فظائعُ دول العدوان.. وتصريحات السفير البريطاني مايكل آرون .. بقلم/ عبدالوهّاب الوشلي
الغايةُ هي إعادة الشرعية إلى صنعاء، وهذا لا زال هدفُ التحالف ولم يتغير، وسبب الحرب في اليمن هو احتلال صنعاء، وَدور التحالف بقرارات الأمم المتحدة، لاسيما القرار 2216، والسعودية دولة مستقلة ومن حقها الدفاع عن النفس، ونحن منذ البداية ساعدنا جهود التحالف لإعادة اليمن إلى السلام، ومشاكل اليمن في السابق أكبر من الحرب الدائرة، والكارثة الإنسانية ليست بسبب الهجوم العسكري للتحالف، ولإيران دور سلبي في اليمن.
هذه العبارات الموجزة هي خلاصة حديث السفير البريطاني مايكل آرون حول دور التحالف وعدوانه على اليمن، مسوغاً بذلك ضلوع بريطانيا ودورها المقيت في مساندة التحالف الغاشم لارتكاب أفظع الجرائم الدولية، وإطباق حصارٍ شامل طالت آثاره الكارثية كافة مناحي الحياة الإنسانية، ومبرراً انتهاك سيادة الدولة اليمنية، وتدمير بنيتها المدنية، وتهديد وحدتها الإقليمية، واغتصاب سيادتها الخارجية، ومصادرة قرارها الوطني، وتقويض حق شعبها في تقرير المصير.
ليست بغريبة تلك التصريحات المضللة من سفير دولة تساهم في حدوث كارثة إنسانية هي الأسوأ عالمياً، وتساند في ارتكاب جرائم دولية هي الأبشع، وتنخرط بشكلٍ أو بآخر في العدوان على اليمن من خلال تقديم المساندة العسكرية وتوفير الغطاء السياسي وبيع صفقات الأسلحة الفتاكة التي ينتهي بها المطاف إلى جماعات الإجرام القاعدي التي تقاتل إلى جانب دول التحالف في مختلف الجبهات، فضلاً عن قتل واستهداف المدنيين الأبرياء، وتدمير البنية التحتية الخدمية، ومفاقمة المعاناة الإنسانية، بحسب جملة من الأسانيد الدولية والتقارير الأممية واعترافات قادة تنظيم القاعدة وتوثيق عدسات الإعلام البريطاني وتحقيقات الصحافة الأمريكية، الثابت أساساً انحيازها في معظمها لصالح المعتدي على حساب الحقيقة وقيم العدالة وحقوق الإنسان وأعراف ومواثيق الحرب.
أما تسويغُ العدوان بقرارات مجلس الأمن، لا سيما القرار 2216، فتدحضه يقيناً وثائق أممية عدة، منها وثيقة ممارسات مجلس الأمن الدولي لعام 2014-2015، الصادرة عن الأمم المتحدة، المبينة لممارسات وقرارات مجلس الأمن خلال تلك الفترة، بما في ذلك مضامين القرار 2216(2015)، وكلمات الدول الأعضاء عقب التصويت على القرار، ونص الفقرة (4) من القرار 2451(2018) التي نصت صراحة على أن النزاع في اليمن لا يمكن حلُّه إلا من خلال عملية سياسية شاملة للجميع على نحو ما دعت إليه قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما فيها القرار 2216(2015)، فضلاً عن نصوص جميع القرارات ذات العلاقة بالشأن اليمني، التي لم تتضمن قطعاً لا من قريبٍ أو بعيد ما زعمه السفير من تدليس وتضليل، بما في ذلك نص القرار 2216(2015).
وأما الشطرُ الباقي من تدليس السفير، فتفنده حتماً تلك التقارير الأممية التي وصفها السفير بالمفيدة، وادعى قراءتها وتجاهل مضمونها، والتي نسرد جزءاً يسيراً جداً منها فيما يلي من العبارات:
أولاً:- ظلت القيود المفروضة على وصول المساعدات تشكل عائقاً خطيراً في اليمن. ومنذ مارس 2015، فرض التحالف قيوداً بحرية وجوية محكمة. وبعد فرض قيود صارمة، تم إنشاء آلية الأمم المتحدة للتحقيق والتفتيش في اليمن لتسهيل الشحن التجاري إلى موانئ البحر الأحمر. وبالرغم من ذلك، استمر التحالف بإجراء عمليات تفتيش إضافية، حيث يستغرق الحصول على تصريح إضافي من التحالف بضعة أسابيع. وفي 6 نوفمبر 2017، فرض التحالف حصاراً تاماً على كافة الحدود اليمنية مانعاً جميع المساعدات الإنسانية والمواد التجارية بما فيها الأغذية والوقود من الدخول إلى البلاد. إن الطبيعة التعسفية للقيود، التي فاقمها الحصار المفروض في نوفمبر، تركت أثراً مروعاً على الشحن التجاري، وكان أثر هذه التطورات على السكان المدنيين هائلاً، (الفقرات 46، 47، 48، 49، 50، 51 من تقرير فريق الخبراء البارزين، سبتمبر 2018م).
ثانياً:- كان من الممكن توقع الضرر الذي سيلحق بالسكان المدنيين في اليمن بسبب تشديد القيود على الواردات البحرية؛ لأن اليمن كان معتمداً على الواردات بشكل أساسي منذ ما قبل النزاع. علاوة على ذلك، بحلول نوفمبر 2017 سلط المجتمع الدولي الضوء مراراً وتكراراً على تأثيرات القيود المفروضة وحذر من الآثار الكارثية التي قد تنجم عن إغلاق الموانئ المعلن عنه. كذلك تثير مدة فرض القيود مخاوف إضافية تجاه ضررٍ نُظُمي يصيب الاقتصاد، (الفقرة 52 من تقرير فريق الخبراء البارزين، سبتمبر 2018م).
ثالثاً:- تلقى التحالف إشعارات كافية بشأن الأذى الحاصل ومسؤوليته عنه، كما حصل على فرصة كافية لتصويب الوضع. ما من ميزة عسكرية قد تبرر المعاناة الفائقة والمستمرة لملايين الأشخاص. لقد فشل التحالف في إلغاء القيود أو تعليقها بحسب ما يقتضيه القانونُ الدولي، (الفقرة 55 من تقرير فريق الخبراء البارزين، سبتمبر 2018م).
رابعاً:- أغلق التحالف فعلياً مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات الجوية للطيران المدني مما منع آلاف اليمنيين من الحصول على الرعاية الصحية في الخارج. في ذلك الوقت، كان نظام الرعاية الصحية في اليمن قد تلاشى. وأجبر المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة على الالتجاء إلى سلوك طرق بديلة تتطلب سفراً طويلاً وعبوراً لجبهات نشطة في رحلاتٍ محفوفة بالمخاطر الجمة، وكل ذلك مقابل تكاليف باهظة. تتوفر أسباب منطقية للاعتقاد أن فرض هذه القيود الجوية والبحرية يشكل انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وقد ترقى أفعال كهذه إلى جرائم دولية، (الفقرات 56، 58، 59 من تقرير فريق الخبراء البارزين، سبتمبر 2018م).
خامساً:- تسببت غارات التحالف الجوية في سقوط معظم الإصابات المدنية الموثقة. وفي السنوات الثلاث الماضية، استهدفت هذه الغارات الجوية مناطق سكنية وأسواق وجنازات وحفلات زفاف ومرافق احتجاز وقوارب مدنية، كما لم تسلم المرافق الطبية من القصف الجوي،)الفقرة 28 من تقرير فريق الخبراء البارزين، سبتمبر 2018م).
سادساً:- تأثرت المناطق السكنية بشكل متكرر بالغارات الجوية التي سببت في أغلب الأحيان دماراً هائلاً وخسائر بشرية بين المدنيين، ولم تسلم الجنازات والأعراس من هذه الهجمات، (الفقرتين 29، 32 من تقرير فريق الخبراء البارزين، سبتمبر 2018م).
سابعاً:- يساهم الحظر المنهجي والواسع النطاق المفروض على السلع التجارية مساهمة مباشرة في عرقلة إيصال المعونة والمساعدة الإنسانية، كما يقيد الواردات الحيوية من الوقود التجاري والأغذية وغير ذلك من السلع التي لا تقع تحت طائلة القرار 2216(2015) أو لا تخضع حاليا للجزاءات، وشكلت إجراءات التفتيش التي يقوم بها التحالف تدبيراً معوقاً من الناحية العملية(الفقرتين 168،169 من تقرير فريق الخبراء، يناير 2016).
ثامناً:- واصل التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية عرقلة دخول المساعدات الإنسانية والسلع التجارية إلى اليمن بالوسائل التالية: مواصلة الحصار المفروض على مطار صنعاء أمام الرحلات الجوية التجارية، فرض قيود على دخول السلع التي يحتاج إليها المدنيون إلى اليمن عبر موانئ البحر الأحمر، فرض قيود صارمة على الواردات من السلع التجارية والإنسانية. كما شكل فرض مزيد من القيود في نوفمبر 2017 على وصول السلع محاولة أخرى من جانب التحالف الذي تقوده السعودية لاستخدام الفقرة 14 من القرار 2216(2015)، لتسويغ عرقلة دخول السلع، التي هي أساساً ذات طبيعة مدنية، إلى اليمن. وتتنافي عرقلة دخول السلع العديدة المدرجة مع روح القرار 2216(2015). وأن الحصار أساساً هو استخدام التهديد بالتجويع أداة للمساومة ووسيلة حرب، (الفقرات 188، 189، 190 من تقرير فريق الخبراء، يناير 2018م).
تاسعاً:- وبالرغم من الأثر الكبير لهذه القيود على المدنيين، إنها على الأرجح لن تكون فعالة في تحقيق الأهداف العسكرية المعلنة بسبب غياب قائمة واضحة ومنشورة بالمواد المحظورة. كذلك خلال السنوات الثلاث من فرض القيود البحرية، لم يتم ضبط أية أسلحة عبر عمليات التفتيش التي تجريها قوات التحالف وآلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش، (الفقرة 54 من تقرير فريق الخبراء البارزين، سبتمبر 2018م).
عاشراً:- هناك قوات تعمل بالوكالة، تسلحها وتمولها الدول الأعضاء في التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وتسعى إلى تحقيق أهداف خاصة بها في الميدان، (موجز تقرير فريق الخبراء، 2017).
تذكرنا تصريحات هذا السفير بتضليلات ذاك السفير، سفير الولايات المتحدة الأمريكية السابق فاير ستاين الذي يعكف على تسويغ العدوان وتحريف الحقائق. وذلك ليس بمستغرب، فكلاهما سفيران لدولتين تشاركان في العدوان على اليمن.
الطيور على أشكالها تقع، وإذا لم تستحِ فاصنع ما شئت!