جدوى الاحتفاء بذكرى الشهيد .. بقلم د/ عبدالملك عيسى
مشاهدُ انتشار صور الشهداء، ومشاهد معارض الشهداء على اختلاف مناطقهم، مشاهدُ زيارة روضات الشهداء، مشاهد الفعاليات المتعددة في المدارس والجامعات والأسواق والمساجد والساحات للاحتفاء بالشهداء.
كل تلك المشاهد لها وظيفةٌ هامة أساسية فهي تخلق وعياً مجتمعياً بعظمة الشهادة وعظمة الشهداء واستشعار منا بفضل هؤلاء الذين ضحوا بأنفسهم لندرس ونعمل ونرتاح فبهم وتضحيتهم نحن هنا ساكنون آمنون.
الأعظم من ذلك هو التفاعل الكبير الملفت للانتباه مع فعاليات أسبوع الشهيد من قبل كُلّ أطياف المجتمع، فبعد أن كانت تقام فعالية مركزية واحدة أصبحت تقامُ آلافُ الفعاليات وأصبح المجتمع كُلّ المجتمع يتفاعلُ مع ذكرى الشهيد ويشارك فيها ويتبرع لإقامتها مما يدل على مدى الاحتضان والاحترام التي يُكِنُّه المجتمع للشهداء بل ويدُلُّ على الامتنان لهذه التضحية العظمى التي قدمها الشهداءُ ليحيى الباقون في سلام.
عندما يشاهد الشباب هذا التفاعل المنقطع النظير والإيجابي مع الشهداء والاهتمام التي تحظى به عوائلُ الشهداء فهو يغرس في أنفسهم حبَّ التضحية والفداء؛ لأَنَّه يشعِرُهم بالاطمئنان الكامل أن تضحيته ستجد من يقدّرها ويحافظ عليها ويمشي على دربها.
فالشهيدُ لن يكون في أية لحظة من اللحظات عبارة عن صورة في حائط بل هم مشاعر وسلوك يجسده كُلّ فرد منا، ففي أسبوع الشهيد نتذكر سيرهم وبالتالي الهدف الأسمى الذي ضحّوا من أجله نتذكر حبهم لوطنهم وقائدهم وبالتالي يغذّينا الشهداء عبر وصاياهم بمعنويات عالية للسير على هذا النهج والاقتداء بهم لنصلَ إلى مكانتهم العليا التي وصلوا إليها.
من منا سيجد أيَّ فرد من المجتمع لا يتحدث عن عظمة الشهداء وعن فضلهم علينا وقدتهم لنا، من منا لا يحترمُ أبناء الشهداء ولا يحبهم ويجلُّهم؛ لأَنَّنا في أعماقنا نشعُرُ بفضلهم علينا، كُلّ فرد يشعر بهذا الشعور، وما أسبوع الشهيد إلا عملية تذكير سنوية وإبراز لما نُكِنُّه في داخلنا نحو الشهداء لنعبر بشكل جماعي عن هذا الحب والاحترام والتقدير انطلاقاً من قول الله تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ).
المجتمعُ يتفاعل مع أسبوع الشهيد؛ لأَنَّ هناك إجماعاً شعورياً بعظمة الشهداء ويريد المجتمع أن يرسل رسالة للجرحى ورسالة للأسرى في معتقلات العدو ورسالة للمقاتلين في جبهات العزة أن الناس معكم وخلفكم لستم وحدكم وأن أهلكم وقبائلكم ملتفون حولكم وأن صمودكم سرُّ سعادتنا؛ لذا لن ننساكم حتى ولو أصبحتم أحياءً عند ربكم تُرزقون.
الرحمةُ للشهداء، الشفاءُ للجرحى، الحريةُ للأسرى، النصرُ للمجاهدين.