تبريراتُ المرتزقة للتطبيع مع الكيان الصهيوني: الهروبُ من الفضيحة إلى الفضيحة
المسيرة | ضرار الطيب
فيما سادت حالةُ غضب شعبي واسع إزاء فضيحة وزير خارجية المرتزِقة، خالد اليماني، الذي ظهر إلى جانب “نتنياهو” في مؤتمر وارسو حول الشرق الأوسط، في مشهدٍ كشف بشكل دقيق عن حقيقة المشروع الذي تنتمي إليه سلطةُ الفارّ هادي كلها ودول العدوان من ورائهم، انبرى الكثيرُ من قيادات وأبواق المرتزِقة، وعلى رأسهم خالد اليماني نفسه، ليحاولوا تبريرَ ما حدث بشكل أكثرَ وقاحةً من الفضيحة نفسها، مؤكّــدين على أن التطبيعَ مع العدوّ الصهيوني أحد الركائز الأساسية لموقفهم المعادي للقضية الفلسطينية والذي يحاولون تغطيتَه بشعارات زائفة كـ”الشرعية” و”محاربة التوسع الإيراني”.
المرتزِقُ خالد اليماني زعم أن جلوسَه بجانب “نتنياهو” كان نتيجة “خطأ بروتوكولي من الجهات المنظمة”، وأن المؤتمر لم يكن لمناقشة فلسطين وإنما “لحشد المجتمع الدولي لمواجهة التوسعية الإيرانية في اليمن”.. عذرٌ أقبح من ذنب، ومحاولة هروب من فضحية إلى أخرى، إذ أن مؤتمر وارسو أعلن لمناقشة “الأمن والسلام في الشرق الأوسط”، والجميعُ يعرفُ أن ذلك العنوان وفق جميع قواميس الولايات المتحدة التي دعت إلى المؤتمر، يعني أمراً واحداً هو أمنُ الكيان الصهيوني وتطبيع العلاقات بين العرب وتل أبيب، وهو ما تتحَـرّك فيه دول الخليج بوضوح منذ فترة، في إطار التمهيد لتنفيذ صفقة القرن التي هدفُها تصفيةُ القضية الفلسطينية بإجماع عربي.
ولا يخفى أن مسألةَ “الخطأ البروتوكولي” الذي تحدث عنه المرتزِق اليماني أشبهُ بتغطية الوجه مع انكشاف العورة، فقد كان بوسعه وببساطة أن يعبِّرَ ولو بكلمةٍ عن الاعتراض على ذلك “الخطأ”، كما أن تصرُّفَه خلال المؤتمر كان أكثرَ “وديةً” من الحديث عن أية أخطاء، ولو لم يكن في ذلك إلا إعطاؤه الميكروفون الخاص به لـ “نتنياهو” الذي تعطّل ميكروفونه، ثم أعلن أن تصرف اليماني هو “أول تعاون بين اليمن وإسرائيل”!
وقاحةُ المرتزِق اليماني في محاولة تبرير فضحيته، امتدت إلى الكثير من أبواق المرتزِقة الذين سارعوا حاولوا التبرير أيضاً، إما من خلال صرف النظر عن الفضيحة نفسها وإبراز تحليلات غير واقعية لها، وإما من خلال التأكيد على أن مسألة الجلوس مع الصهاينة أمر جيد!
وفي هذا السياق، كتب المرتزِق “نجيب غلاب” وكيل وزارة الإعلام في حكومة الفارّ هادي، معلقاً على الصورة التي جمعت بين نتنياهو واليماني، قائلاً: “الصورة أتت في سياق طبيعي وفي مسار سياسي يخدم قضيتنا الوطنية ” وهو تصريحٌ شديدُ الوضوح في ترحيبه بالتطبيع، ويتجاوز أعذارَ اليماني “البروتوكولية” إلى التأكيد على أن التعاون مع العدوّ الصهيوني جزءٌ أساسيٌّ من عمل حكومة المرتزِقة وَ”قضيتها”!
ولزيادة التأكيد على ذلك، أضاف المرتزِق غلّاب عبر تويتر أن صورة اليماني ونتنياهو أفضت إلى “ظهور تيار قوي ليس مع الصورة وحسب بل مع التطبيع” وهو اعترافٌ أكثرُ وضوحاً من سابقه.
أَمَّـــا البرلماني المرتزِق، والقيادي في حزب الإصلاح، شوقي القاضي، فقد حاول أن يكونَ أقلَّ وقاحةً من “غلاب”، لكنه فشل، إذ كتب على صفحته في فيسبوك، يقول: إن “مشاركة اليمن في مؤتمر التطبيع مع الكيان الصهيوني” سببُها الرئيسيُّ ما وصفه بـ “الانقلاب الحوثي” وأنه ليس من حَـقّ مَن يقفون ضد العدوان أن يرفُضوا تلك المشاركة، وبالتالي فعلى الجميع ـ من وجهة نظر القاضي ـ أن يكونوا مع حكومة المرتزِقة والعدوان ليكونوا في صَـفّ العدوّ الصهيوني، وبهذا تنتهي المشكلة، حَـلّ عبقري!
زميلُه البرلماني والقيادي المرتزِق “محمد الحزمي” فعل الشيءَ ذاتَه، وحاول أيضاً خلق تبريرات لفضيحة اليماني، وكتب على صفحته في فيسبوك أن العدوّ الصهيوني يعامِلُ السجناء بإنسانية، وأن “اليهود لا يجبرون أحداً على ترك دينه” وَيهدمون منازل الفلسطينيين بطرق “قانونية”، وأن “الحوثيين أخطرُ من اليهود”، في محاولة سخيفة لتلميع العدوّ الصهيوني ومباركة التقارب معه.
وأما المرتزِق “محمد المسوري” فقال على صفحته في تويتر: إن “الأقدار” هي من شاءت أن يكونَ مقعدُ اليماني بجانب مقعد نتنياهو، وإن انسحابَ اليماني من المؤتمر كان سيخدُمُ “إيران”، وإن الجلسة كانت خَاصَّـة بمناقشة وضع اليمن، وتجاهل المسوري بكل وقاحة أن حضورَ نتنياهو في الجلسة التي يزعُمُ أنها مخصصة لليمن، ليس له أي معنى سوى أن “إسرائيل” لها علاقةٌ وثيقةٌ بحكومة المرتزِقة، وبالتالي فإنَّ تبريرَه انصرف إلى إبراز فضيحة أخرى أعلنها المرتزِق “غلاب” قبله.
وأجمع كُــلُّ أبواق المرتزِقة على أن خطورةَ ما فعله وزيرُ خارجيتهم لا تكمُنُ في التطبيع مع الكيان الصهيوني، وإنما في “خدمة الحوثيين” عن طريق تلك الفضيحة، وهو ما قاله المرتزِقُ خالد الرويشان على صفحته في فيسبوك حيثُ كتب معلقاً على صورة اليماني ونتنياهو أن “الخصمَ الحوثي سيستغلُّ هذه الصورة”، وهو ما يؤكّــدُ انسلاخَ المرتزِقة من الهُوية اليمنية والعربية والإسْلَامية التي تفرِضُ مبدأَ العِداء للكيان الصهيوني بغضِّ النظر عن كُــلّ شيء، كما يؤكّــدُ فعلاً صدْقَ موقفِ أنصار الله والشعب اليمني الرافض للعدوان، حيث بات كُــلُّ مَن يرفُضُ التطبيع مع العدوّ، متهماً لدى المرتزِقة.