أستراليا.. يدٌ تقدمُ المساعدة لليمن ويدٌ تبيع الأسلحة للرياض
المسيرة| خاص:
كشفت صحيفةٌ بريطانيةٌ عن حجم المأساة الإنسانية التي تتفاقم يوماً بعد يوم جراء استمرار الحرب العدوانية التي تشنها السعوديّة والإمارات على اليمن منذ أربع سنوات.
ونشرت صحيفةُ الغارديان البريطانية في عددها الصادر أمْس تحقيقاً صحفياً باسم “جيسون لي” ينتمي لمدينة سيدني الأسترالية ويعمل نائب مدير منظّـمة “أنقذوا الأطفال في اليمن”، حيث تضمن التحقيق زيارته إلى اليمن قبل 15 شهراً والاطلاع عن قرب لما آلت إليه الأوضاع الإنسانية والمعيشية في هذا البلد المنكوب بفضل استمرار العدوان والحصار، مشيراً إلى حصوله على الفرصة التي سنحت له بالتنقل في أجزاء كثيرة من البلد الجميل الذي يزخر بالجبال الوعرة والسهول الخصبة ويتمتع بتأريخ يعود إلى آلاف السنين، موضحاً أن اليمن كانت وجهة لجذب السياح الأجانب وتحولت إلى واحدة من أخطر الأماكن على الأرض بالنسبة للأطفال قبل شن الحرب عليها من قبل تحالف العدوان الذي تقوده السعوديّة والإمارات، منوّهاً إلى أنه لم يشاهد في حياته مثل هذا البؤس والجوع الذي وجده في اليمن الذي يعد بلداً منسياً إلى حَــدّ كبير والذي لا يتجاوز تعدادُ سكانه عددَ سكان أستراليا، مشيراً إلى أنه في الوقت نفسه التقى بأناس من أكرم الناس الذين يمكن تخيلهم، والذين رحّبوا به في منازلهم على الرغم من عدم وجود ما يكفي من الطعام للبقاء على قيد الحياة فقد كان ما يتمتعون به من اللطف والمرونة ملهماً للغاية.
وأوضح الكاتب الأسترالي “جيسون لي” الذي عمل في مجال المساعدات الدولية على مدى عقد من الزمن في كُلٍّ من أفغانستان وسيراليون وزيمبابوي وتيمور، بأن اليمن يشهد أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم، داعياً إلى ضرورة وقف مبيعات الأسلحة للنظام السعوديّ إذَا كان العالم جادا في إنهاء هذه الأزمة وهذا العدوان على اليمن منذ 4 سنوات أودت بحياة ما يقارب 85 ألف طفل وبعد أن وصلت المعاناة في اليمن حداً يصعُبُ فهمُه.
وأضاف نائب مدير منظّـمة “أنقذوا الأطفال في اليمن” أن اليمن يشهد وفاة طفل كُــلّ 10 دقائق؛ بسببِ سوء التغذية والأمراض التي يمكن الوقاية منها، لافتاً إلى زيارته مركز التغذية الذي تدعمه منظّـمة “أنقذوا الأطفال” في محافظة الحديدة، التقى خلالها بطفل يبلغ من العمر ثمانية أشهر يعاني من سوء التغذية الحاد، كان وجهه هزيلاً وضلوعه بارزة، يصارع الموت من أجل البقاء على قيد الحياة، فيما لقي شقيقه البالغ من العمر 18 شهراً، حتفه قبل أشهر؛ بسببِ تعرضه لحمى شديدة تسببت في وفاته.
وعبّر الكاتبُ الأسترالي عن صدمته عندما شاهد أطفالاً بمحافظة الحديدة لا يتعدى وزنهم 4 كيلو جرامات فقط؛ بسببِ سوء التغذية والتقزم، الأمر الذي أعاد إلى ذهْنه على الفور ابنةَ أخيه البالغة من العمر 10 أشهر وهي أول حفيدة لوالده، وقد كانت فرحةً مطلقةً للعائلة لوصول هذه الطفلة المليئة بالحياة، النابضة بالحياة، الممتلئة الخدين، علاوة على ذلك فقد كانت تتمتعُ بصحة جيدة خالية من الأمراض، مضيفاً: لا أستطع المساعدة، لكني أقارن بين ابنة أخي والطفل الصغير بالحديدة وأجواء الحياة التي وُلِدا فيها على الرغم من تأثُّري على هذا الطفل الصغير فإن قصته وحالتَه ليست الوحيدة.
مبيناً أن الطفولة قد سلبت من بين أيدي الأطفال في اليمن وفقدوا الفرصَ التي تمكّنهم من الالتحاق بركب العملية التعليمية، حيث يمثّلُ هؤلاء الأطفالُ مستقبل هذا البلد فسيكون منهم المدرسون والأطباء والمحاسبون في المستقبل، متسائلاً: لكن كيف يمكنهم تحقيق تطلعاتهم إذَا لم يكونوا قادرين على القراءة والكتابة؟ وماذا عن الأسى والصدمة النفسية والعقلية للأطفال الذين شهدوا عنفاً شديداً وسفكا للدماء؟ وكيف سيتعافى الأطفال عندما تنتهي الحرب بشكل نهائي؟