الشعبُ اليمني يقضي على مؤامرة “التطبيع” في مهدِها
المسيرة | ضرار الطيب
على عكسِ الثمارِ التي كان يتوقعُ العدوّ الصهيوني جنيَها من خلال حرصه على إظهار علاقته بحكومة المرتزِقة في مؤتمر وارسو، جاء ردُّ فعل الشعب اليمني وخروجُه الحاشدُ في مختلف المحافظات، أمس، بمثابة غُصَّةٍ خنقت “تل أبيب” وأثبتت لها أن “البدايةَ” التي كان يحلُمُ بها نتنياهو عبر جلوسه إلى جوار المرتزِق خالد اليماني، كانت في الحقيقة نهايةً حسمت فشلَ أي مُخَطّـط لاختراق اليمن وجَرِّه إلى مربع التطبيع بأيِّ شكل من الأشكال.
ظهورُ نتنياهو إلى جوار وزير خارجية المرتزِقة في مؤتمر وارسو، والجوُّ الودي الذي تم إظهارُه بشكل متعمَّد بينهما، كان محاولةً صهيونية معروفة لكسر حاجز العداء المبدأي للكيان الصهيوني والقبول به ليس لدى حكومة المرتزِقة، فهي قد كشفت علاقتَها العميقةَ بالكيان، بل لدى الشارع اليمني الذي كان يرادُ له أن “يعالجَ بالصدمة” ليتعودَ على تلك العلاقة وتصبح مسألة التطبيع لديه مقبولةً، أَو على الأقل مسألة “أخذ ورد” وليست مسألة مبدأ وهُـويَّة.
وقد اتّخذ العدوُّ الصهيوني مثلَ تلك الخطوة مُسبقاً، من خلال الزيارات المعلَنة للمسؤولين الصهاينة إلى العديد من دول الخليج، وإرسال الفِرَق الرياضية الصهيونية وترديد نشيد الاحتلال داخل تلك الدول، ناهيك عن التصريحات والمقالات والكتابات التي امتلأ بها الإعلامُ الخليجي والتي كُرّست بشكل مكثّــف “ضرورةَ التطبيع مع إسرائيل”، وغابت ردودُ فعل الجماهير الخليجية تَمَــاماً وسط الصخب الرسمي المرحِّب بالتطبيع، وهو ما شكّل حافزاً للعدوّ الصهيوني لتكرار التجربة مع اليمنيين، من خلال ذلك الظهور في مؤتمر وارسو، والتبريرات التي صاحبته من قبل قيادات وأبواق المرتزِقة.
لكن ردَّ فعل الشعب اليمني جاء بالشكل الذي قطع الطريقَ تَمَــاماً أمام أية خطوات صهيونية للعبث بالموقف المبدأي اليمني من القضية الفلسطينية، وكان الخروجُ غيرُ المسبوق الذي شهدته محافظاتُ اليمن، أمس الأحد، والذي لم تشهده أيَّةُ دولة عربية تعرضت لمثل هذه المؤامرة، رسالةً واضحةً على أنَّ أيَّةَ محاولةٍ للتسويق للكيان الصهيوني في اليمن تحتَ أي شعار، هي محاولةٌ محكومٌ عليها بالفشل مُسبقاً، بل إنَّها ترتدُّ بنتيجة عكسية على العدوّ من خلال تعزيز التحامِ الشعب بكل فئاته وارتفاع ووعيه وإدراكه لخطوة المؤامرة ومبدأية الموقف، وبالتالي زيادة الحذر من أيَّةِ محاولات أُخْــرَى.
الحشودُ الضخمةُ التي احتضنتها العشراتُ من الساحات والميادين اليمنية، أمس، والتي ردّدت بصوت واحد شعار “الموت لإسرائيل” سدّت النافذةَ الضيّقة التي حاول العدوُّ الصهيونيُّ فتحَها في مؤتمر وارسو، وأقامت جداراً إضافياً منيعاً تنسحقُ أمامه كُــلُّ محاولات العدوّ وتبريرات المرتزِقة، خَاصَّــةً وأن ذلك يأتي في ظلِّ العدوانِ الذي انكشف الدورُ الإسرائيلي فيه منذ البداية، وانكشف بشكل أوضح مؤخّراً مع إعلان صحيفة “هآرتس” العبرية عن عُضوية “إسرائيل” غير الرسمية في تحالف العدوان، وهو الأمرُ الذي يقضي تَمَــاماً على أيَّةِ محاولات تضليل تسعى لإبراز أعداء وهميين، وشيطنة القوى الوطنية، ثم يضعُ خيارَين وحيدَين في واقع كُــلّ فرد من أبناء الشعب: إما اليمن وإما إسرائيل.