السفير السعودي: الحاكم الفعلي لسلطة المرتزقة
المسيرة | ضرار الطيب:
قال السفيرُ السعوديّ في اليمن، محمد آل جابر، إنه سيضغَطُ على الفارّ هادي لقبول الإطار العام للحل السياسيّ في جولة المفاوضات القادمة، حتى لو تضرّرت “سلطة هادي” نفسُها من ذلك الضغط. بقدر ما يمثلُه هذا الإعلانُ من تعبير صريح عن استعداد الرياض للتخلّي عن الفارّ هادي، فهو يمثّلُ أَيْـضاً دلالةً أكثرَ صراحةً على مدى النفوذ الكامل الذي يمتلكه آل جابر في التحكم بسلطة المرتزِقة بشكل كامل، وهو نفوذٌ لم يظهر فقط في هذا التصريح الذي استهدف الرمز الأول للمرتزِقة، بل يأتي ضمن مسيرة واضحة ومعلنة من الأعمال والتصرفات التي أثبتت أن السفيرَ السعوديّ هو الحاكمُ الفعلي لحكومة الفار هادي، وأنّ مسألةَ تواجد أي مسؤول في تلك الحكومة يعتمد بشكل رئيسي على رضا السفير المعبر عن رضا المملكة.
كلامُ آل جابر عن الضغط على الفار هادي، جاء خلال حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية “إيرين” قبل أيام، وقد احتوى الحوارُ على العديد من التصريحات ظهر فيها السفير بصورة المسؤول الأول عن كافة الملفات التي تتعلق بحكومة المرتزِقة، وهي صورة قد اكتمل رسم ملامحها مسبقاً على طول خط عمل السفير في اليمن خلال الفترة الماضية من العدوان.
وتلخصت ردود الفعل على تصريحات آل جابر، في أن “الخضوع المطلق” الذي يجدُه لدى مسؤولي حكومة المرتزِقة، هو من جعله يرى لنفسه الحق في تحديد مصير الفار هادي وحكومته، إذ تضمنت التصريحات أَيْـضاً “توجيهات” بشان شكل الحكومة التي “يجب” تشكيلها في المستقبل، وتوجيهات لـ “الجنوبيين” بالذات.
وفي هذا السياق، قال القياديُّ في الحراك الجنوبي “فادي باعوم” على صفحته في فيسبوك: “لا ألوم السفير السعوديّ وهو يتصرف كالآمر الناهي في الجنوب وبكل غطرسة وغرور، فهو لم يجد إلّا كُلّ انبطاح وتذلّل ومواقفَ مخزية، فلا أحد يستطيع أن يعتليَ ظهرك إلّا إذَا انحنيت”.
في الأول من أغسطس من العام الماضي، وقف آل جابر على رأس عدد من مسؤولي المرتزِقة في استقبال الفار هادي عند وصول الأخير إلى محافظة المهرة، في سابقة أثارت استياءً واسعاً لدى ناشطي المرتزِقة أنفسهم، إذ بدا الفارُّ هادي وكأنه مسؤولٌ أجنبي، فيما ظهر آل جابر وكأنه أحد قيادات السلطة المحلية في المحافظة، وكتب الناشط المرتزِق عباس الضالعي يومها، أن هذا “ليس خطأ بروتوكوليا وإنما تكريسٌ للوصاية على اليمن والسيطرة على القرار السيادي” واصفاً السفير السعوديّ بأنه “بريمر اليمن” في إشارة إلى الأمريكي، بول بريمر، الذي كان يمثّل الحاكم الفعلي للعراق عام 2003.
ويرتبط اسمُ آل جابر دَائماً بالتغييرات المفاجئة التي تطرأ على حكومة المرتزِقة على مختلف الدرجات الوظيفية فيها، فعند تعيين رئيس حكومة المرتزِقة الجديد، معين عبدالملك، خلَفاً للمرتزِق بن دغر، كان اسمُ السفير السعوديّ يرافق اسم المرتزِق الجديد في جميع ردود الأفعال الإعلامية تقريباً، ولم يجد حتى ناشطو المرتزِقة أنفسُهم بُدًّا من الاعتراف بأن “معين” أحد أكثر المقربين من آل جابر.
وفي محافظة المهرة، التي يصطدم فيها الاحتلالُ السعوديّ برفض شعبي قوي، ارتبط اسم آل جابر أَيْـضاً بتغيير المحافظ السابق، ووكيل المحافظة، ومدير الأمن، وأخيراً مدير مكتب حقوق الإنسان، الذين تمت إقالتهم على خلفية مواقفهم الرافضة للتواجد السعوديّ، الأمر الذي لم يدع مجالاً للشك في أن هيكل سلطة المرتزِقة يرسمه قلمُ السفير بما يوافق مشروعَه الخاص.
أما لقاءاتُ السفير بمسؤولي حكومة المرتزِقة فهي أكثرُ من أن تُحصَى، والأسبوع الفائت التقى بعدد من البرلمانيين المرتزِقة في الرياض، فيما تتواصلُ زياراتُه الميدانية إلى المحافظات المحتلّة.
وبالمجمل، فإن مختلفَ نشاطات وتصريحات آل جابر لا تترك وراءها أيَّ شك حول امتلاكه لزمام أمور سلطة المرتزِقة ويعترف المرتزِقة بذلك بوضوح، وقبل أشهر نشر الصحفي الموالي لتحالف العدوان صالح العبيدي صورة له مع السفير على موقع فيسبوك، وعلق عليها بالقول: “مع حاكم اليمن، محمد سعيد آل جابر”، وهو ما يؤكّد حقيقةَ كون سلطة المرتزِقة مجرد غطاء للوصاية السعوديّة التي يرادُ تكريسُها من خلال العدوان.