الإمارات تفتح نيرانها على اتّفاق السويد
المسيرة | ضرار الطيب:
ضمن جهوده المتواصلة لإفشال اتّفاق وقف إطلاق النار في الحديدة، صعّد الاحتلالُ الإماراتي من خروقاته الميدانية بشكل غير مسبوق، الأربعاء الفائت، عندما شن 15 غارة جوية على مناطقَ متفرقةٍ في المحافظة، في تصعيد خطير يمثل انقلاباً واضحاً على الاتّفاق، ويعبّرُ عن رغبة إماراتية جامحة في دفن نتائج مشاورات استوكهولم التي أقرها مجلس الأمن الدولي بالقرار 2451.
الغاراتُ حملت بصمةً إماراتية واضحة أَوّلاً من خلال تصاعد وتواصل المحاولات الحثيثة لمرتزِقة أبو ظبي في خرق الاتّفاق وعرقلة تنفيذ خطواته منذ التوقيع عليه، حيثُ جاء القصفُ الجوي ليعبر عن وصول تلك المحاولات إلى ذروة معينة من التصعيد ضد الاتّفاق.
وزاد من التأكيد على ذلك، تصريحات وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، التي أعقبت الغارات، حيث سارع إلى تبنّي تلك الغارات والتهديد باستخدام المزيد من “القُــوَّة”، متقمصاً في ذلك دورَ ناطق تحالف العدوان الذي التزم الصمت حيال الغارات بشكل تام، وهو الأمر الذي لم يدع مجالاً للشك في أن القصفَ كان إماراتياً بشكل كامل، وأوضح الصورة أكثر حول الطرف الذي يقف وراء عرقلة وخرق الاتّفاق بشكل يومي في الحديدة.
المبعوثُ الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، عبّر، أمس الأول، عن “قلقه” إزاءَ التصعيد الإماراتي في محافظة الحديدة، وهو ما يثبتُ خطورةَ التصرفات الإماراتية على مستقبل اتّفاق السويد.
من جهته، اعتبر عضو الوفد الوطني المفاوض، سليم المغلس، أن القصفَ الجوي على الحديدة يمثّلُ “تصعيداً هو الأخطرُ منذ مشاورات السويد”، مؤكّــداً على أن صمت الأمم المتحدة إزاءَ الخروقات والانتهاكات المتواصلة من قبل قوى العدوان، هو الذي دفع نحو هذا التصعيد.
وجاء القصفُ الإماراتي على الحديدة بالتزامن مع تغيير رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الأممية، باتريك كاميرت الذي انحاز بوضوح إلى خيار عرقلة تنفيذ الاتّفاق خدمة للعدوان، وَتعيين الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغار بدلاً عنه، وهو التغيير الذي ألقى بظِلاله على موقف الإمارات من الاتّفاق، إذ لجأت فوراً إلى “القُــوَّة” بحسب اعتراف قرقاش، بمُجَرّد أن تأكّــدت من رحيل الرجل الذي كان ينفّــذ أجندتها المعرقلة.
ووقع القصفُ بعد يوم واحد من خرق مشهود ارتكبته قوى العدوان داخل محافظة الحديدة، وبحضور فريق لجنة تنسيق إعادة الانتشار الأممية، حيث جرى استهدافُ فريق نزع الألغام أثناء عمله في فتح الطريق إلى مطاحن البحر الأحمر بناء على اتّفاق مع لجنة التنسيق، ما أدّى إلى استشهاد أحد أفراد الهندسة، في خطوة اعتبرها رئيسُ الوفد الوطني المفاوض محمد عَبدالسلام “إثباتاً عملياً” على عرقلة قوى العدوان لاتّفاق السويد.
وأمام الغطرسة الإماراتية، أكّــد رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي، أنه لا بديلَ عن تنفيذ اتّفاق السويد أَو يكون الجحيمُ بانتظار الغزاة والمرتزِقة في الحديدة في حال مضوا في نواياهم نحو إفشال الاتّفاق.
وقال الحوثي في تغريدة عبر صفحته بموقع تويتر عقب تصريحات الوزير الإماراتي: إن “الحديدةَ ليست سهلةً فإما السلام وتنفيذ اتّفاق السويد وإلا فجهنم بانتظار الغزاة ومرتزِقتهم”.
هذا التصاعدُ المتسارعُ في استهداف الاتّفاق أتى أَيْضاً بالتوازي مع عملية تسليم الأسير السعوديّ المريض إلى النظام السعوديّ بمبادرة إنسانية من قيادة أنصار الله، أعقبها استلام سبعة أسرى من قُــوَّات الجيش واللجان، وهو ما اعتبره المبعوثُ الأممي “روحاً إيجابية” يبدو أنها دفعت بالاحتلال الإماراتي لرفع وتيرة الانتهاكات لصنع المزيد من العراقيل للقضاء على أي “تفاؤل” بتنفيذ الاتّفاق.
وبالمحصّلة، فإن الإمارات أفصحت من خلال الغارات الجوية على الحديدة، عن كونها “خصماً” لاتّفاق السويد، وهو ما يجيبُ عن كافة التساؤلات التي أثيرت حول مسار تنفيذ خطوات الاتّفاق، وأسباب تعثّره خلال الفترة الماضية، وهو أَيْضاً ما يضعُ تساؤلاتٍ جديدة حول مسؤولية الأمم المتحدة في مواجهة تصرفات أبو ظبي، ومدى جدية المنظّمة الدولية في تنفيذ الاتّفاق والحفاظ عليه.