رسائلُ الأسير السعودي .. بقلم/ أحمد الحسني
تجاهُلُ حكومةِ المملكة للعَرْضِ الإنْسَاني اليمني تسليمَ الأسير السعوديّ المريض وَلامبالاتها به إذَا وضع على ميزان المقارنة بحرص الحكومة الإسرائيلية على استعادة أسراها وَجثث قتلاها وَما تبذُلُه مقابلَ ذلك لا يستدلُ به على أن الحكومة الإسرائيلية أذكى من حكومة المملكة فذلك ليس موضعَ شك، وَإنما يقطعُ بأن حكامَ المملكة اليوم في حضيضٍ من الانحطاط وَالوضاعة، لم يتمكّن حتى الصهاينة من بلوغه بكلِّ ما أوتوه من تميُّز في هذا المجال وَما لهم فيه من تأريخ عريق؛ وَلأن المرتزِقَ لا يكونُ بطبيعة الحال نِدًّا وَلا أعلى منزلةً ممن يدفعُ له، وَإنما جرذاً تحت نعاله يتعيّنُ أن يكونَ مرتزِقةُ حكام المملكة وَتحالفُها في الدرك الأَخْلَاقي الأسفل مِن سادتهم، سواء في خنادق المواجهة أَو على طاولات التفاوض.
استنتاجٌ يعضُدُه سِجِلٌّ طويلٌ من الغدر وَالخيانة وَالاغتيالات وَالذبح وَالسحل والاغتصاب وَقتل الأسرى وَتعذيب المعتقلين وَإذكاء النعرات الطائفية وَالسُّلالية وَالمناطقية وَنقض المواثيق وَالتملص من الاتّفاقيات وَبيع دماء رفاقهم وَحلفائهم الذين تعمّد طيرانُ أسيادهم قتلَهم في الجبهات وَمجالس العزاء… إلخ قائمة الشناعات وَالمخازي التي لا تكادُ تحفلُ بغيرها ذاكرةُ السنوات الأربع من العدوان وَالتحضير لها.
وَإدراك هذه الحقيقة يقتضي أن نتوقعَ شناعاتهم بدلاً عن الذهول منها، وَنستنتج من عرقلتهم غير المنطقية لملف إطلاق سراح الأسرى وجودَ جرائمَ جديدة قد ارتكبوها وَسيرتكبونها في حقِّ أسرانا لديهم، وَليس فقط عدم مبادلتهم كالعادة بأسراهم.
وَالأَهَمّ هو أن إدراكَ تلك الحقيقة سيمنحُنا الثقةَ أَكْثَــرَ بأن نخوضَ في مواجهة أولئك الحُثالات معركةَ قِيَمٍ، وَيعزّزَ إيْمَـانَنا بأننا مَن يجبُ أن ينتصرُ، وَبأننا من سينتصرُ في هذه المعركة، وَأن ساعةَ ذلك قد صارت وشيكةً.