مآلاتُ اتّفاق استكهولم .. بقلم/ محمد أمين الحميري
رغم الخروقات والتجاوزات اليومية بشأن اتّفاق استكهولم حول إعادة الانتشار في الحديدة وما يتصل به، ومحاولات تحالف العدوان ومرتزِقته إفشال هذا الاتّفاق، إلا أن هناك نجاحاتٍ مهمةً حقّقها الوفدُ الوطني والمجلس السياسيّ الأعلى كسلطة شرعية على أرض الواقع مقابل بعض التنازلات غير المخلة ولها دوافعها الإنسانية، من أهمّ تلك النجاحات إيصال رسالة للعالم وصناع القرار فيه، أننا في اليمن أصحاب سلام، وَهناك تجاوبٌ مع أية جهود تهدفُ لتحقيق السلام شريطة أن تكونَ الحلولُ عادلةً ولا تمُسُّ بالسيادة الوطنية والكرامة الإنسانية، وهذا ما تحقّق عند الممارسة العملية على أرض الواقع والحرص الكبير من القيادة الثورية والسياسيّة على إنجاح الاتّفاق، وهذا باعتراف المبعوث الأممي غريفيث نفسه في إحاطته الأخيرة بمجلس الأمن، وَعليه فعلى العالم أن يعيَ أنه أمام قوم تحكمُهم الأخلاق والقيم، أمام قادة صُنّاع رأي وأصحاب قرار في ذات الوقت، أمام نظام ودولة تحاربُ من أجل قضية عادلة وبشرف، وتمُدُّ يدَها للسلام بشرف أَيْــضاً، وإذا كان كذلك وبعد معرفة هذه الحقائق – وهم يعرفونها جيداً من قبلُ – فعليه إعادة التعامل مع المشهد في اليمن بطريقة إيجابية إذا كانوا حريصين على تحقيق الأمن والاستقرار لضمان الأمن والسلام الدوليين، على الأمم المتحدة بشكل أخص أمام الوفاء بتنفيذ العهود من قبل السلطة في صنعاء، كشف الحقيقة للرأي العام والضغط على الطرف المعرقل لتنفيذ الاتّفاق، وهو طرفُ مرتزِقة العدوان ومَن يقف وراءهم.
إلى جانب ما سبق، فقد نجحت القوى الوطنيةُ وفي مقدمتها أنصار الله في جر الأمم المتحدة إلى مربّعهم ومعرفة مدى الجدية في إنجاح الاتّفاق من عدمها، بل وكشف الخبايا المبيّتة التي ربما يطمحُ لها العدوان من وراء اتّفاق الحديدة وتمرير مُخَطّطاته تحت يافطة شرعية، وبرز ذلك بشكل واضح في واقع عمل رئيس فريق المراقبة الأممي السابق باتريك، الذي كان يعمل بعيداً عن بنود الاتّفاق المنصوص عليها في السويد ووافق عليها الجميع، بل وتعمد المماطلة والحسم في الأمور المهمة لأسباب اكتشفها الجميع، فهذا الدور المشبوه إن صح التعبيرُ لم ينطلِ على القوى الوطنية وأدانوا المراقبَ الأممي من خلال أدبيات الأمم المتحدة نفسها، ما يعني يا أمم متحدة هو أنكم أمام معلمين في السياسة، وما لم يكن بفعل العدوان العسكريّ لن يكون من خلال الفعل السياسيّ، هذا إضافة إلى النجاحات السابقة أثناء المفاوضات ذاتها ومن ثم صياغة أدبياته وطريقة إخراج الاتّفاق بشكل مرن، والمهم هو أن يبدأ الناس في حلحلة الأوضاع ولو في إطار بعض المِـلَـفّات وُصُولاً إلى الدخول في المِـلَـفّ السياسيّ ومعالجة القضية اليمنية بشكل عام.
إن السعيَ لإنجاح اتّفاق الحديدة في الحد الممكن يشكل عاملَ تخفيفٍ على الشعب في الجانب الإنساني، وعلى الجيش واللجان، من حيثُ الحفاظ على عنصرنا البشري ومقدراتنا العسكريّة معاً، وبالتأكيد التحديات ستظل قائمةً وقوى العدوان ومِن ورائها الإدارة الأمريكية يمتلكون مشروعاً توسعياً، لكن الأهمّ هو أن الناسَ قد قاموا بواجبهم وزيادة، ومتى كان هناك تقصيرٌ أَو مباغتة عدوانية، فلكل حادثة حديثٌ، وما كان تحسب له قواتنا المسلحة ألف حساب لن تتوانى عنه وستستخدمه في الوقت والزمن المناسب، وبدلاً عن التعاطي الإيجابي من طرف واحد، ستصل قوى العدوان إلى التعامل بذات الطريقة وهي مذعنة، والتفاوض على أشياءَ في صالحها، والمتصدي لعدوانهم هو مَن يفرضُ ما يريدُه.
حتى لا نضطرَّ إلى الذهاب بعيداً، والسببُ هو إصرارُ الغازي المحتلّ على تدمير بلادنا وانتهاك حقوقنا.
أملُنا أن يجدَ الشعبُ اليمني خطواتٍ ملموسةً في اتّجاه الحل، وخَاصَّــةً في ظل إدارة المراقب الدنماركي الجديد ووجود التزامات تهدفُ للتسريع من عملية تنفيذ الاتّفاق، فمن حق الشعب اليميني أن يعيشَ بعزة وكرامة، الموقف الأخلاقي والإنساني والقوانين والأعراف الدولية تقتضي أن يُرفَعَ الحصار الخانق عن الشعب اليمني فتدخل المواد الغذائية والمشتقات النفطية والدواء والعلاج، والمستلزمات الصحية… إلخ.
يكفي بعد أربعة أعوام من هذه الحرب الوحشية على شعب مسالم ذنبُه الوحيدُ هو أنه أراد بناءَ دولة مستقلّة في قرارها وذات سيادة على أراضيها، وهو في الأصل مطلَبٌ مشروع، من حق أية دولة في هذا العالم أن تعملَ على تحقيقه بمختلف الطرق والوسائل.