للشهداء في ذكراهم الدائمة .. بقلم/ راجح عامر
بَكَى قَلَمِي واكتَوى دَفتَري * بِأدمُعِهِ دَمعِ مُعتَذِرِ
بَكَى قَائلاً كَيفَ أكتُبُ عَن * مَلائكَةِ الأرضِ والبَشَرِ
عَنِ الشُّهَدَاءِ جَمَالُ الجَمَال * ومُقتَبَسُ الشَّمسِ والقَمَرِ
تَظَلُّ القَرِيحَةُ في حَيرَةٍ * بِأيِّ القَوَافيَ والأبحُرِ
تُعَبِّرُ عَنهُم وهُم فَوقَ ما * بِهَا مِن خَيَالٍ ومِن فِكَرِ
ويعيا (امرؤ القيس) في وصفهم * ولا يسمح القول (للبُحتري)
أنَا إن كَتَبتُ استَحَت أحرُفي * وَبَانَ على اللَّفظِ والأسطُرِ
عَنِ الشُّهَدَاءِ وذَا حَسبُهُم * حَكَا اللهُ في مُحكَمِ السُّوَرِ
أحَبَّهُمُ واصطَفَاهُم فَهُم * ضُيُوفٌ لَدَيهِ على سُرُرِ
فَلَا تَحسَبُوهُم مَوَاتَاً فهُم * بِهَا بَدَأوا أجمَلَ العُمُرِ
وَهُم في حَيَاةٍ حَقِيقِيَّةٍ * وَنَحنُ بِذلكَ لم نَشعُرِ
وآتَاهُمُ اللهُ مِن فَضلِهِ * فَطَارُوا مِنَ الفَرَحِ المُغمِرِ
ومُستَبشِرُونَ بِمَن خَلفِهِم * بِأمنٍ مِنَ الخَوفِ والضَّرَرِ
يَقُولُونَ يَا لَيتَ أهلَ الدُّنَا * بِمَا نَحنُ فيهِ على خَبَرِ
هُمُ الشُّهَدَاءُ وتَارِيخُهُم * مُضِيئٌ بِمَا فِيهِ مِن عِبَرِ
فَهُم عَظَّمُوا اللهَ حتى غَدَا * سَواهُ لَدَيهِم مِنَ الأصغَرِ
وكَم قَبَّلُوا مُصحَفَ اللهِ إذ * تَلَوه تِلَاوَةَ مُستَبصِرِ
تَلَوهُ هُدَىً وارتَوَوا ثِقَةً * وصَدُّوا المُدَرَّعَ بِالمَعبَرِ
وَبَاعُوا مِنَ اللهِ أروَاحَهُم * فَيَا حَبَذا البَيعُ والمُشتَري
وَفَازوا برضوانِه مُيُّزوا * عَنِ الخَلقِ في سَاحَةِ المَحشَرِ
فَهُم صَفوَةُ النَّاسِ خِيرَتُهُم * وهُم في الخَلِيقَةِ كالجَوهَرِ
وهُم كَعبَةُ البَذلِ والتَّضحِيَات * وَمَدرَسَةُ الصَّبرِ والمِنبَرِ
وَهُم في الشَّجَاعَةِ عِنوَانُهَا * فَقد رَسَمُوا أنصَعَ الصُّوَرِ
لَقَد وَرِثوا العَزمَ مِن حَيدَرٍ * وصِدقَ الوَلاءِ مِنَ الأشتَرِ
وهُم عَلَّمُونَا مَعَاني الفِداء * وَخَطُّوا لَنَا بِالدَّمِ الأحمَرِ
وهُم كُلَّمَا سَقَطوا ثَورَةٌ * على كُلَّ طَاغٍ ومُستَكبِرِ
نُشَيِّعُهُم ثُمَّ نُرسلُها * لُيوثَاً على كُلِّ مُستَحمِرِ
مَضَوا في خُطى الآل قائدُهُم * إمامٌ عَظيمٌ فتىً حيدري
أَعَادُوا لِأمَّتِنَا مَجدَها * ودَاسُوا على الشَّانئِ الأبتَرِ
وهُم شّيَدُوا صَرْحَ عِزَّتِهَا * وهُم دَفَنُوا الذُّلَّ في الحُفَرِ
إذا فَاحَ عِطرُ كَرَامَتِنَا * فَمِن عَرَقِ الأشعَثِ الأغبَرِ
لَهُم تَنحَني شَامِخَاتُ الجِبَال * وتَسجُدُ مَذهُولَةَ المَنظَرِ
وتَنطِقُ عَنهُم كَرَامَاتُهُم * فَتُلجِمُ كُلَّ فَمٍ مُفتَرِي
وفي كُلِّ نَصرٍ لهُم آيةٌ * تَدُلُّ على حَقِّ مُنتَصِرِ
لَهُم أصدقُ العَهدِ أنَّا هُنَا * على الدَّربِ مَاضُونَ في الأثَرِ
نَجُوبُ الفَيَافي وهَامَاتُنَا * بِهِم تَعتلي هَامَةَ (المُشتَري)
نُقَبِّلُ تُربَةُ أقدَامِهِم * فَنَشتَمُّها نَكهَةَ العَنبَرِ
وتبقى وَصَايَاهُمُ مَنهَجاً * ودَرسَاً لدى كُلِّ مُستَنفِرِ
هَمَت دَمعةُ الكونِ إذ رحلوا * بديلاً عن العالَمِ القَذِرِ
وهَنَّت ملائكةُ الله مَن * لَهُ أيُّ قُربٍ من الأسرِ
عليهم مِنَ الله أزكى السَّلام * مَدَى الدَّهرِ يَنسَابُ كالمَطَرِ
وصَلَّى إلهي على المُصطَفَى * وعِترَتِهِ قَادَةِ البَشَرِ