لماذا كلما زاد الوعيُ زاد الدعم؟! بقلم د/ فاطمة بخيت
(إذا استمرّت منظماتُ الإغاثة طويلاً في بلادكم ستصبح الشحاذَةَ في بلادكم أمراً طبيعياً).
قالت هذا الكلامَ امرأةٌ صوماليةٌ عندما شاهدت طابوراً من الناس أمامَ مكتب لتوزيع الإغاثة في أبين، وأردفت قائلة: أنتم بلدٌ غني وشعبٌ يعتمدُ على نفسه، فلا تفرحوا بهذه المنظمات؛ لأَنَّها قد حوّلت الصومال إلى شعبٍ متسولٍ وأصبحت الشحاتة أمراً طبيعياً في الصومال؛ بسبَـبِ هذه المنظمات، وإذا كانوا يحبونكم فليتركوا لكم الحرية في استثمار مواردكم، عندها لا تحتاجون إليهم ولا لهذه المواد الزهيدة التي يقف الناس طابوراً لاستلامها وبهذه الصورة المهينة.
هذا ما تم تداولُه في الفترة السابقة على وسائل التواصل الاجتماعي.
فعلاً لو كانوا يحبوننا لتركونا نستثمرُ مواردنا، لكنهم لا يريدون لنا الخيرَ أبداً، بل يحاربوننا بشتى الوسائل، فقد أصبح الكثيرون من الناس اتكاليين بشكل مُلفت للنظر؛ بسبَـبِ وجود هذه المنظمات.
أتذكر في إحدى المرات عندما قامت إحدى المؤسّسات بعمل مشروع (النقد مقابل العمل) للنازحين، وتكلمت حينها مع عدة نازحات بأن يسجلوا ضمن المشروع، فردّت إحداهن قائلة: نريد لقمة جاهزة، فأيّدتها الحاضرات على ذلك. كذلك ولنفس السبب تبوء بالفشل بعض محاولات المبادرات والمؤسّسات من دعم المشاريع الصغيرة، فالعديد من الناس يرفضون ويتحججون بحجج واهية، يتبين من خلالها التهرب من العمل.
وفي الفترة الأخيرة لاحظنا تشجيعَ الحكومة للمزارعين على الزراعة وخَاصَّـةً زراعة الحبوب ومنها القمح ودعم المزارعين بحسب الإمْكَانات المتاحة، وفي المقابل نلاحظ أَيْضاً أن هذه المنظمات زادت من دعمها للنازحين وخَاصَّـة على مستوى القمح (البُّر)، برغم أن بلادنا تنتج أفضل أنواع القمح. ومنها أَيْضاً ما يقوم بالدعم المالي مما جعل الكثير يتسابقون للتسجيل للحصول على ما تمنحه هذه المنظمات من القليل من المال.
فلو كانوا فعلا جادين في دعمهم لنا وأنهم يريدون مصلحتنا، فلماذا لا يكون دعمهم في الجانب التنموي، ولماذا لا يقومون بتشجيع من ليس لديه عمل لفتح مشاريع تنموية صغيرة تناسب قدراته وميوله حتى نصل إلى الاكتفاء الذاتي وعدم الحاجة للآخرين والدعم بالسلات الغذائية الشهرية التي دفعت بالكثير من الناس لانتظار ما سيقدم له برغم قلته؟
فمن واجبنا جَميعاً أن نلتفتَ إلى دعم الجانب الاقتصادي ودعم الناتج المحلي والسعي للوصول إلى الاكتفاء الذاتي وعدم انتظار ما تمنحه لنا المنظمات؛ لأَنَّها لا تريد لنا الخير أبداً، بل يريدون منا أن نكون دوماً في انتظار ما سيقدمونه لنا من دعم بأي شكل كان ومهما كان زهيدا.
وقد أشار الشهيد القائد سلام الله عليه في العديد من دروسه إلى أهميّة الجانب الاقتصادي والتنموي، وأنه لا يجب أن نعتمدَ على الخارج في أقُــوَّاتنا.
قال سلام الله عليه: (تراهم في كُلّ مناسبة وطنية يعرضون علينا المنجزات! نحن نقول: أين المنجزات الحقيقية التي تحافظ على كرامتنا؟ أين البناء الاقتصادي، والتنمية الحقيقية التي تجعلنا أُمَّـة تستطيع أن تقف على قدميها؟).