ماذا تبقى من اتّفاق السويد؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة؟ .. بقلم/ منصور البكالي
منذ وصول مندوب الأُمَـم المتحدة باتريك للإشراف على عملية تنفيذ الاتّفاق واجتماعه بالطرفَين وخروقات قوى العدوان ومرتزِقتهم مستمرّة، وتعزيزاته العسكريّة على الأرض متواصلة بشكل جلي وواضح لعدم جديتهم في تنفيذه، واعتباره مُجَرّدَ ورقة تكتيكية تمنحهم إعَادَة رَصِّ الصفوف وجس النبض والحصول على أَكْثَــر كمٍّ من المعلومات المخابراتية عبر المنظمات وغيرها من الوسائل حول نقاط القوة والضعف في مدينة الحديدة كمعطيات للخطة العسكريّة القادمة.
فيما الطرفُ الوطني الممثل لحكومة الإنقاذ يتعاطى مع هذا الاتّفاق برغبة حقيقية نابعة من عمق المبادئ والقيم القُــرْآنية ومن عمق الشعب اليمني الذي سئم الحرب وآثارها على معيشته اليومية، فكان تعاملُ فريقنا المفاوض وحكومتنا مع المبعوث الأُمَـمي ومندوب الإشراف على وقف إطلاق النار باتريك وتنفيذ الاتّفاق بروح نقية لم تخالطها الشوائب غايتها ورايتها واحدة وهي تنفيذ الاتّفاق والمطالبة بفك الأسرى وتسليم الرواتب ورفع الحصار على مطار صنعاء الدولي لإخراج آلاف المواطنين المرضى لتلقي الرعاية الصحية في مستشفيات الخارج، ومنح المواطنين العالقين في مطارات دول العالم الفرصة للعودة إلى أرض الوطن.
ومع ذلك كانت تصريحاتُ باتريك حول الاتّفاق متحيزةً لقوى العدوان، وغياب وفد المرتزِقة عن الكثير من الاجتماعات؛ بسببِ عدم امتلاكهم للقرار الذي بيد قيادات دول العدوان ومن خلفهم أمريكا وبريطانيا وفقاً لاعترافات السفير البريطاني لدى فنادق الرياض خلال مقابلة تلفزيونية، أجراها هذا الأسبوع مع قناة الجزيرة تحدث خلالها عن المشاركة العسكريّة البريطانية وغيرها من دول الشر والطغيان في العدوان على اليمن وبين الكثير من الحماقات، بالإضافة إلى حجج تحدث بها المندوب باتريك تمحورت حول إعَادَة تفسير بنود الاتّفاق للعب على عامل الوقت ومحاولة اطالته والاستفادة منه في اعداد وتنفيذ خطط عسكريّة، ثبت فشلها خلال المعارك السابقة.
فكان لسوء الحال الذي وصل إليه معظمُ أبناء شعبنا اليمني العظيم تأثيره على صمود قيادتنا السياسيّة أمام هذه الخروقات والتغاضي عنها مع دعوتها المندوب الأُمَـمي إلى إعلان موقفه من تلك الخروقات وكشف المعرقلين لتنفيذ الاتّفاق أمام الرأي العام وأمام جلسات مجلس الأمن، فانكشفت حقيقةُ نواياه وتحيزاته ومعه صمت الأُمَـم المتحدة ومجلس الأمن حيال تلك الخروقات والاستفزازات المشجعة للتمادي في محاولات إفشال الاتّفاق عبر دفع فريقنا المفاوض إلى اتّخاذ مواقف تنزع ثقة المجتمع الدولي وشعوب العالم بسعينا نحو السلام وإحلاله، ومحاولة التشكيك في نوايانا وتقديمنا كجماعة إرهابية أَو متمردة وانقلابية كما تدعي، ليتمكّنوا بعد ذلك من شرعنة عدوانهم علينا ليستمروا فيه، وهذا ما لم نمنحهم إياهَا، بل صدرنا بصبرنا على ذلك نجاحًا باهرًا لدرجة لم يستوعبها العدوّ كعادته، فاستمر العدوان ومرتزِقته في استخدام التظليل والكذب الإعلامي وغيرها من أساليب التشكيك وبث الدعايات حول تسليمنا للحديدة وانسحابنا منها وخروقاتنا نحن لهذا الاتّفاق و…، ولكن دون جدوى.
إلا أن الرأي العام العالمي بعد ذلك بات يملك وعي يفوق حَـدّ الوصف، عن حقيقة العدوان على اليمن ومساعي السلام فيها مع تكشف حقيقة دور منظمات المجتمع الدولي المتحيزة للهيمنة الأمريكية في محاولات استدامة الحروب والنزاعات في أَكْثَــر من قطر عربي لخدمة الأجندة الصهيوأمريكية في المنطقة، التي لم تفلح في حلها ومن هذه النماذج القضية الفلسطينية والحرب في سوريا..
وهذا بحد ذاته دليل واضح على نجاح وصمود وإدراك وفدنا الوطني المفاوض لمُخَطّطات قوى العدوان ومساعيه وما يمكن أن يقدمه هذا الاتّفاق من فرص هامشية بعيدة عن جوهره، فأحسن التعامل معه وقدم صورة معبرة وواضحة أمام العالم عن شعب يملك قراره وحريته واستقلاله ويسعى لانتزاع ذلك عبر مختلف السبل، ودليل آخر على عدم قدرة قوى العدوان والمجتمع الدولي لتقديم معطيات جديدة يجد فيها شعبنا اليمني ضالته المنتظرة للسلام ووقف العدوان.
مما جعل التأثيرَ الخارجي تجاه قوى العدوان وما خلفته من مآسٍ وجرائم بحق الإنْسَانية لم يسبق لها مثيلٌ في هذا العصر، شبح مرعب بات يهدّد بملاحقة قياداته في أَكْثَــر من دولة أوربية، وفقدت الأُمَـم المتحدة ومجلس الأمن ثقة الشعوب بها فكان اتّفاق السويد مُجَرّد ثوب هرولوا نحوه للظهور بحلة جديدة تغير من شكلهم وملامحهم أمام العالم.
وهناك سناريو آخر يسعى إليه جاهدين لتحويل هذا الاتّفاق إلى أَدَاة يستهدفون بها بعض من أبناء هذا الشعب من قليلي الوعي والبصيرة واستقطابهم إلى صفوفهم بعد هلاك من سبقوهم من المرتزِقة على أيادي جيشنا ولجاننا الشعبية وتعويض النقص في المرتزِقة المحليين، أَو النيل من معنويات شعبنا وشبابنا وإعَاقَة اندفاعهم نحو مساندة الجيش واللجان الشعبية وخَاصَّـة أبناء محافظة الحديدة، وإحداث حالة من الانقسام فيهم، أَو إضعاف للحاضنة الشعبية للجيش واللجان في جبهاتها، وخلخلة الجبهة الداخلية عبر العديد من الوسائل، وتوظيفها لتنفيذ مُخَطّطاتهم العسكريّة للسيطرة على السواحل والموانئ اليمنية وتسليمها للإمَارَات التي بدورها ستسلمها لبريطانيا وأمريكا وإسرائيل كما هو حاصل في السواحل الجنوبية وفي جزيرة ميون وباب المندب.
لذلك سيظل اتّفاق السويد مُجَرّد ثوب جديد يكسون به هجماتهم العسكريّة المتواصلة بين تارة وأُخْــرَى، وورقة ضغط تتزامن مع تحريك جبهات أُخْــرَى كجبهات الحدود وحرض وميدي، وهذا تكتيك عسكريّ يفهمه الخبراء ويدركون ثماره، وهذا ما يجب التيقظ والانتباه له، مع الإشارة إلى أن تغيير المندوب الأُمَـمي للإشراف على تنفيذ اتّفاق السويد من عدمه مُجَرّد لعبة إضافية إلى عامل الوقت كذلك، يجب عمل حسابها مع الحكم المسبق للنتيجة التي سيحقّقها أي مندوب كان حددت له الخطوط العريضة، والحمراء التي لا يمكن تجاوزها، ومساحة السقف الممنوحة له للعمل فيها وفقاً لمُخَطّط هو مُجَرّد أَدَاة من ادوات تنفيذه وفق ما رسم مسبقاً.
فقد أخفق المجتمعُ الدولي وقرارات الأُمَـم المتحدة ومعهم قوى الشر والطغيان في إركاع هذا الشعب المنتمي للثقافة القُــرْآنية والقيم والمبادئ القبلية الأصيلة التي لا تقبل الذلة والخنوع والعبودية والاستعمار في حياتها، حين تجلت حقيقتهم وأفشلت مُخَطّطاتهم، وبانت كُلّ ألاعيبهم وتكتيكاتهم ومناوراتهم السياسيّة والعسكريّة… إلخ.
وشعب كهذا لم يجد غير الاستمرار في خيار من لا خيار له، واللحاق بمسارعة لركب سفينة النجاة التي ربانها قائد الثورة سيدي ومولاي/ عبدالملك بدرالدين الحوثي وقيادتنا السياسيّة وجيشنا ولجاننا الشعبية، وكل أحرار شعبنا الأوفياء لدماء شهدائنا الأبرار بمواصلة دربهم الذي سلكوه في مواجهة الغزاة والمحتلّين والذود عن الأرض والعرض، والاستمرار في رفد الجبهات بالرجال والمال، وإحياء قيم التكافل والتراحم أمام الأزمة الاقتصادية، لنتمكّن من إفشال كافة خطط ومؤامرات قوى العدوان، فنزيد قوة وتكاتف، ونقول لهم اتّفاق السويد وكل من يقف خلفه لا يثنينا عن تحرير كُلّ شبر من تراب وطنا المقدس من دنسكم أَيُّهَا الغزاة والمرتزِقة ما دامت الدماء في عروقنا تنبض بالحياة، واليمن مقبرة الغزاة والعاقبة للمتقين.