مسرحية جديدة لإعلام العدوان في حرض
المسيرة | ضرار الطيب
يواصلُ إعلامُ العدوان التمرغَ في وحل الأكاذيب والتزوير والفبركة، محاولاً بذلك اختلاق تضليلات يأملُ من خلالها التغطيةَ على الفشل الذريع لتحالف العدوان في كافة المجالات، وَالتشويش على جرائمه المتزايدة والمشهودة بحق اليمنيين، إلا أن كُـــلّ تلك الأساليب التي يلجأ إليها دائماً ما تحوي في شكلها ومضمونها دلائل الزيف والفبركة، مضيفة بذلك فشلاً جديداً إلى مسيرة السقوط المستمرة التي يهوي فيها العدوان منذ قرابة أربعة أعوام.
آخرُ مسرحية فبركة لجأ إليها إعلام العدوان، قبل يومين، جاء فيها أن من أسماهم “الحوثيين” استهدفوا مخيماً للنازحين في قرية شليلة بمنطقة حرض الحدودية، في محافظة حجة، زاعماً أن مدنيين من النساء والأطفال سقطوا ضحية ذلك الاستهداف.
ومنذ اللحظات الأولى لإعلان الخبر، ظهرت دلائلُ التزوير والفبركة على القصة، إذ اختلفت رواياتُ وسائل إعلام العدوان بشكل ملفت، حيث قالت سكاي نيوز التابعة للإمارات: إن الاستهدافَ تم بواسطة صواريخ كاتيوشا، بينما قالت قناة العربية السعودية إنه كان بطائرة بدون طيار، ثم انقلبت على روايتها أَيْضاً وقالت إنه كان بصواريخ موجهة، وذلك قبل أن يأتي في الأخير وزير إعلام المرتزِقة، معمر الإرياني، ويقول إنه كان بواسطة قصف مدفعي، وحتى الآن لم يتفقوا على رواية واحدة.
تخبطٌ كشف زيفَ الخبر من أول لحظاته، لكن المسرحية لم تنتهِ عند هذا الحد، إذ يبدو أن القائمين على إعلام العدوان أدركوا فضيحة التناقض، فقرّروا التوافق على شيء واحد، وهو مقطع فيديو قصير جدا ومجموعة صور بادروا إلى بثها على أمل الخروج من المأزق، لكن ما حدث هو أن الفضيحة اكتملت بدلائل إضافية أثبتت الفبركة.
مقطع الفيديو نشرته قناة “الغد المشرق” التابعة للإمارات، وظهر في لقطة خاطفة منه “مكان الاستهداف ” المزعوم: عبارة عن مجموعة خيام في منطقة رملية، وبالقرب منها مساحة صغيرة مكشوفة تناثرت فيها مجموعة من الأحجار والمتعلقات، بدون وجود أية مظاهر لانفجار أَو حريق، ولا وجود لأية ضحية على الأرض، وامرأة ترفع بطانية عليها علامات حمراء، ثم انتقل المقطع بسرعة إلى داخل مستشفى ليعرض “الضحايا” المزعومين على هيئة أكياس بيضاءَ مغلقة تَماماً لم يتبين ما بداخلها.
أما الصورُ التي نشرها وزيرُ إعلام المرتزِقة، معمر الإرياني، فلم تختلفْ كَثيراً عن ما نشرته القناة الإماراتية، إذ عرضت أحد الأطفال يبكي على نقالة بدون أن يظهر عليه أي أثر لإصابة جسدية، كان تحته علبة عصير، وبجواره كيس أبيض يبدو أنه كان معدا لإدخاله فيه، وخلفه شخص يرتدي زيا عسكريّا، وعرضت صورة أخرى “شيئا” ما ممد على سرير، يفترض أنه إنسان وجهه مغطى تَماماً بغطاء أسود، وجسده مغطَّىً بلحاف، ولا يظهر منه أي شيء، وصورة عرضت شخصا سليما يقف على الطريق وعلى قميصه علامات حمراء، ورأسه مربوط برباط أبيض، ولا علامة واضحة على إصابته.
وبالمجمل، فكل ما عرضه إعلام العدوان، لم يتضمن ضحية واحدة يظهر على جسدها إصابة واضحة كتلك التي نشاهدها على اجساد ضحايا مجازر العدوان، أما “القتلى” الذين عرضهم فلم يتبين حتى إذَا ما كانوا بشراً؛ لأن كُـــلّ ما تم عرضُه مجرد أكياس بيضاءَ مغلقة، داخل مستشفى هادئ، ناهيك عن مكان الاستهداف الذي لم يكن بداخله أية ضحية، ولو كان هناك ضحية واحدة حقيقية لما تردّد إعلام العدوان عن تصويرها بدقة عالية ومن كُـــلّ الاتّجاهات.
كما أن وسائلَ إعلام العدوان لم تذكر حتى الآن اسم ضحية واحدة من القتلى أَو من الجرحى الذين سقطوا في القصف المزعوم، ولم تأخذ حتى تصريحاً قصيراً لأيٍّ من “الجرحى” المزعومين الذين تم تصويرهم وهم واقفون على الطريق.
مسرحية واضحة تحدثت عن نفسها بنفسها، ويزيد من التأكيد عليها طبيعة المنطقة التي زعم إعلام العدوان وقوع الاستهداف فيها، وهي قرية تسيطر عليها وتتمركز فيها قوات المرتزِقة، ولا يوجد فيها أية مخيمات للنازحين، وقد العدوّ لجأ إلى اختلاق هذه المسرحية في تلك المنطقة، كمحاولة بائسة للتغطية على الهزائم المتتالية الكبرى التي يتكبّدها هذه الفترة في جبهة حرض، حيث تراجعت قواتُه بشكل كبير خلال الأَيَّـام الماضية أمام هجمات نوعية لقوات الجيش واللجان.