مؤتمر وارسو.. حديثُ الصورة ودلالاتُها .. بقلم/ مطهر يحيى شرف الدين
رُبَّ صورةٍ خيرٌ من ألفِ كلمة بل خيرٌ من ألفِ ألفِ كلمة، رُبِّ صورةٍ أودت بوجه صاحبها في غيابةِ الصهيونيةِ والماسونية وجعلت منه أضحوكةَ القرن وحديثَ المجتمعات والشعوب، رُبَّ مادة إعلامية رفعت شأن المقاومة ضد دول الاستكبار وقوّت الحجة الدامغة على أدوات وعملاء الصهيونية العالمية، صورة في ظاهرها عمالة وارتهان وفي باطنها سفالة وانبطاح.
ولأول مرة في تأريخ التطبيع مع اليهود الغاصبين يظهر للعالم من يدّعي الانتماء الإسلامي على منبر الكفر والنفاق، ولسان حال الطاغوت يقول: أنتم أيها العرب تحت المجهر وأنتم تحت مظلة الاستكبار العالمي وَجزء لا يتجزأ من العالم الجديد الذي يحيكه قادتكم وزعماؤكم بتفصيلٍ وتوجيه ماسوني استطاع أن يزرعَ الفتنةَ بين المسلمين ويبُثَّ الشقاق والفرقة ويثير الكراهية والحقد في أوساط المجتمعات العربية والإسلامية.
الصورة في ظاهرها علوٌّ واستكبار وفي باطنها الهوان والاستكانة، الصورة تشهد بولاء العملاء العربان لليهود والنصارى تعكس مُخَطّطات استعمارية تستهدف القرار الوطني وتنال من سيادة الدول.
ولسانُ حال محور الشر عبر الصورة يقول: نحن هنا في بلدانكم بالمظاهر الترفيهية التي تقامُ على أرضكم برعاية غربية، نحن هنا بعملائنا وأدواتنا نوجّه ونسيطر ونتحكم ونقلد الأوسمة ونوزع المعونات الإنْسَانية.
نحن هنا بتوجهاتنا وبأفكارنا وفصائلنا المسلحة ومكوناتنا العميلة، نحن هنا بالسلوك وبالجماعات التكفيرية والمتطرفة، نحن هنا نمسك بزمام الأمور في الشرق الأوسط وَفي بلدانكم أثبتنا الوجود وأنجزنا الوعد الموعود واستعدنا القرار المفقود، وبأيدي قادة الأعراب أوصلنا الصوت المنشود بدون مجهود، الصورة تعبّر وتعكسُ الحضورَ الاستعماري والموقف الواحد والرؤى الشيطانية، الصورة تتحدث عن أعراب منافقين ينساقون ويتجهون نحو المُخَطّط المعد بل أصبح أولئك الأدعياء الأشدّ كفراً ونفاقاً من يروج للغاصب ومن يرشد المحتلّ ومن يمهد للغزاة ومن يسارع فيهم خشية أن تصيبهم دائرة.
نعم هذه هي رسالتهم اليوم واضحة وبينة فلم يعد هناك ما كنا نسمعه بالأمس عن الحديث الناعم عن عملية السلام، والمفاوضات والمؤتمرات، فقد أصبحت هذه الشكليات في نظرهم نغمة بدائية وغير مجدية ولم يعد هناك في القاموس الإعلامي ما يسمى بالصراع العربي الإسرائيلي، اليوم هناك الصراع الإيراني العربي ومن منظورٍ ترامبي ليس هناك أفضل سياسة كسياسة اللعب على المكشوف فلكل زمان سياسة وزعامات ووسائل وأدوات، ذلك هو لسانُ حالهم أَمَّـا الجليس المتكئ على أعمدة تحالف العدوان الصهيوأمريكي على اليمن من يدعي الوطنية واليمانية وهو يراهن على الوجود الإسرائيلي وقد أوصل بيديه رسالة وصوت الرأس اليهودية حين قدم له المايك فيردد الأسطوانة المشروخة السمجة الخطر الإيراني وَالأطماع الفارسية والتمدد الشيعي، وَالصواريخ البالستية الحوثية وخطرها على باب المندب الملاحة البحرية الدولية.
مرةً أُخْــرَى الصورة بذلك الاصطفاف اليهودي الأمريكي والمدعو اليماني ليست مصادفةً ومسألة تقديم المايك للنتن كانت معدةً مسبقاً وليس الموقف عفوياً أَو تلقائياً، ذلك الموقف أريد به التعبير عن الحميمية بين العربي واليهودي وهناك دلالات على أن الصورة والحميمية لها خلفية ولها أبعاد استراتيجية طامعة ومرسومة منذ سنوات وعقود وجاءت الصورة ليكتمل المشهد ليأتي بعد ذلك التنفيذ للخطوات العملية المعدة من قبل بروتوكولات حكماء صهيون الرامية إلى تحقيق الحلم اليهودي على الأرض العربية الإسلامية في إفساد العرب والمسلمين وضرب ديننا وقيمنا.
لكي نتخلى عن إيماننا وَنظل السبيل ونفقد تأييد الله ورعايته قال تعالى: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنـزلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ)، وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّوا السَّبِيلَ.. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا).
الصورةُ تمهّد الطريقَ أمام الصهيونية العالمية في مُخَطّط نهب الثروات والاستيلاء على الجغرافيا والتحكم في الاقتصاد العربي والإسلامي، وأخيراً وفي مواجهة ذلك كله فإنَّ الصورةَ أسقطت عناوينَ ومشاريعَ العدوان الفاشلة وكشفت الحقائق جهاراً نهاراً، الصورة تؤكّـــدُ أحقيةَ القضية التي نقاتل من أجلها وصدق المشروع الواضح وحقيقة المنهج الذي يسير عليه أبناء الشعب اليمني في مقاومته لدول الكفر والإلحاد ومناهضته للعدوان الصهيوأمريكي قال تعالى: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا).