صنعاء تكسر العزلة الدولية: الوفد الوطني يلتقي البرلمان الأوروبي بدعوة رسمية لمناقشة الوضع في اليمن
المسيرة | ضرار الطيب
بعدَ قُرابةِ أربعةِ أعوامِ أثبتت خلالها حكومةُ المرتزِقة أنها ليست سوى أداةٍ لمشروع تدميري تُديرُه الولاياتُ المتحدةُ من خلال تحالُفِ العدوان، بدأ المجتمعُ الدوليُّ يتجهُ للتعامل مع الواقع الحقيقي، والانفتاح بشكل إيجابي على سلطة المجلس السياسيّ الأعلى، حيثُ تلقى الوفدُ الوطني المفاوض خلال الأَيَّـام الماضية دعواتٍ رسميةً لزيارة أوروبا؛ لمناقشة الوضع اليمني، في خطوة تمثّلُ اختراقاً ملفتاً للعزلة الدولية التي حاول تحالف العدوان فرضها على “صنعاء” طوال الأعوام الماضية، لا سيما وأن هذه الخطوةَ تأتي في الوقت الذي يتواصلُ فيه اعترافُ العالم بفشل حكومة المرتزِقة، من خلال التقارير الدولية والأممية الأخيرة التي كشفت بوضوح “تآكل” سلطة الفارّ هادي وعجزها، فضلاً عن الانتهاكات والجرائم الكثيرة التي تمارسها.
رئيسُ الوفد الوطني المفاوض، محمد عَبدالسلام، صرّح في بيانٍ، أمس الأول، أنَّه وبدعوة رسمية من البرلمان الأوروبي، توجه برفقة عضو الوفد عَبدالملك العجري، لزيارة بروكسل في الفترة (19-21) فبراير الجاري، مُشيراً إلى أنه تم خلال الزيارة “الالتقاء بعدد من أعضاء البرلمان الممثلين لدول مختلفة من الاتّحاد الأوروبي؛ لمناقشة القضية اليمنية سياسيًّا واقتصادياً وإنْسَانياً، إلى جانب مناقشة مسار العدوان العسكريّ والتحديات التي تواجه السلام، ومسار اتّفاق استوكهولم المتعلق بالحديدة، وملف الأسرى، والتهدئة في تعز، وغيرها من القضايا ذات الصلة”.
وأضاف عَبدالسلام أن الوفد الوطني قدم دعوة رسمية باسم المجلس السياسيّ الأعلى وحكومة الإنقاذ إلى الاتّحاد الأوروبي وأعضاء البرلمان الأوروبي لزيارة صنعاء والاطلاع على مختلف التفاصيل والتحقّق من جميع القضايا.
وأشار إلى أن الوفد الوطني عقد خلال الزيارة عَــدَداّ من اللقاءات الجانبية؛ لمناقشة تفاصيل “أكثر دقة” عن الوضع في اليمن.
من جهته، وصف عضوُ الوفد الوطني، عَبدُالملك العجري، اللقاءاتِ التي عقدت في بروكسل بـ “المثمرة”، مُشيراً إلى أن تم بحث وقف بيع الأسلحة لدول العدوان، ورفض استمرار العدوان، وسُرعة المعالجات الإنْسَانية والاقتصادية.
وكان العجري، أعلن في 18 من الشهر الجاري، العودة من زيارة وصفها بـ “الموفقة” إلى مملكة النرويج، حيث تم الالتقاءُ بعدد من المسؤولين النرويجيين والغربيين في أوسلو.
وأشار العجري إلى أنه لاحظ خلال ذلك اللقاء “وسلسلة اللقاءات السابقة مع دول وجهات أوروبية وغربية” تزايد الاهتمام بقضية اليمن، و”فقدان الثقة في رواية دول تحالف العدوان للحرب والسلام”، مضيفاً أن المؤسّسات التشريعية والأمنية للدول الغربية باتت تحرص على سماع رواية سلطة صنعاء مباشرةً لتفاصيل المشهد اليمني.
هذه اللقاءاتُ تعكس توجهاً أوروبياً نشيطاً في فتح قنوات التواصل المباشرة مع صنعاء، وهو الأمرُ الذي يكسَرُ جدارَ العُزلة السياسيّة والإعلامية عن المجلس السياسيّ الأعلى، ويفتح المجالَ لإيصال حقيقة العدوان على اليمن إلى مراكز قرار هامة، ويمكنُ القولُ إن هذا التواصُلَ المباشر والرسمي، يعتبرُ اعترافاً ضمنياً بسلطة المجلس السياسيّ الأعلى، أَو يمهّدُ لذلك، إلا أنه بلا ريب يهدّدُ موقفَ تحالف العدوان وحكومة المرتزِقة الذي سعَوا على منذ بدء العدوان لعزلِ صنعاءَ عن العالم، معتمدين في استمرار جرائمهم على تواطؤ المجتمع الدولي.
وفي خطوةٍ تثبتُ النتائجَ “الإيجابيةَ” للتواصل الدولي مع صنعاء، عبّر عضوُ البرلمان الفرنسي، سباستيان نادوت، الثلاثاءَ الماضيَ، عن استنكاره لموقف حكومة بلاده من العدوان على اليمن، إذ ظهر في المجلس الوطني الفرنسي، رافعاً لافتةً كُتب عليها “فرنسا تقتُلُ اليمن”؛ احتجاجاً على استمرار باريس ببيع الأسلحة لتحالف العدوان، واستمرار الصمت إزاء الجرائم التي ترتكب بحق اليمنيين.
هذا الموقفُ جاء بعد شهرَين من حضور عضو الوفد الوطني، عَبدالملك العجري، مؤتمراً عقده البرلمانُ الفرنسي حول السلام في اليمن، وهو ما يؤكّــدُ أن اللقاءات والزيارات التي يعقدها ممثلو الوفد الوطني في الخارج تؤتي تفاعلاً إيجابياً يعبّرُ عن رغبةٍ في الانفتاح بشكل جادٍّ على صنعاء، وهو ما يشكِّلُ بالضرورة صفعةً لتحالف العدوان وحكومة المرتزِقة بشرعيتها المفضوح زيفها.
وتشكّلُ الدعوةُ “الرسميةُ” التي تلقاها الوفدُ الوطني من الاتّحاد الأوروبي، دليلاً أكثرَ وضوحاً على أن التواصلَ الدولي مع صنعاءَ يأخذُ مساراً تصاعدياً، وبشكل يؤكّــدُ أن الأمورَ تتجه إلى تجاوز كُــلّ الأبجديات التي حاول تحالف العدوان فرضها كثوابتَ، على مدى الفترة الماضية، وعلى رأس ذلك مسألة “شرعية” الفارّ هادي، التي قد تجاوزها المجتمعُ الدوليُّ بوضوح من خلال اتّفاق السويد والقرارين الدوليين الداعمين له، بالإضَافَة إلى ما أكّــده تقريرُ لجنة العقوبات الأخير من “تآكل” سلطة المرتزِقة وفشلها واستحالة سيطرتها على البلاد، وكذا ما فضحته التقاريرُ الأممية والإعلامية من انتهاكات الاحتلال ومرتزِقته في المناطق التي يسيطرون عليها، كالسجون السرية، والتعامل مع التنظيمات التكفيرية.
وتلقت حكومةُ المرتزِقة منتصفَ يناير الماضي صفعةً أُخْـرَى تمثلت في عقد وزارة الخارجية الألمانية اجتماعاً حول اليمن، بدون دعوة أي ممثل عن حكومة الفارّ هادي، الأمر الذي أثار غضبَ الأخيرة لتعلنَ “تحفُّظَها” على نتائج المؤتمر الذي تجاهلها.
كُلّ تلك المتغيراتِ تشكّلُ مساراً واضحاً يظهَرُ فيه “تخلي” المجتمع الدولي عن حكومة المرتزِقة و”شرعيتها” التي لم تعد تمثّلُ سوى ورقة مكشوفة تتمسّكُ بها واشنطن في إطار مشروعِ هيمنتها على المنطقة، وبعد وصول تحالف العدوان إلى مرحلة حرجة من تراكُمِ الفشل والجرائم المعترف بها، يمكنُ القولُ إن التوجُّهَ الأوروبيَّ للتواصل المباشر مع صنعاءَ يمثّلُ بدايةً هامةً للاعتراف الرسمي بهزيمة تحالُف العدوان ومرتزِقته في اليمن.