أمريكا بذور نشأة الاستكبار .. بقلم د/ عبدالملك عيسى
يستغربُ كثيرون من متابعي السياسيّة الدولية من السلوك الاستعلائي والاستكباري لدولة الإرْهَــاب المسمّاة بالولايات المتحدة الأمريكية، ولكن عند تشريح نشأة أمريكا سوسيولوجيا سيتحوّلُ الاستغرابُ إلى واقع طبيعي؛ لأَنَّ هذا الاستعلاءَ ناتجٌ عن الأُسُس والكيفية التي نشأة عليها أمريكا كمجتمع وكــدولة.
السكانُ الأصليون لأمريكا هم الهنود الحُمر، كما سماهم الاستعمار الأوروبي، سكنوا القارة الأمريكية منذ 8000 سنة قبل الميلاد، وكانت لهم حضارةٌ وثقافة وتأريخ، إلا أن الاستعمار قضى على هذه الحضارة عبر المجازر الجماعية للبشر والحجر والتأريخ من قبل قطعان المستوطنين الأوروبيين والذين كانوا عبارة عن مجرمين خطرين تم إطلاقهم من سجون أوروبا.
ثم إن دولة أمريكا منذ النشأة الأولى قامت على الاستيلاء على الأراضي المكسيكية والهيمنة بقوة السلاح على الأرض المعروفة اليوم بأمريكا، كما قامت النهضة الأمريكية على أكتاف الأفارقة الذين تم بيعُهم بالملايين كخَدَمٍ ولا زالوا يعانون إلى اليوم من التهميش والقتل في شوارع المدن الأمريكية وَتتعامل معهم الشرطة الأمريكية كحمل زائد عن الحاجة يجب قتلُهم كسياسة رسمية.
هذه العقليةُ الشيطانية هي نفسها التي نصبت من نفسها شرطي العالم، فالحق ما تراه أمريكا والديمقراطية وحقوق الإنسان، هذه الشعارات الكاذبة هي ما تراه أمريكا فنراها وراء كُــلّ انقلاب عسكريّ على حرية الشعوب منذ مصدّق إيران وبوليفار فنزويلا وحتى مادورو، فكلُّ نظام يمثّلُ شعبَه ويحاول تطويرَ أمته ويكون لديه قرارٌ حر وسيادة يُعتبَرُ في وجهة النظر الأمريكية نظاماً مارقاً غير ديمقراطي، بينما هي تدعم كُــلّ أنواع الإرْهَــاب والطغيان، فنراها اليوم تدعمُ السفّاحَ بن زايد الإماراتي والمنشار بن سلمان السعوديّ والقاتل السيسي والبشير وغيرهم من طغاة الأرض المنتهكين لكل قيمة إنسانية ومنها دعمهم للعدوان على اليمن.
وبنفس هذا الوقت، تمنع أيَّ مجتمع من الاكتفاء الذاتي وصرف موارده الطبيعية في نهضة أمته، بل يجب أن تتصرفَ أمريكا بهذه الموارد، وهذا ما تحاولُ فرضَه على كُــلّ دول العالم بما فيها الصين وإيران وفنزويلا وروسيا وسوريا وكل مجتمع حر.
أمريكا -في حقيقة الأمر وخلاصته- منذ نشأتها تحكُمُها عصابةٌ واحدة ولا يستطيع أن يصلَ إلى الحكم إلا من هو ضمن هذه العصابة المسمّاة الانجلوسكسونيين وحتى عندما أتى رئيسٌ من خارج هذه العصابة وهو جون كينيدي تمت تصفيتُه واغتياله من قبل المخابرات الأمريكية.