بغياب فلسطين: صورة وردية “مأمولة” للحضور العربي السعودي في وارسو .. بقلم/ سمير حباشنة
عديد من دولنا العربية في مؤتمر وارسو، وهذه الدول وعلى رأسها السعودية الشقيقة ” الكبرى ” أمام مسؤولية تأريخية، مبدئية وأخلاقية، تجاه أمتهم، وَقضاياها وَأولوياتها والتحديات التي تحيط بها بكل جانب.
وتتلخص هذه المسؤولية بأن على العرب أن لا يقبلوا بأن يتقدم أي ملف أمني دولي أو إقليمي، على الملف الفلسطيني، وَالتمسك بأولوية إنهاء الاحتلال وقيام الدولة المستقلّة وعاصمتها القدس، كشرط سابق لأيّ حديث عن أية معضلات يواجهها الأمن والسلم الدولي أو الإقليمي.
ذلك أن الوقائع والأحداث المعاصرة، تشير إلى أن الأمن والسلم الدوليين، وأمن الشرق الوسط كما يحلو للبعض أن يطلق هذا المصطلح على بلادنا حتى تشتمل الجغرافيا على القوميات غير العربية.. لن يتحقّـقا ما دامت إسرائيل مصرة على احتلاها للأرض العربية. ولأن الشمس لا تتغطّى بغربال، فإنها لن تنجح محاولات حرفْ الصراع إلى جهة إلى غير جهته الطبيعية، ولا يوجد أوضح من الفرق بين اللونين البيض والأسود.
وإني أتمنى على المملكة العربية السعودية الشقيقة، التي تتصدر المشهد، وتتمتع بقوة سياسية على الصعيد الدولي، وقوة مالية عملاقة، ومكانة ”الأخ الكبير” في المجموعة العربية، والتي سبق لها أن أطلقت اسم “القدس″ على القمة العربية الأخيرة في الرياض، والتي قدمت للولايات المتحدة من الدعم، ما يؤهلها، أن تطلب بشكل حاسم، المقابل وَالمكافئ الموضوعي إلى ذلك، وليس اقله ضمان انسحاب إسرائيل الكامل والاعتراف بالحقوق الفلسطينية، والتنفيذ غير المجزوء للمبادرة العربية التي تقررت في قمة بيروت والتي هي أساساً مبادرة سعودية.
وأعتقد أن العربية السعودية، ومعها العرب الحاضرون في وارسو وإن ذهبت إلى هكذا موقف فإنها بلا شك ستحوز على محبة العرب، وأن يتوجوها كبيرةً لهم، لا لكثرة مالها، بل لتصديها للدفاع الفعلي العملي عن الحق العربي. وأن أخذت السعودية هذا الموقف فلن يتردد العرب أن يقفوا بقوة وراءها. وفي هذه الحالة لا نعود كعرب أسرى ”لزعم” الحماية التي يمُن بها علينا الآخر. فالعرب في حقيقة الأمر وإن دققنا بما هو قائم لديهم كُــلّ المقومات التي من شأنها صيانة أمن أقطارهم من أية أخطار خارجية. فالعرب لا يجب أن يتعاملوا مع الوقائع الراهنة ومع أنفسهم بروح انهزامية ضعيفة بحيث نلجأ للغير؛ طلباً للحماية!، فلأُمَّتِنا رجالها وسلاحُها ومالها وَإمكانيتها الكفيلة وإن جُمعت معاً بأن تصد أي عدوان دون أن تتكئ على طلب الحماية ممن ليس لهم من غاية من ابتزاز الأمة وَالسيطرة على مقدراتها وعلى حضورها المعاصر ومصادرة تأريخها وامتهان جغرافيتها وَإذلال شعوبها.
وبعد.. العرب بحاجة إلى توافق وتكاتف ونوايا حسَنة صادقة فيما بينهم، وذلك يبدأ، حين يعي كبارنا مدى صلابة الأرض التي نقف عليها، وبالتالي المبادرة نحو نشر المعاني الصادقة والروح الإيجابية التي يجب أن تسود بيننا.
والله والعرب من وراء القصد..
* كاتب ووزير أردني سابق