مسيرة الحق
نصر الرويشان
مسيرة الحق هي مسيرة عظيمة , مسيرة تحمل من القيم الإنسانية ما تحمل , وهي التي بدأت منذ خلق الإنسان , وكلف الأنبياء وأولياء الله بحملها والقيام بهذه الوظيفة الشاقة المحفوفة بالعناء والتي تتطلب البذل والعطاء دونما مقابل مادي ولكن بجزاء رباني هو الأثمن والأعلى قيمة .
منذ وجود الإنسان على ظهر هذه البسيطه وحدوث أول إنحراف في قتل قابيل أخاه هابيل بدأ هذا الصراع بين الخير والشر والحق والباطل , وكما أن للباطل أهله كان لا بد أن يكون للحق أهله , لذلك لا يقوم بهذه المهمة العظيمة إلا من كان أكثر قربا” وثقة بالله ومحبة له .
كان من أعظم من ذاد عن مسيرة الحق , نبينا محمد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله, وسار على هداه من عرف الله وعرف نبيه حق المعرفة فعظمت هذه المسيرة في عينيه فكان علي هو الأجدر والأولى بحملها بعد أعظم خلق الله محمد وسار أبناءه من بعده الحسن والحسين وزين العابدين وزيد وتحملوا تبعات هذا التكليف الشاق وليس من السهل على أيا” كان حمله .
في مران في أحضان صعدة عادت مسيرة الحق لتظهر من جديد وبرجل من آل محمد هو الحسين بن بدرالدين الحوثي ليرفع لواء الحق برغم كل الصعاب صغرت بعينيه حينما عرف قيمة الحق ورسالته الخالدة فنال الشهادة ورأسه مرفوع وهامته عاليه , ولم يكن أخاه بعيد عن سابقيه وبرغم صغر سنه لم يكن عائقا” أمامه لتنهزم نفسيته وتضمحل همته فقد كان علي بن أبي طالب أصغر منه بكثير حين برز الإيمان كله للشرك كله وقتل عمرو بن عبد ود وهو الفارس المتمرس ولكن قوة الإيمان وعظيم المبدأ , تجعل الصعب يسير .
كان السيد عبدالملك كبير برويته , وعظيم بحلمه وقائد بتسامحه , لم تسمح له إنسانيته أن يدير ظهره للحق فينال راحة البال ويتخلص من كدر العيش , كان بحق شبل علي وحفيد محمد .
كان الأنصار قلة يعانون التشرد والمطاردة ولكن من حمل هم الأمة وبذل كل حياته لها , هو من جعل وقته وشبابه وضعنه وإقامته وحله وترحاله لله فكان الله معه فأنار بصيرته ولم شعث أمة كانت تشكو القلة والإستضعاف.
يبهرني كل مافيه فإن أردنا تشخيصه فهو الإنسان وهو القائد وهو الحكيم وهو المحارب وهو الزعيم وهو المثقف وهو المفاوض وهو المحاور وهو العالم وهو الأديب وهو الأب وهو الأخ وهو صابر المحتسب والمجاهد الغيور على دينه وأمته .
لم يعش لحظة لنفسه فكانت كل لحظة تنقضي من حياته هي دهرا” لا يسعني الحديث عنها.
لأجل كل هذا فلا بد أن ندرك كأتباع عظمة القائد وأن نكون نعم الأتباع وألا نسمح لأنفسنا أن نفسد ما أصلح أو نبعثر ما جمعه وإن غلبت علينا شقوتنا فلنعتذر له ونقول لكل من حولنا نحن نقطة سوداء في الصفحة البيضاء فلن تتعثر مسيرة الحق بفساد البعض وإنحراف البعض الآخر , فلنكن أنصاره كما أسمانا ولنعلنه عهدا” لصاحب العهد والوفاء بأنا لن نخذله كما خذل الحسين أصحابه فيحل بنا سخطة ونكون من الخاسرين, فسلام عليك يامن بعت دنياك لآخرتك والسلام عليك يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حيا.