تحقيق استقصائي بالوثائق والشهادات عن أدوية منظّــمة الصحة الفاسدة الاستجابة المميتة..
في بلدٍ يشهدُ أسوأَ كارثة إنْسَانية بوصفِ العالَم.. لم يكن العدوانُ ولا الحصارُ هما كُــلّ مَن تسبب بتلك الكارثة.. بعض الأيادي التي مُدَّت لإغاثة اليمن المنكوب لم تَنْــأَ عن الإسهام بنصيب مؤسِف من الأضرار التي أحضر جانبٌ منها الموتَ، لآلافٍ من المتعلّقين بالحياة.. مرضى يتلقون العلاجَ ببدائل الكلى افترست أعداداً منهم أدويةُ منظّــمة الصحة العالمية نهاية العام 2018.. هذه المنظّــمةُ رفض ممثلوها في اليمن الإدلاءَ بأيِّ تعليق، سعينا مراراً لاستيضاحه في هذا التحقيق..
إعداد| عبدُالحميد الغرباني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضحايا: (أصابتنا في مقتل) المضاعفاتُ التي سبّبتها أدوية الصحة العالمية
صراعٌ مع الموت يخوضُه المواطنُ أحمد محمد المسيري وثلاثةٌ من أولاده، بدأ مع إصابتهم بالفشل الكلوي ولم يتوقفْ مع نجاحه واثنين من أولاده في زراعة كلى، لقد استبدل ثلاثتُهم جلساتِ الغسيل بأدوية تثبيط المناعة التي تمنعُ طردَ الجسم للكلية المزروعة يقول: “ضحيتُ بعشرات الملايين، ستة عشر مليوناً زرعت بها كلى أنا وأولادي، والآن العلاجُ يكلّفنا فوق ثلاثمائة وخمسين ألف ريال في الشهر الواحد وأسعاره معروفة”.
تحت ضغط شُحِّ الموارد؛ بفعل العدوان انقطع صرف الأدوية مجاناً لزارعي الكلى من قِبَلِ وزارة الصحة العامة والسكان، لكن ذلك لم يمنع عدداً منهم من قصد الوزارة؛ بحثاً عن ما يؤخِّرُ عنهم المصيرَ المحتومَ، كما فعلت عائشةُ النويرة وآخرون في مارس 2018، توضح عائشة رحلةَ المعاناة “العلاجات لها فترة مقطوعة النيورال خمسة أشهر مش موجود والسلسبت سنتين والبروقراف سنة وشوية مش موجود، احنا الزارعين نشتي علاجات، احنا بين الحياة والموت”.
تتابعت نداءاتُ الاستغاثة الإنْسَانية التي أطلقتها وزارةُ الصحة العامة والسكان، لكن أياً من الاستجابات لم تفرمِلْ المحنةَ القاسيةَ التي بلغت ذروتَها نهايةَ العام 2018، كما يؤكّـــدُ أمين محرّم -رئيس جمعية الرحمة لزارعي الكلى ورعاية مرضى الفشل الكلوي-: “الفترة التي مضت كاملة الفترة حصل انقطاعات بالعلاج والمرضى باعوا كُلَّ ما معهم، والبعض كان يوقفه يومين يوقفه يوم وبهذلة حصلت للمرضى بشكل ما قد حصل نهائياً”، ويضيف محرم بلكنة حزينة: “لنا زارعين من أكثر من أربعَ عشرةَ سنة ما قد شفنا المشاكل التي قد حصلت بهذا العام الذي مشى”.
تدفقت –متأخرةً- تعهداتُ المنظّــمات الدولية بالدعم، لكن محدوديةَ أثرها -بحسب جمعية الرحمة لزارعي الكلى- سيكون فيها نعمة تحمد، لولا أن تلك الاستجابة جنت بدواء قدمته منظّــمة الصحة العالمية على حياة بعض المرضى وكادت تعصفُ بحياة آخرين، كشفوا عن ذلك في نوفمبر 2018 بوقفة احتجاجية حصلنا على مقاطع فيديو منها نفّذوها في ساحة وازرة الصحة العامة والسكان يقول محمد ناصر دماء: “بعد مناشدات ومطالبة من الزارعين ووزارة الصحة جابوا لنا هذا علاج يفقد حياتنا، جابوا علاج السيكلوسبورين ذرار غير الذي نعرفه ونستخدمه وهو مادة لزجة، معاناة من حصار ومن كُــلّ شيء ومن غلاء وبالأخير.. يدوا لنا علاج ينهيك وليس له أي فعالية”..
الأطباء: المرضى المتعلقون ببدائل الكلى وقعوا ضحية شحنة مساعدات مميتة
مع تدهور حالتهم الصحية، لجأ المسمري وشخص آخر إلى الأطباء الذين يتابعون حالتهما الصحية فأكّـــدت التقاريرُ الطبية والفحوص التي أُجريت لهما ارتفاع وظائف الكلى لديهم، في مستشفى الثورة التقينا الدكتور نجيب أبو إصبع وهو أخصائي أمراض الكلى ومستشار وزارة الصحة العامة والسكان لشؤن أمراض الكلى وأحد الأطباء الذين يتابعون حالات زارعي الكلى فأكّـــد أن حالاتٍ عدةً من زارعي الكلي التي يتابعها ظهر أَيْــضاً تدهورُها مع اضطرارهم لاستخدام دواء يخالفُ الوصفةَ الطبية والعلمية، ويلفتُ مستشار وزارة الصحة العامة والسكان إلى أن مجرَّدَ تغيّر صنف الدواء المستخدَم بالنسبة لزارعي الكلى يؤثر سلباً: “زارع الكلى حصل على كلية من شقيقه أَو والده أَو قريب له أَو باع ما لديه وحصل على كلية بطريقة ما.. هذا يسمونه مريض ناقص المناعة وعندما تعطي علاج ضعيف.. ضعيف لا تعرف منشأه لا تعرف مصدره فأكيد هناك خلل”.
حديث أبو إصبع أكّـــد أَيْــضاً تسجيلَ مركَز الاستصفاء الدموي بمستشفى الثورة العام عَــدَداً من الحالات التي أصيبت بفشل كلوي تحت التأثير السلبي للأدوية التي قدّمتها منظّــمةُ الصحة العالمية ومنها دواء السكلسبورين هندي المنشأ: “لدينا مرضى راقدون في الأقسام الآن دخلوا بفشل كلوي مزمن؛ بسبب عدم جودة هذه العلاجات التي قدمتها منظّــمة الصحة العالمية”.
إلى نقطةِ البدايةِ عاد بعض زارعي الكلى تحت ضغط كلفتها الباهظة وانقطاع الميزانية التي تغطي أدويتهم.. أخذ آخرون ــ في ظل توفيرها أممياً ــ مواقعهم في طوابير مرضى الفشل الكلوي الذين لم ينجوا من حرب العلاج الأممي كما كشف رئيس هيئة مستشفى الثورة العام بصنعاء الدكتور عبدُاللطيف أبو طالب: “في العام الماضي قدمت للهيئة إمدادات غطت ستة عشر ألف جلسة من جلسات الغسيل الكلوي، ولكن المواد التي تلقيناها من هذه المساعدة لم تفِ بالغرض المطلوب؛ نظراً لاختلاف تصنيعها مع الأجهزة التي يستخدمها المركز”.
مع سعينا لمعرفة تفاصيلَ شاملةٍ حول تداعيات هذه المساعدات، اتضح لنا أنها مقدمةٌ من منظّــمة الصحة العالمية، هذه الوثيقة الرسمية التي حصلنا عليها تؤكّـــد ذلك وتعرض التداعيات التي لحقت المرضى وأجهزة الغسيل..
تسببت موصلات الدم المستخدمة في جلسات الغسيل:
بمرور الهواء من خلال الوريد للمريض.
تجلط الدم أثناء جلسة الغسيل.
تضاعف استخدام محلول الملح وهو ما يعني تضاعف الوقت..
تضاعف كمية الهيبارين المعطاة للمريض لمنع تجلط الدم وهو ما سبب نزيفا لبعضهم بعد الانتهاء من الجلسة..
وتسببت المحاليل بتوقف اجهزة الغسيل الكلوي قبل نهاية الجلسة وانخفاض كفاءة الجلسة..
كان الكادرُ الطبي هنا يقاتِلُ لإنقاذِ حياة المرضى من مخاطر عدم توافق إمدادات الغسيل مع الأجهزة وسط حالة من الصدمة والذهول وانعدام الحيلة، كما تروي الممرضةُ منى ملاطف: “اضطررنا لتقديم الرعاية الصحية بها بالرغم أن لها مضاعفاتٍ كبيرةً على المريض وكانت نسبة الغسيل وسحب السوائل غير كافية وكنا نلاحظ أن المريض يخرج من جلسة الغسيل وهو مثلما دخلها أَو أقل”..
وتضيف: “مع تجلط الدم كنا نضطرُّ أن نرميَ الجلسةَ كاملةً، الفلتر مع اللاين مع دم المريض وهو كمية كبيرة والمريض يعتبر ناقص الدم وهذا موجع لنا بالتأكيد”.
في المحصلة ضاعفت هذه المساعدات من معاناة مرضى الفشل الكلوي، كما يؤكّـــد أخصائي أمراض الكلى بالمستشفى الدكتور نجيب أبو إصبع: “المريض عالمياً لا بد أن يغسل ثلاث مرات أسبوعياً من اثنتي عشرة إلى خمسَ عشرةَ ساعةً نحن لا نصل إلى ست ساعات بالنادر نصل، المريض لا يأخذ ستَّ ساعات وهو قدرٌ بسيط جِـدًّا، وعندما يدخل المريض ومع هذه الست الساعات لا تكون كفاءةُ الأجهزة والمستلزمات بالشكل الكافي فماذا تتوقع قد يكون الموت ليس مباشراً في تلك اللحظة لكن يمر بمضاعفات والسوائل تكثر وتحصل وفاة ولدينا وفيات قد لا تستطيع مباشرة القول: إن السبب المباشر هو هذه المستلزمات ولكنها جزء كبير جِـدًّا؛ لأن المرضى لم يستفيدوا منها بشكل كثير”..
وطأةُ الافتقار الشديد لإمدادات جلسات الغسيل الكلوي أرغمت المركَزَ على استخدام المنحة الأممية التي شملت مستلزماتِ الغسيل ومحاليله مع مخالفتها لمواصفات الأجهزة وبحسب الدكتور عبدِاللطيف أبو طالب -رئيس هيئة مستشفى الثورة-، وقْعُ الكارثة تعاظم مع معرفة أن المنظّــمة التي أمنت هذه الإمدادات كانت تعلم مسبقاً بنوع الاجهزة التي يستخدمها أَكْبَــر مركز للاستصفاء الدموي باليمن يقول: “تعلم منظّــمة الصحة بنوع الأجهزة التي لدينا وتم إبلاغهم رسمياً من لدينا أن نوع الأجهزة قامبرو”، وهو ما يعني بالضرورة بديهية توفير مواد مطابقة لمواصفاتها ومن مصادر مخولة من قبل الشركة المصنعة..
المنظّــماتُ الأمميةُ تتجاهَلُ تأمينَ زراعة الكلى
جُــلْنا غيرَ مرة في أروقة أَكْبَــر مستشفيات اليمن الذي يضُمُّ أَكْبَــرَ مركزٍ للاستصفاء الدموي وهو أَيْــضاً المشفى الوحيد الذي كان يؤَمِّن زارعةَ الكلى مجاناً قبيل أن يتوقف نهائياً تحت ضغط العدوان والحصار، عرفنا ممَّن يصطفون في طابور انتظار جلسات الغسيل أنه لم يعد متاحاً للغاسلين كُلاهم بأنصاف الجلسات الانتقال لزاوية زارعيها على نفقة الدولة، كان أحدُهم يجولُ في ساحة الانتظار وهو يردِّدُ بصوت مبحوح: “نشتي نزرع كلى، نشتي نزرع كلى”..
في حلبة الصراع بين الموت والحياة، حوصر مرضى الفشل الكلوي غيرُ المقتدرين على زارعة كلى على نفقتهم في المستشفيات الخَـاصَّـة، في هذا السياق يوضحُ رئيسُ هيئة مستشفى الثورة العام بصنعاء أن آثار العدوان على القطاع الصحي كانت كبيرةً جِـدًّا، وأن زراعة الكلى في ظلها كانت محفوفةً بمخاطر الفشل، يقول أبو طالب: “أربع سنوات من المعاناة على مستوى العلاج البسيط لم نجدْه، معاناة شديدة.. زراعة الكلى كان من السهل أننا نزرعُ كلى، لكن ما بعد زراعة الكلى؟؟ لم يكن هناك أدوية ما بعد زراعة الكلى التي تهبط ا لمناعة وإلا فشل ذريع ستحصل.. فشل ذريع.. عندما نزرع كلى اليوم بكرة بعد بكرة لا يوجد أدوية تهبط المناعة وتحافظ على الكلى المتبرع بها ستموت الكلى حتماً.. وستزداد معاناة المرضى”.
وثّق هذا التحقيقُ أن أَكْبَــرَ منظّــمة أممية تُعنَى بالصحة جمعت بين تجاهل تأمين زراعة الكلى وبين توفير إمدادات مميتة لزارعي الكلى، كما يؤكّـــد رئيس جمعية الرحمة لزارعي الكلى ورعاية مرضى الفشل الكلوي: “منظّــمة الصحة العالمية في 2018 جابت مرتين من أدويتنا لكن رديئة ولم تستخدم من قبل وحصل للمرضى مضاعفات”..
الهيئةُ العليا للأدوية والمستلزمات الطبية: صنفُ السكلسبورين الممنوح أممياً فشل في فحص مختبر الرقابة الدوائية
في التحقيق بحثنا مع الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية شكاوى زارعي الكلى فتبين أنها أُخضعت لفحص مختبرها عيناتٍ عشوائيةً من صنف السيكلوسبورين هندي المنشأ وهو أحدُ أدوية تثبيط المناعة التي أمّنتها منظّــمةُ الصحة، فأكّـــدت النتائجُ شكاوى المتضررين، كما أشار لذلك رئيس الهيئة الدكتور محمد المداني الذي وضع بين أيدينا شهادات المختبر التابع للهيئة أَيْــضاً: “تم إحالةُ عينات من صنف السيكلوسبورين للفحص والتحقق من أمانة وجودة المنتج، ففشل المنتج في تجاوز الاختبارات في المختبر الوطني للرقابة الدوائية”، ويتابع المداني: “عملنا مذكرة إلى وزارة الصحة والى منظّــمة الصحة العالمية بإيقاف صرف مثل هذا الدواء وتم التحفظ على الكمية وتم ايقافها، أبلغنا المنظّــمة وابلغنا الوزارة بان المنتج أثبت أنه فاشل وبأن هذا الموضوع يعتبر خطير جِـدًّا”.
وزارة الصحة: منظّــمةُ الصحة العالمية تخالفُ برتوكولاتِها وهذا استهدافٌ للمرضى
مع مذكراتِ الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية ولتدارك الكارثة، اضطرّت وزارةُ الصحة العامة والسكان لسحْبِ دواء المنظّــمة من صيدليتها المركَزية التي تسلّمه لمستخدميه، كما أوضح الناطق باسم وزارة الصحة الدكتور يوسف الحاضري الذي عزا سببَ وضع هذا الدواء بين يدي مستخدميه قبل التأكّـــد من مواصفاته وفاعليته إلى الثقة المطلقة بمنظّــمة الصحة العالمية.
ويقول الحاضري: “ما يأتي عن طريق منظّــمة الصحة العالمية لا يتم فحص الأدوية، خَـاصَّـةً الأدوية؛ لأنها هي واضعة السياسات ولا تتعامل مع شركات ومع مصانع إلّا وفق قوانين وسياسات واضحة ومحددة؛ لذلك ما جاء من منظّــمة الصحة العالمية موثوق وثوقاً تاماً بأنها لا تأتي إلّا بمصادر مناسبة هذا السبب الذي أدّى إلى أننا لم نقُم بفحصه فتم الصرفُ مباشرة للمرضى”.
يشير ناطقُ الصحة إلى أن قيادة الوزارة طالبت منظّــمة الصحة العالمية بتوضيح كامل بشأن عدم فعالية صنف السيكلوسبورين، فضلاً عن الالتزام ببرتوكولاتها التي تنظّــم تأمين الأدوية وبحسب وزارة الصحة العامة والسكان تخالف منظّــمة الصحة العالمية بروتوكولاتها التي تحتم إرفاق أي صنف دوائي بعددٍ من الوثائق كشهادة إثبات ترخيص تصنيع الدواء وتسويقه واستخدامه في بلد المنشأ ومِلَــفَّي مأمونية الدواء الدورية ودراسة التكافؤ الحيوي، وقد حصلنا على نسخ من المذكرات الرسمية للصحة والتي تفاعلت معها المنظّــمةُ على الورق واقترحت تشكيل لجنة مشتركة من الجانبين، كما تفيد مذكرة رسمية صادرة عن المنظّــمة..
منظّــمةُ الصحة العالمية.. إصرارٌ عجيبٌ على تجاهُلِ كارثة من صنيعها
أَثناءَ إعداد هذا التحقيق علمنا أن اللجنة المقترحة من منظّــمة الصحة العالمية ظلت تماطلُ في عقد اجتماعٍ لها لأكثرَ من شهر، وهو ما أثار تساؤلاتٍ عن جدية عمل المنظّــمة، واستهجانات على شعارات اهتمامها بحياة المرضى، حاولنا مراراً معرفةَ تعليق منظّــمة الصحة العالمية واستجلاء الأسباب التي قادتهم لمنح زارعي الكلى دواءً مجهولاً وغيرَ مأمون ومستلزمات الغسيل الكلوي ومحاليله غير المطابقة للمواصفات المفترضة، لكن أحداً من ممثلي المنظّــمة لم يستجِبْ، الأمرُ المرعِبُ أن تواليَ المخالفات الأممية الجسيمة رافق تصاعُدَ أعداد المصابين بالفشل الكلوي التي وصلت إلى 5832 مريضاً، ليصل معدلُ الوفيات بينهم إلى نسبة الربع كنتائجَ مباشرةٍ للحظر المفروض على البلد وَأَيْــضاً للحضور المفترض به كسر حدته وتخفيف وطأته، إذ حصلنا ضمن هذا التحقيق على وثيقة رسمية تفيدُ بإصابة ثمانية من أجهزة الغسيل بالفشل بمركز غسيل الكلى بمستشفى 22 مايو بضلاع همدان بفعل توفير إحدى المنظّــمات إمدادات الغسيل غير المطابقة لمواصفات الأجهزة، ولمعرفة ملابسات ذلك زرنا المدير السابق للمستشفى الدكتور مطهر مرشد والذي أوضح أن المشكلة حصلت بعد أن “تدخلت منظّــمة المريتوبس لتأمين جلسات الغسيل للمركز، وردت تقريباً أربعة أَو خمسة آلاف جلسة، لكنها لم تكن اورجنل، ليست أصليةً ولم يكن معنا خيارٌ إلا استخدامها ما لم الناس ستموت.. طبعاً بدأنا باستخدامها لم تغلق حوالي الشهر إلّا وكُلُّ الأجهزة متوقفة”، ويضيف مرشد: “عقب ذلك لجأنا إلى نقل مَن يحتاج لجلسات الغسيل إلى المستشفى الجمهوري بالعاصمة وفي حالة من الصدمة والألم وانعدام الوسيلة في ظل هذا العدوان والحصار الجائر”، ويتابع مرشد: “الاحتياجات والأدوية التي نحتاجها في المستشفيات التي تنفع الناس التي تمس حاجتهم لا توفرها كُــلّ المنظّــمات فيما يتم توفير أدوية لا حاجة لها أَو ثانوية”، مدير عام مستشفى 22 مايو بهمدان سابقاً يعزو سببَ حصول المخالفات التي يتتبعها هذ التحقيق إلى المال والصفقات المشبوهة بين المنظّــمات والشركات المصنعة يقول: “أنا في رأيي أنه بزنس؛ كون الأدوية والمستلزمات الطبية غير مطلوبة مع الشركات المصنعة لها فتمشيها بصفقات عبر المنظّــمات التي بدورها تمنحها كهبات ومساعدات وانتهى الموضوع وشغل كذيه”..
في هذا السياق لا يستبعدُ أمين محرّم -رئيس جمعية الرحمة لزارعي الكلى- أن تكون المنظّــمة الأممية قد اتخذت من كلى اليمنيين معاملَ اختبارات لأدوية مشبوهة: “أعتقد أننا أصبحنا حقلَ تجارب لمنظّــمة الصحة العالمية، يعني حصار وعدوان على اليمن، بالإضافة إلى حرب العلاجات للقضاء على المرضى”.
قُبيلَ نَشْرِ هذا التحقيق عاودنا محاولاتِنا للحصول على تعليق من منظّــمة الصحة العالمية دونَ فائدة، رفض مسؤولُها الإعلامي تحديدَ أيِّ موعد، وفيما تستمرُّ حرائقُ العدوان دون توقف يؤكّـــد مسؤولو النظام الصحي في اليمن أن محاولاتِ إخماد حرائق العدوان بالدموع لا تجدي، كما لا يمكن تصوُّرُ أَو قبولُ استمرار المنظّــمات الأممية المعنية بالنظام الصحي بالتواجد في مربع الكارثة، في ظِلِّ تزايُدِ حاجة الكارثة الأسوأ في العالم إلى المساعدة لا إلى المتاجَرة..