والدة شهداء آل اللاحجي.. صلابةُ موقف وعنفوانُ امرأة .. بقلم/ عبدُالرحمن محمد حميد الدين
هناك الكثير من الدروس التي يستلهمها كلُّ من يبحث ويتتبع وراء ذلك المحيط أو تلك الظروف التي دفعت الشهداء للتضحية بأنفسهم تحت عنوان سبيل الله.. بل قد يتفاجأ الكثيرُ منا عندما يسمع حكاية شهيد أو موقف أسرة شجّعت أو دفَعت بفلذات أكبادها إلى جبهات القتال؛ فلكل شهيد حكاية، ولكل أسرة شهيد موقف.
لقد انتابني شعورٌ غريب عندما شاهدت صورةً للشهداء الإخوة الأربعة من آل اللاحجي على رصيف أحد شوارع العاصمة صنعاء؛ جعلني في حيرةٍ حقيقية، وفي حالة ذهول بالرغم من معرفتي بأن هؤلاء الشهداء الأربعة كانوا من السبّاقين في درب الشهادة.
وعندما استرجعت ذلك الموقف العظيم الذي أبدته والدتهم الكريمة؛ بتلك الكلمات البليغة، والصامدة، والمعبرة عن صلابة موقف، وعنفوان امرأة اهتزت لها عروشُ الطواغيت الذين بالتأكيد يتابعون – من خلال مراكز دراسات متخصصة وغرف عمليات – ردة فعل أهالي الشهداء، ومدى قابليتهم للاستمرار في درب التضحية والصمود.. تلك الكلمات التي قالتها هذه المرأة العظيمة بعد استشهاد ابنها الرابع والأخير جعلتني على يقين بوجود انسجامٍ تام بين موقف هؤلاء الشهداء وبين موقف والدتهم، والذي يدل أيضًا على أن هذه المرأة العظيمة كانت تدفع بأولادها وتجهزهم للجهاد في سبيل الله.
وباستقراء بسيط لروح القرآن الكريم وحركة التأريخ؛ لو كانت هذه المرأة المجاهدة والعظيمة في مرحلة إنزال الكتب لكانت بحدّ ذاتها ملحمة فريدة من نوعها تستحق الذكر مثلها مثل امرأة فرعون وأمّ موسى ومريم ابنة عمران.
لم أكن أتوقع في يومٍ من الأيام أن تلك النماذج التي تحدث عنها القرآنُ الكريم أو كتَبَ عنها التأريخُ؛ وكانت جنبًا إلى جنب مع معاناة الأنبياء وتضحياتهم تقدم الغالي والنفيس، وتعتبره زهيدًا في جنب الله؛ لم أتوقع أن يتكرر هذا النموذج بأبهى صوَره بعد أكثر من أربعة عشر قرنًا من تأريخ الإسلام المحمدي.. إنها بحقٍّ معجزة العصر وأسطورة التأريخ، تستحق أن يقف لها الإنسانُ إجلالاً وتجفّ تجاهها الأقلام وتُرفع الصحف تعظيمًا وتوقيرًا.
والعاقبة للمتقين..