجْرَام، وتبذُلُ كُــلَّ جهدها في محاولة القضاء عليه، ومحاولة إزاحته وإزاحة برنامجه الذي فيه الخير للناس في واقع الحياة، وتسعى إلى مواجهة كُــلّ من يلتفُّ حول هذا النبي أَوْ ذاك من أنبياء الله، وتحاربهم بكل ما تستطيعُ من قوة، وبكل ما أوتيت من قوة، وبكل الوسائل والأساليب.
الصراعاتُ على مرِّ التأريخ كانت ساخنةً جِـدًّا، ونحن عندما نأتي إلى هذا الزمن ونرى أننا بمُجَـــرّد إصرارنا على أن نكونَ أَحْــرَاراً في هذه الحياة وألّا يستعبدَنا أحدٌ من دون الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، ونريدُ أن نتحَـرّكَ انطلاقاً من هُويتنا كشعب يمني مسلم، وهي هُويّة إيْمَــانية، الإيْمَــان يمان، والحكمة يمانية، ونتحَـرّكُ بناءً على المبادئ الإيْمَــانية، التي علّمنا اللهُ سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى كمسلمين أن نكونَ عليها، في مسيرة حياتنا وفي مواقفنا، سواء فيما يتعلقُ بواقع أُمّتنا من حولنا، أَوْ على مستوىً أعمَّ وأشملَ في حركتنا في هذه الحياة، ونجدُ أن قوى الطاغوت من جانب، وقوى الاستكبار من جانب تتحَـرّكُ وتحَـرّك علينا قوى الخيانة والعَمالة من أبناء أُمّتنا المنافقين والذين في قلوبهم مرض، والفاسدين الذين اختاروا أن تكون مسيرتُهم في هذه الحياة قائمةً على الولاء لأمريكا وإسرائيل، وأن يتحَـرّكوا لتنفيذ أجندة قوى الطاغوت والاستكبار، نجدُ أن هذا الصراعَ وهذه الأحداثَ التي نعاني منها إنما هي امتدادٌ لما كان عبر الزمن، في واقع المؤمنين فيما يعانونه، في واقع أتباع الأنبياء فيما يعانونه، ومن جانب قوى الشر التي تتحَـرّك في كُــلّ عصر وفي كُــلّ زمن، بنفس التوجه وبنفس الدوافع الشريرة والمستكبرة والظالمة والعدوانية والإجْرَامية، وبنفس الممارسات وبنفس السلوك، الحالة ليست جديدة وفي هذا الزمن نعيش هذا الاختبار الذي عاشه من قبلنا من الأمم، من الأجيال في هذه الساحة على هذه الأَرْض، ونحن الآن معنيون أن نعزّزَ موقفَنا دَائماً بما يساعدُ على ثباتنا من خلال الاستنادِ على مبادئنا الإيْمَــانية، على توجيهاتِ الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى وما يقدِّمُه لنا في كتابه الكَـرِيْم.
لربما مِن أسوأِ ما يمكنُ أن يؤثرَ على الإنْسَان سلباً في نظرته تجاه الأحداث، وتجاه الصراعات وتجاه المشاكل والتحديات، في نظرته إليها وفي موقفه منها، عندما ينظر إليها نظرة منفصلة، وبَعيداً عن هذه الاعتبارات، وعن هذه الحيثيات، وعن هذه المسائل المهمة، والاعتبارات المهمة، فيرى فيها مُجَـــرَّدَ أحداثٍ طارئة في الساحة البشرية، ومُجَـــرّدَ مشاكلَ لا يعرفُ ولا يفهم ما هي جذورها الحقيقية، وما هي أسبابُها الحقيقية، وما هي آثارُها على مستوى هذه الحياة وما بعد هذه الحياة، في مستقبل الآخرة، ذلك المستقبل المهم والأبدي والكبير.
الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى يعلِّمُنا كمسلمين أن ننظُرَ نظرةً صحيحةً، نظرةً قُــرْآنية، نظرة كما علّمنا اللهُ سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، ننظر إلى هذا الواقع من جانب، وكذلك نتخذُ الموقفَ بناءً على هذه النظرة الصحيحة السليمة، على هذه الرؤية الواقعية والحقيقية.
الأحداث في حياتنا والصراع في واقعنا له أثرٌ واضحٌ علينا في الحياة، هذه مسألة لا جدالَ فيها ولا شكَّ فيها، معاناةٌ كبيرة وأضرارٌ كبيرة، وأشكالُ هذه المعاناة معروفة في واقع الحياة، عندما يحصل مَثَـلاً حرب، أَوْ يحتدمُ الصراعُ، تظهَرُ الكثيرُ والكثيرُ من أشكال المعاناة، القتل، الدمار، الأزمات الاقتصادية، المجاعات، الفقر، كُــلّ أشكال المعاناة تظهر في واقع الحياة، وتكبر هنا أَوْ هناك بحسب حجم الأحداث، ومستوى تأثيرها، وطبيعة الموقف منها، وهذا ما نعانيه نحن كشعب يمني مسلم، ما تعانيه معظمُ شعوب المنطقة، بشكل أَوْ بآخر، بمستوىً متفاوتٍ، من بلدٍ لآخر، والزمنُ هو آتٍ بالكثير والكثير في واقع الناس، بما لم يكن يتوقعُه الكثيرُ من الناس، بالذات من يسيرون في واقع هذه الحياة بَعيداً عن فهم طبيعة هذه الحياة، وعن النظرة إليها في واقع الهداية الإلهية، والتقييم الإلهي للواقع البشري حسب ما ورد في القُـرْآن الكَـرِيْم، وفي تعليمات الرسول صلوات الله عليه وعلى آله.
الأحداثُ اختبارٌ يكشفُ حقيقة الناس ومواقفهم ومصداقيتهم
بمثل ما للأحداث من تأثير واضح في واقع الحياة، قتل، دمار، خراب، معاناة، أسر، تمزيق للشمل، أشياء كثيرة من هذه المعاناة لها اعتباراتٌ مهمة جِـدًّا، لها علاقة أَسَاسية، وعلاقة رئيسية في التعبير عن حقائق ما الناس عليه، هي أجلى تعبير عن حقيقة الانتماء لأي طرف من أطراف الصراع في هذه الحياة، ولها أَيْــضاً تأثيرُها الكبيرُ في الآخرة، الأحداثُ ليست نهايتها في الدنيا أَبَـدًا؛ ولذلك يركّزُ القُـرْآن الكَـرِيْم على أن الأحداثَ بنفسها وعلى أن الصراع بنفسه يمثل اختباراً حقيقياً يكشفُ واقعَ الناس، يبيّن الناسَ على حقيقتهم، يكشفُهم على حقيقتهم، يوضحُ كُــلَّ إنْسَان بدءاً في خياره وموقفه من الأحداث، ثم في ممارساته وسلوكياته واتّجاهاته وتعاطيه مع الأحداث، يبين حقيقة ما هو عليه، ولهذا كانت إرادة الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، وكان قرارُه الحكيم أن يجعلَ -جَــلَّ شَأْنُــهُ- من الصراع مع قوى الطاغوت والاستكبار والإجْرَام والخيانة والعمالة أن يجعلَ منه أهمّ ما يجلي حقيقة الإنْسَان ويكشف مصداقيته من عدمها عندما نأتي إلى القُـرْآن الكَـرِيْم واللهُ يقولُ فيه -جَــلَّ شَأْنُــهُ-: [مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ] هذه الآية المباركة نصٌّ مهمٌّ جداً ولو استوعبه كُــلّ مسلم بما يكفي لكان لهذا أهميّة كبيرة جِـدًّا في تحديد الخيارات واتّخاذ القرارات الصحيحة، الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى قرّر اتخذ قراراً أن لا يترك المنتمين للإيْمَــان المجتمع المسلم بشكل عام؛ لأَنَّ كُــلّ المجتمع المسلم هو ينتمي للإيْمَــان على ما هو عليه في الظروف العادية التي يأتي الكل فيها ليقدم نفسه وكأنه إنْسَانٌ مؤمنٌ صادقٌ صالحٌ صادقٌ في انتمائه الإيْمَــاني إلى ما يعنيه هذا الانتماءُ من انتماء لمبادئَ انتماء لقيم انتماء لأَخْلَاق انتماء لمواقف واتّجاهات ولكن الكثير من الناس قد يأتي يدّعي ادّعاءً يعبّر تعبيراً كلامياً فحسب عن هذا الانتماء وفي والواقع هناك خبث في النفوس هناك خلل، الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى هو الغني عن عباده لا يقبل الغِش ولا يمكن خداعُه لا يمكنُ التظاهُرُ بالإيْمَــان والتظاهر بالانتماء لهذا الإيْمَــان بما يعنيه الانتماء إلى مبادئَ كما قُلنا إلى قيم إلى أَخْلَاقٍ إلى…، ثم يكون الإنْسَانُ قد قدّم ما يكفي وإن كان غيرَ صادق، لَا بـُـدَّ من كشف الحقيقة لَا بـُـدَّ من التجلي للحقائق وبماذا تتجلّى الحقائق، كثيرٌ من الأمور في الإسْلَام مثل بعض الطقوس وبالذات إِذَا تعوّد الناس عليها أَوْ ألفوها يمكن أن يؤدوها ولا تمثل هي بنفسها حقيقة الاختبار الذي يكشف حقيقة الإنْسَان أَكْبَــــر ما يمكنُ أن يكشفَ حقيقةَ الإنْسَان وأن يبيِّنَه هو ميدانُ الصراع، ما مدى مصداقية هذا الإنْسَان في ادّعائه الانتماءَ لهذا الدين لمبادئ هذا الدين لقيم هذا الدين لتعليمات الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى هل سيكون صادقاً أم سيكون كاذباً؟ هل هو ينطلقُ من واقعٍ طيّبٍ تربّى تربيةَ هذا الدين وبلغ هذا الأثر إلى أعماق نفسه زكاءً وصلاحاً وصدقا؟ أم أن هناك في العمق خُبثاً مخفياً ومستتراً يحاولُ الإنْسَانُ أن يتسترَ عليه ببعض من الأعمال وبعض من الأداء الشكلي الذي يتظاهر الإنْسَان من خلاله بالصلاح أَوْ بالطيب فالله -جَــلَّ شَأْنُــهُ- اتّخذ قرارَه بأنه لن يَذَرَ لن يتركَ الأمورَ بدون تجليات المجتمع المسلم لا ينطوي الكثير من الناس على حالة من الخُبث ويغطونها ويخادعون بها لَا بـُـدَّ أن يأتيَ بما يجلي الواقع بما يكشفُ الناس على حقيقتهم بما يبينهم ويبين ما هناك في الأعماق في النفوس [مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ]، يخبركم مَثَـلاً عن فلان وفلان وفلان.. ذلك الشخص سيكون خائناً وذلك الشخص هو خبيث لن يكون وفيا سترون كم أنه مجرم وطاغية ومتسلط وفاسد وخائن وعميل إلى آخره لا لكن تأتي الأحداث فتكون هي التي تكشف يأتي الصراع وما في هذا الصراع من أحداث فهو الذي يكون يوضح ويبين ويفرز يفرز الناس على حقيقتهم بين الصادق والكاذب بين الوفي والخائن يفرز في الواقع ولهذا يقول الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى في آية قُــرْآنية أُخْــرَى [وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ] وهو يقدم الدرس من أحداث معركة أُحُد لا تصابوا بالوهن نتيجة للتضحيات والمعاناة وما نتج عن الأحداث يجيب أن تكونوا في موقف القوة والصلابة التي لا تنكسر ولا يصيبها الوهن ولا تكونوا أسرى الأحزان فتندموا على أنكم في موقف الثبات على الحَـقّ ولو أَدَّى بكم ذلك إلى التضحية أَوْ أن تكسر إرادتكم الأحزان تلك فتتحطم يجب أن تكونوا في موقفكم وأنتم في موقف الحَـقّ وأنتم تمتلكون القضية العادلة أن تكونوا في موقف التماسك أن تكونوا في حالة من الصلابة والثبات [وأنتم الأعلون]؛ لأَنَّكم في موقف الحَـقّ ومع الله والله معكم كلما عزّزتُم ارتباطَكم بالله وكلما أصلحتم واقعكم بناءً على طاعتكم لله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى كلما كنتم أقرب من معونة الله ومن نصره ومن تأييده إن كنتم مؤمنين [إن يمسسكم قرحٌ] الجراح والشهادة والمعاناة [إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ] ما يصيبكم من الحرب من الأحداث [فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ] حصل لهم أَيْــضاً نصيبُهم من ذلك كله فيهم القتلى فيهم الجرحى قتل منهم قيادات قتل منهم أفراد قتل منهم من يعز عليهم أصيبوا بالجراح نالهم حصتهم من ذلك نالهم من ذلك حصتهم [إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ، وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ].
في هذه الآياتُ المباركة يوضحُ اللهُ سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى لنا أن من أهمّ الدروس المستفادة من الأحداث في ميدان الصراع مع قوى الطاغوت والشر والاستكبار من أهمّ ما فيها أن تتبين حقائقُ الناس وفيها التمحيص للذين آمنوا مما يساعد على تنقيتهم من الشوائب على المستوى التربوي والنفسي وعلى المستوى العملي وفيها أَيْــضاً الخذلان أَكْثَـــر وأَكْثَـــر للمنصرفين عن نهج الله وهديه وأنه لا يمكن أَيْــضاً مثلما هذه الأحداث لها أهميّتها وآثارُها في واقع الحياة ولها أهميّتها في تعبيرها عن حقيقة الناس وحقيقة ما هم عليه وحقيقة انتماءاتهم ومواقفهم لها أَيْــضاً امتدادها إلى ما وراء هذه الحياة إلى مستقبل الآخرة إلى مستقبل الآخرة لا تنتهي هذه الأحداث في الدنيا بنتائجها هنا فحسب، بل هي هناك موجودةٌ في ساحة القيامة [أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ] ولربما الكثير من الناس في حساباتهم ذلك يحسبون فعلا أنه يمكن أن يدخلوا إلى الجنة دون أن يكونوا في هذه الدنيا وقفوا هذا الموقف، الموقفُ الذي تفرضُه عليهم المسؤوليةُ أمام الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى الموقف الذي رسمه اللهُ سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى موقف التحمل للمسؤولية التحَـرّك في إطار المسؤولية للتصَـدِّي لقوى الطاغوت والإجْرَام والثبات على الحَـقّ [أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ] ولربما الكثير من المنتمين لهذا الدين يحسبون بالفعل أنهم سيدخلون الجنة من دون جهاد ولا تحمل مسؤولية ولا صبر ولا أن يقفوا موقف الحَـقّ بل البعض يؤمل أنه سيدخل الجنة ولو اتخذ موقف الباطل ولو كان في صَـفّ الباطل وللأسف الشديد نتيجة لأشياء كثيرة جِـدًّا قوى ضالة تحَـرّكت في الساحة الإسْلَامية كما هو حال التكفيريين وسعي دؤوب من قوى أُخْــرَى لفصل الناس في مواقفهم عن مبادئهم وأَخْلَاقهم يعني الانفصال الموقف عن المبدأ وعن الأَخْلَاق وعن القيم الدينية والإيْمَــانية سهل للكثير من الناس أن ينطلقُ باعتباراتٍ أُخْــرَى ودوافعَ أُخْــرَى ويظُنُّ المسألةَ سهلةً وعادية وبسيطة ويظن أنه يمكن أن يدخل الجنة إِذَا كان سيصلي ويصوم ولو وقف في صَـفّ أمريكا أَوْ عملاء أمريكا أَوْ عملاء إسرائيل ولو كان مع الظالمين الطغاة والمفسدين في الأَرْض والمستكبرين والظالمين ولو وقف في صَـفّ الطغاة يتصور أنه بالإمكان إنْ يدخل الجنة هذه نظرة فضيعة جِـدًّا وخطيرة خطيرة والأَعْــدَاء ركّزوا على أن يرسخوا في الذاكرة العامة التأثير على الناس سلباً في مواقفهم؛ لأَنَّهم يريدون من الناس مواقفهم.
القُـرْآنُ الكَـرِيْمُ يُعَلِّمُنا أن الأحداثَ تُمَثِّلُ اختباراً كَبيراً وأنها ميدانٌ لتجلي الحقائق وأنها الميدانُ الذي تعبّر فيه عن حقيقة ما أنت عليه إما أن تكون إنْسَاناً صادقاً وفياً ثابتاً فتتخذ الموقف الذي رسمه الله لك وتفرضه عليك المسؤولية ويعبر عن حقيقة انتمائك لهذا الدين في مبادئه وقيمه وأَخْلَاقه ومواقفه وإما أن تتخذ الموقفَ الآخر، وهنا يعتبر اتّخاذك لهذا الخيار خروجاً وانحرافاً عن تلك المبادئ الإيْمَــانية عن تلك التعليمات الإلهية وبالتالي ستدفع ثمن هذا الخيار وهذا القرار السلبي والسيئ في الدنيا وفي الآخرة.
هكذا يكونُ الموقفُ الحَـقُّ والتحمُّلُ للمسؤولية
[أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ] فالموقفُ الحَـقُّ في الإسْلَام والتحمُّلُ للمسؤولية بأن تنطلق في ميدان الصراع في إطار موقف الحَـقّ متحَـرّكاً بهذا الواجب دَائماً بهذا الدور مجاهدا تبذل جهدك وتتحَـرّك في ميدان الصراع تتصدى لقوى الطاغوت والاستكبار وبصبر هذا جزءٌ أَسَاسي من الدين وجزءٌ أَسَاسي في أن يقبلَ اللهُ منك دينَك وأن يعتبرَك صادقاً هو جزءٌ أَسَاسي من الدين وهو محكٌّ أَسَاسي يجلي حقيقة الانتماء الصادق والادّعاء الذي يدّعيه الإنْسَان، فالمسألة مهمة جِـدًّا لاحظوا في ظل هذا العدوان الظالم هذا العدوان البربري الغاشم الآثم هذا العدوان الذين لم يترك شيئا من المحرمات إلا وارتكبها بحق شعبنا العزيز المسلم هناك خيارات متفاوتة ومتباينة مثلاً الأَحْــرَار والشرفاء والأخيار من أبناء هذا البلد كان خيارهم وقرارهم التصَـدِّي لهذا العدوان هذا هو الموقف الحَـقّ المنسجم مع القُـرْآن الكَـرِيْم والمعبر عن مصداقية الإنْسَان عن زكاء نفسه عن سلامته النفسية والأَخْلَاقية والفكرية والثقافية أنه ليس إنْسَاناً أعوج متنكرا للحق مبطلاً وأنه اتجه الموقف الذي تدل عليه الفطرة الإنْسَانية الإلهية التي فطر الناس عليها والموقف الذي يوجه إليه القُـرْآن الكَـرِيْم.
البعض كان خيارُهم وقرارُهم هو الخِيانةَ، أن يتجهوا في صَـفّ الأَعْــدَاء الغُزاة الذين أتوا في عدوانهم هذا، غزاةً لنا إلى بلدنا ومعتدين علينا كشعب يمني مسلم ابتداءً بدون وجه حَــقّ وتحت إشرافٍ أمريكي وبتعاون إسرائيل وبتحالف وتعاون مع إسرائيل له أشكال متعددة وضمن مسيرة هذا العدوان من بدايته إلى اليوم كم هناك من أحداث كان فيها على مستوى التنفيذ اشتراك ودور إسرائيلي معهم قرار وخيار الخيانة قرار خاطئ وخطير جِـدًّا وقرار يمثل انحرافاً واعوجاجاً عن مبادئ الدين عن مبادئ الإسْلَام عن قيم الإسْلَام عن أَخْلَاق الإسْلَام وحتى عن الفطرة عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها الذين خانوا شعبَهم في هذا العدوان وانضمّوا إلى صَـفّ المعتدي الأجنبي، وقفوا مع الظالم ضد المظلوم وقفوا مع المتعدي ضد المعتدى عليه وقفوا مع المنافق الموالي لأمريكا وإسرائيل ضد هذا الشعب الذي ورد في حديث رسول الله عنه (الإيْمَــان يمان) وقفوا مع الباطل ضد الحَـقّ وقفوا في الموقف الذي يسخط الله الموقف الذي لا ينسجمُ بأية حالٍ من الأحوال مع الحَـقّ أبداً موقف مبطل ظالم باطل موقف لا يتسم حتى بالإنْسَانية حتى بالإنْسَانية فيما هو متعارفٌ عليه في الواقع البشري فخيارهم وقرارهم يمثل انحرافا عن الحَـقّ عن المبادئ عن القيم هو خيانةٌ، هو خزي، هو عار، هو دناءة، هو انحطاط، هو سفالة، هو نذالة، هو خسة، هو تنكُّرٌ للقيم للأَخْلَاق الإنْسَانية والدينية وفي نفس الوقت هو يسخط الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى ولهُ تبعاته في الآخرة تبعاته في الآخرة كم استشهد في هذا العدوان من المظلومين سواءً في ميدان القتال من الشُّهَــدَاء الأبطال والذين تحَـرّكوا دفاعاً عن هذا الشعب المسلم أَوْ في المناطق نفسها من الذين استشهدوا نتيجة غارات الطيران نتيجة القصف المعادي إلى آخره.
هؤلاء مظلوميتُهم ستكونُ لعنةً إلهيةً على كُــلّ الذين وقفوا في صَـفّ هذا العدوان وأيّدوه ولو بكلمة، وأيّدوه ولو بكلمة يصبح كُــلُّ مَن وقفوا في صَـفّ هذا العدوان وأيّدوه يصبحون بأجمعهم يوم القيامة شُركاءَ في هذا الجُرم الكبير والفظيع والشنيع ثم هم في هذه الدنيا لم يسلموا ولم يرتاحوا كلفة هذا الخيار كبيرة جِـدًّا على المستوى الميداني قتل منهم الكثير والكثير، الآلاف منهم قُتلوا والآلاف منهم جُرحوا وأعداد كبيرة منهم أُسروا ونالتهم في خياراتهم هذه واتّجاهاتهم هذه وتحَـرّكهم في إطار خيارهم الخياني الكثير والكثير من المعاناة، ولكن أخطر منها ما هو في الآخرة ما هو في الآخرة عذاب الله الدائم الأبدي ولو منّاهم الآخرون وغرّوهم وسوّلوا لهم ما هم فيه من خيارٍ خاطئ ومنحرفٍ وباطلٍ لن ينفعَهم ذلك أبداً.
العدوُّ يريدُ من الناس خيارَين: إما جنوداً له أَوْ مستسلمين
الذين اتخذوا أيضاً خيار الاستسلام هم أَيْــضاً هم اتخذوا الخيار الخاطئ في تنصُّلِهم عن المسؤولية التي أمر اللهُ بها وحمَّلَ اللهُ الجميعَ إياها اتّجاههم ذلك وخيارهم ذلك وقرارهم ذلك هو يمثل من جانب خدمة للعدوّ؛ لأَنَّ العدوَّ يريدُ من الناس إما أن يقفوا في صفه أَوْ يستسلموا له، العدوُّ يريدُ من الناس إما أن يقفوا في صفه جنوداً له عبيداً له في خدمته أَوْ مستسلمين له الذين اتخذوا خيار الاستسلام اتّخذوا خياراً خاطئاً منحرفاً وأعوج لا يتطابق بأي حال من الأحوال مع التعليمات الإلهية ولا مع المبادئ الإلهية ولا مع الأَخْلَاق الإسْلَامية أبداً والله يقول [وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ] البعض من هؤلاء يسمون أَنْفُـسهم بالحياديين أَوْ المحايدين ليسوا محايدين التوصيف الصحيح الذي يعبر عن حقيقة موقفهم هو أنهم مستسلمون ويوصفون بالمستسلمين للعدوّ؛ لأَنَّهم اتخذوا قراراً أن لا يقفوا ضد هذا العدوان وأن لا يتصدوا لهذا العدوّ الغازي والمتعدي والمجرم والآثم يعني مستسلمين ومتنَصّـلين عن المسؤولية القُـرْآن الكَـرِيْم لم يقبل بهذا أبداً لم يقبل بهذا أَبَـدًا ولهذا عندما يقول الله [أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ] لَا بـُـدَّ من الموقف لَا بـُـدَّ من تحمل المسؤولية لَا بـُـدَّ من التضحية لَا بـُـدَّ من الصبر في إطار العمل في إطار النهوض بالمسؤولية في إطار التحمل للمسؤولية الذين يسمون أَنْفُـسهم بالمحايدين واتّجهوا اتّجاه الاستسلام والذلة والخنوع والتنصُّل عن المسؤولية أَيْــضاً موقفهم يكشف حقيقة ما هم عليه إنهم يعصون الله إنهم يتنكّرون لتلك التوجيهات التي ملأت صفحات القُـرْآن الكَـرِيْم إنهم لم يصغوا لقوله تعالى [انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ] إنهم لم يلتفتوا إلى سور في القُـرْآن الكَـرِيْم بأكملها تربينا كأمة مسلمة على النهوض بالمسؤولية على التحمل للمسؤولية على التحَـرّك الجاد في مواجهة التحديات والأخطار تنكروا لكل ذلك وبرروا لأَنْفُـسهم وهذه النوعية موجودة في المجتمع المسلم عبر التأريخ بكله وحتى في زمن الرسول صلوات الله عليه وعلى آله في الساحة الإسْلَامية آنذاك كانت توجد أمثال هذه النوعية وكان القُـرْآن الكَـرِيْم يهاجمها بأشد العبارات ويكشف سوء موقفها وخطأ خيارها وغبائها في توجهها لدرجة أن القُـرْآن يصفهم بالمطبوع على قلوبهم يعني ناس وصلوا إلى مستوى عجيب من التبلد وعدم الإحساس لم يعودوا في الوضع الطبيعي للإنْسَان كإنْسَان يُحس بالواقع من حوله يتفاعل مع ما يجري من حوله مظالم كبيرة مآسٍ كبيرة تحَـرّك مشاعره الإنْسَانية ومخاطر كبيرة وتحديات كبيرة تدفعه إلى أن يتحَـرّك حتى بالدافع الفطري [قاتلوا في سبيل الله أَوْ ادفعوا] هناك خطرٌ حقيقي عليكم على بلدكم على شعبكم إما بالدافع الإيْمَــاني واستشعار المسؤولية أمام الله وإما بالدافع الوطني.
خيارُ الاستسلام خدمةٌ للعدوّ وموعودٌ بعذاب الله
الذين اتخذوا خيار الاستسلام اتخذوا خياراً خاطئاً، الله توعد عليه في القُـرْآن الكَـرِيْم بجهنم وبالعذاب (إِنْ لا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ) فالله يخبر -جَــلَّ شَأْنُــهُ- أن عقابه لمن يتخذون هذا القرار وهذا الخيار الذي هو لصالح العدوّ بلا شك ليس حياداً إنه قرار لصالح العدوّ؛ لأَنَّ مما يريده العدوّ هو هذا إما أن تكون في صفه وأما أن تستسلم له عندما تتخذ خيار الاستسلام أنت وافقت للعدوّ وأعطيته شيئا أراده ويريده منك ويطلبه منك ويسعى له منك هذا بعيد عن التربية الإيْمَــانية التي تربي على العزة والكرامة والتي تربي على نحو عظيم تربي على استشعار المسؤولية وليس على التنَصُّـل عن المسؤولية والتهرب منها لا؛ أنت تنتمي لهذا الإسْلَام أنظر ما في قُــرْآنه واقتدي برسوله (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) تأمل ما ذكره القُـرْآنُ الكَـرِيْمُ عن رسول الله في سورة التوبة وفي سورة الأنفال وفي سورة النساء وفي سورة آل عمران وفي كثير من السور القُـرْآنية اقرأ سورة محمد لتعرف روحية محمد نفسية محمد خيارات محمد قرارات محمد مواقف محمد رسول الله صلوات الله عليه وعلى أله هذا هو السبيل الصحيح وطبعاً هناك نشاط استقطابي واسع وهناك تحَـرّك كبير في الساحة في كُــلّ الخيارات وفي كُــلّ المسارات، قوى العدوان ومنذ بداية هذا العدوان وهي تسعى للتأثير على ضعاف النفوس وضعاف الإيْمَــان باستقطابهم نحو الخيانة ونحو العمالة ونحو التنكر لشعبهم ولإيْمَــانهم ولقيمهم ولأَخْلَاقهم وحتى لقيم القبيلة اليمنية الفطرية التي تتشرف بها عبر التأريخ.
للأسف الشديد أَصْحَاب خيار الاستسلام باتوا يروّجون لهذا الخيار وباتوا دُعاةً لهذا الخيار السلبي والسيء، لن يكفيَهم أن تقلّدوا هذا العارَ عار التنَصُّـل عن المسؤولية، رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطُبِعَ على قلوبهم لم يكفِهم هذا العار ولم يكتفوا بهذه الخطوة السيئة التي فيها تخاذلٌ والتي لا تنسجمُ لا مع القيم ولا مع مكارم الأَخْلَاق ولا مع المبادئ الإسْلَامية ولا مع التوجيهات الإلهية والبعض منهم يثّبط ويخذّل تحت عناوين من هنا وهناك وأساليب متعددة.
الخيارُ الرئيسي لأحرار اليمن من كُلّ مناطقه
ويقفُ الشرفاءُ والأخيارُ والصالحون والصادقون والأوفياء والناس الحقيقيون الذين لا يزالون يحتفظون بفِطرتهم الإنْسَانية في الحدِّ الأدنى يقفون في الخيار المشرّف، التصَـدِّي لهذا العدوان، الثبات، الصمود، الصلابة في الموقف، الاستعداد العالي للتضحية، الإباء بأن يتمكّن العدوّ أَوْ أن نمكّنه من السيطرة علينا وَالاستعباد لنا.
هذا الخيارُ فيه الكثير والكثير من أبناء هذا الشعب فيه الكثير الطيب من العلماء علماء الدين ويقف معظمهم في هذا الخيار وفي هذا الاتّجاه ولهم الكثير من اللقاءات والمواقف والنشاط الفعلي في الساحة وهناك تضحيات بفلذات أكبادهم هناك شُهَدَاءُ من البيوت العلمائية البارزة في هذا البلد شهداء في الميدان وهناك نشاط مستمرٌّ في الساحة في كُــلّ الاتّجاهات، دعوة، عظة، تذكير، تحريض، تحفيز، تبيين، وأنشطة عملية أنشطة خيرية أنشطة متنوعة ومتعدّدة لهؤلاء في الساحة هناك من وجهات هذا البلد من شرفائه من أَحْــرَاره من مشايخ القبائلِ مَن يقفون أيضاً في طليعة الموقف منهم الشُّهَــدَاء ومنهم الذين يتحَـرّكون ليلاً ونهاراً في الساحة يحرّكون الناس، يتحَـرّكون في التحشيد يدفعون الناسَ للموقف، وقدموا الشُّهَــدَاء، هناك من ضباط الجيش وقادته من لهم أشرف المواقف في الميدان ومن باتت لهم في التأريخ وفي ذاكرة التأريخ مواقف ستسجل وتدرسها الأجيال القادمة هناك من أبناء هذا الشعب من كُــلّ المناطق من كُــلّ القبائل من كُــلّ المحافظات من يتحَـرّكون ومن قدموا الشُّهَــدَاء واليوم عندما نأتي إلى هذا الخيار ونرى كم قدم أَصْحَاب هذا الخيار وهم الذين يتجهون اتّجاهاً صادقاً واتّجاهاً منسجماً مع هُويّة هذا الشعب في انتمائه الإيْمَــاني، نجدُ أنهم قدّموا أعزاءَهم وأخيارَهم شُهداءَ في هذا الطريق بكل قناعة ولم يهنوا ولم يتراجعوا ولم يخضعوا ولم يخنعوا وهم مستمرّون في نشاطهم وعملهم ومسعاهم الدؤوب في التماسك والصمود والثبات والتصَـدِّي لهذا العدوان شهداؤنا الأَبْرَار وفي طليعتهم الشَّهِيْـد الرئيس صالح الصمّاد وسائر الشُّهَــدَاء الذين قضوا نحبَهم منذ بداية العدوان وإلى اليوم هم يعبّرون هم عن تنوُّع المناطق والقبائل والمكونات فيقدمون الشهادة على حقيقة هذا التوجّه الذي هو الخيار الرئيسي في هذا البلد لكل أَحْــرَاره ولكل رجاله ولكل شرفائه.
الآخرون الذين لهم اتّجاهات أُخْــرَى يحاولون أن يؤثروا وأن يُضْعِفُوا من تأثير أَوْ مِن تفاعُلِ الناس والمجتمع مع هذا الخيار الصحيحِ، العدوّ يبذُلُ أقصى جهدٍ؛ لأَنَّهُ يشعر بحالة إحباط كبيرة وكان يؤمل أن يتمكّنَ من احتلال هذا البلد في فترة زمنية وجيزة ما بين الأسبوعين إلى الشهرين، وها هي أربع سنوات تكادُ تنقضي وهو لا يزالُ يفشلُ وهو لا يزالُ يصابُ بالإحباط وهو يرى في كُــلّ مرحلة من المراحل وهناك مواقفُ عظيمةٌ وتأريخية يسجّلُها بتضحياتهم ومواقفهم واستبسالهم أبناء هذا البلد في الجبهات وهو لا يزال القدرات العسكريّة وهي في مسار التنامي والتطور ويرى كيف أن المسارَ على المستوى مستوى القدرات الصاروخية طائرة بلا طيار وكذلك في البحرية في كُــلّ المسارات يرى هناك إنجازاتٍ ومن واقع المعاناة ولكنهُ يرى إنجازاتٍ فعلية ويرى أن التوجهَ في هذا البلد هو دائماً الإصرارُ على الصمود والاستبسال والثبات وتطوير القدرات وتعزيز كُــلّ ما يساعد على هذا الصمود على كُــلّ المستويات يشتغل العدوّ لإضعاف هذا التوجه بوسائلَ وأساليبَ كثيرةٍ، لعب لعبتَهُ على المستوى الاقتصادي إلى أقصى ما يستطيع أقصى حَـدٍّ، وعمل على أن يُلحق المجاعةَ بهذا الشعب ولكنهُ رأى أنهُ لم يتمكّن من خلال ذلك، من كسر إرادة هذا الشعب هناك شغل وليس جديداً ولكن العدوّ بات يركّزُ عليه بشكل كبير وهو السعيُ لكسر الإرادة في الصمود والثبات وبأساليب أُخْــرَى، أساليب الحرب الناعمة، التي تتجهُ إلى الحالة النفسية والى الحالة الفكرية والثقافية، ويشتغل بوسائلَ كثيرة جِـدًّا ولا يترك أسلوباً من الأساليب إلا ويسعى لاستخدامه لإضعاف الناس عن تفاعلهم وعن استمراريتهم في التصَـدِّي لهذا العدوان.
حذارِ من الحرب الناعمة
فالحربُ على المستوى الإعلامي والثقافي والفكري حربٌ نشطة جِـدًّا، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أَوْ من خلال القنوات الفضائية أَوْ من خلال من يتحَـرّكون بشكل مباشر في الساحة. كُــلّ أبواق الضلال، كُــلّ أبواق العدوان التي تنفخ فيها شياطين الإنس وشياطين الجن في مسعىً للتأثير والتشكيك والتلبيس على الناس في خيارهم للتصَـدِّي للعدوان، في سعي لإثارة الشكوك تجاه أشياء كثيرة جداً بما فيها صواب هذا الخيار الذي هو من أوضح الواضحات وأبين البينات.
الشغلُ في هذا الاتّجاه واسعٌ وبأشكال كثيرة، بشكل مباشر وبشكل غير مباشر وبشكل يؤثر من هنا أَوْ يؤثر من هناك، المهم هو كيف يؤثرون على الإنْسَانِ فيُبعِدونه عن الميدان هذا ما يسعَون له. على مستوى الإفساد النفسي والأَخْلَاقي، يركزون على هذا الجانب، على مستوى إثارة المشاكل والنزاعات والخلافات تحت كُــلّ هذه العناوين، على مستوى الإلهاء للناس والإشغال لهم ذهنيا ونفسيا وعمليا بقضايا هامشية هنا أَوْ هناك، كُــلّ وسيله من الوسائل التي يرون فيها أنها يمكن أن تسهم بمستوى أَوْ بآخر في إشغال الناس عن الموقف الذي يفترض أن يكون هو الموقف الرئيسي والذي ينبغي أن يمثل الأولويةَ للجميع في الاهتمام به وفي التركيز عليه وفي العناية به وفي ألا يقبل الناس أن يشغلهم عنه شاغل هامشي أَوْ أن يفتعل لهم الأَعْــدَاء هنا أَوْ هناك ما يسعون من خلاله إلى إبعادهم عنه.
يجبُ في ظرفٍ كهذا أن نتحلّى بالمزيد من الوعي، إن اللهَ قد أعان على الكثير وإننا بحاجة في هذه المرحلة بالذات إلى أن نسعى إلى المواصلة والاستمرار في التصَـدِّي لهذا العدوان والعدوّ قد تعب بأَكْثَـــر مما يمكن أن يكون الناس قد تعبوا، وقد كلّفه هذا العدوانُ الكثيرَ والكثير والكثير وفضحته هذه الأحداث، اليوم سُمعةُ النظام السعوديّ في العالم هي أسوأ سُمعة، ولربما مَن يتابع ويتحقّق ويتبين يدرك أنه ليس هناك في الدنيا بكلها سلطة أَوْ طرف أَوْ جهة أسوأ سُمعة في الدنيا بكلها من السلطة السعوديّة والتكفيريين.
فُضِحَوا في العالم بأسره وباتوا يتعبون جِـدًّا جِـدًّا وهم في محاولة للتغطية أَوْ للتخفيف من الحالة التي قد وصلوها، في حالة الفضيحة والخزي والسُّمعة السيئة والانكشاف لحقيقة ما هم عليه من إجْرَام ووحشية وسوءٍ وظلم وطغيان وعدوانية، باتت هذه سمات عُرِفوا بها في كُــلّ الدنيا باتوا معروفين بالوحشية، وباتوا معروفين بالكراهية بالعدوانية بالإجْرَام، باتت أبرز جرائمهم في هذا العدوان معروفة في كُــلّ العالم وباتت وصمة عار تقلدوها مخزية لهم؛ ولذلك هم يحاولون في المقابل أن يشوّهوا أَحْــرَارَ هذا البلد وشُرفاءه الذين يتصدون لعدوانهم وأن يشغلوا الناس بافتعال قضايا هنا أَوْ هناك، أشياءَ كثيرة يحاولون فيها التهرُّبُ مما وصلوا إليه.
المطلوبُ منا في المرحلة الراهنة
كلّفهم عدوانُهم على مستوى سُمعتهم ما لم يكونوا يتوقعونه ولا يتخيلون أن يصلوا إليه أبداً، كلّفهم على المستوى الاقتصادي على المستوى العسكريّ بنفسه، معنيون اليوم وبعد كُــلّ هذه التضحيات العظيمة من الشُّهَــدَاء الأَبْرَار أن نحرصَ على أن نزدادَ عزماً وثباتاً وصموداً حتى يتوقفَ هذا العدوان، نحن في موقف الحَـقّ ونحن المُعتدَى علينا ونحن الذين لم نكن من بدأ الحرب على الآخر، ولا من تصرف أي تصرف يبرّر للآخر بحقٍّ أن يفعل ما فعله أبداً.
فإذاً مظلوميتنا وما نحن عليه من الحَـقّ في موقفنا وتوجيهات الله لنا وانتماؤنا للإسْلَام للدين الإسْلَامي للهُويّة الإيْمَــانية يفرض علينا أن نستمرَّ في صمودنا مهما استمر هذا العدوان، وإذا توقف المعتدون علينا نحن دائماً مَن نمتثلُ أمرَ الله (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) نحن الحاضرون دائماً للسلام المشرّف، نحن من أثبتنا هذا في الحوار في السويد مؤخّراً، وفي كُــلّ الجولات الماضية ونحن الذين نؤكد أن موقفنا هو موقف الدفاع المشروع المكفول بحق في شريعة السماء وقوانين الأَرْض وأعراف أهل الدنيا، الموقف الفطري الطبيعي المشروع بكل الاعتبارات والمقاييس، هذا هو موقفنا ونحن نقول للآخرين: إن الأولى لهم أن يكفوا عن عدوانهم.
اليوم بعد كُــلّ هذه التضحيات معنيون أن نواصلَ المشوارَ في التصَـدِّي لهذا العدوان وهو يتجه إلى التصعيد في كثيرٍ من الجبهات، ومعنيون على المستوى الداخلي أن نكونَ أوفياءً لهذه التضحيات في كُــلّ شيء في المبادئ والقيم والأَخْلَاق والاستقامة.
إن شهداءَنا ليسوا مُجَـــرّدَ شهداء صراع، إنهم شهداء ينتمون إلى مبادئَ إلى قيمٍ إلى أَخْلَاق، والجميعُ معنيٌّ في هذا البلد أن يكونَ وفياً لتلك المبادئ لتلك الأَخْلَاق لتلك القيم، معنيون جميعاً أن نهتمَّ بأُسَرِ الشُّهَــدَاء، أن نلتفتَ إليهم التفاتةً جادَّةً، الاهتمام بهم على المستوى التربوي على المستوى الإنْسَاني على مستوى التعليم على مستوى الرعاية الاجتماعية والرعاية التربوية.
وأُسَرُ الشُّهَــدَاء أَنْفُـسُهم معنيون أن يجعلوا من شهدائهم أُسوةً في الثبات على الحَـقّ في الاستقامة على طريق الحَـقّ في الاستقامة على المستوى السلوكي والعملي والأَخْلَاقي في أن يكونوا لبنات في هذا المجتمع تزيد هذا المجتمع صلاحاً وأن يكونوا كما كانوا في قوة موقفهم وتماسُكهم قدوةً في أوساط هذا المجتمع في استقامتهم وصلاحهم وأثرهم الطيب في الساحة من حولهم.
اليوم على مستوى المسؤولية في كُــلّ مواقع المسؤولية الدولة والمسؤولون والوجاهات الاجتماعية والعلماء والشخصيات الكل معنيٌّ أن يواصلَ إسهامَه بجديّة باستشعارٍ للمسؤوليةِ بتوجهٍ جادٍّ وبشكل كبير حتى يكتب الله الفرج، واللهُ خيرُ الناصرين.
إنَّ اللهَ سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى لم يتخلَّ عن شعبنا، لقد أعان عوناً عظيماً وأيّد تأييداً كبيراً، ولقد بات موقفُ شعبنا بعد اتضاح مظلوميته في كُــلّ أقطار العالم في الساحة العالمية بشكلٍ عام وإنصافه بات في الموقف الأعلى من موقع المظلومية ومن موقع الثبات.
معنيون اليوم بالاهتمام على مستوى كُــلّ المجالات على مستوى التحَـرّك التوعوي على مستوى التحريض على مستوى النشاط في الساحة على مستوى العمل الخيري على مستوى التكافل الاجتماعي كما نحن معنيون على مستوى العسكريّ والمستوى الأمني أن نتجهَ هذا الاتّجاهَ الصحيحَ الذي يعزّزُ الصمودَ والثباتَ والتماسُكَ، ويعزّزُ من حالة الروابط والتآخي والتعاون.
هذا المطلوبُ منّا وهذا الذي تمليه علينا المسؤوليةُ، يمليه علينا انتماؤنا وهُويَّتُنا الإيْمَــانية.
ونَسْأَلُ اللهَ سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى أن يُوَفِّقَنا وإيّاكم لما فيه رِضَاه، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنا الأَبْرَارَ، وأن يُلْحِقَنا بهم صالحين، وأن يُفَرِّجَ عن أَسْرَانا، وَأَنْ يَنْصُــرَنَا بِنَصْرِهِ، إِنَّهُ سَمِيْـعُ الدُّعَـاء..
السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه..