من الخفاء إلى العلن.. التطبيعُ جريمةٌ ترتكبها بعضُ الأنظمة العربية .. بقلم/ ربى يوسف شاهين
منذ اتّفاقية أوسلو ازدادت معاناة الشعب الفلسطيني، فـ بنودُ الاتّفاقية نُفّذت لصالح الجانب الإسرائيلي المغتصِب، وما زال حتى اليوم يُصعِّد في انتهاكاته لحقوق هذا الشعب المقاوم، بين اعتقالات وهدم للبيوت وحصار على جميع الأصعدة.
فيما مضى كنا لا نلحظ وقوف أنْظمة عربية بشكل علني مع هذا الكيان، ولكن مع مرور السنوات أصبحت الأمور تتوضح، وبتنا نشاهد بالعين صفقات وترحيبات بهذا العدو وجهارة، لنصل إلى مؤتمرات تُعقد تحت غطاء السلام والأمن في الشرق الأوسط، وفي طياتها كُــلّ الحقد لهذا الشرق، تتنوع الذرائع تحت المسمى المعلن ليعقد مؤتمر وارسو في بولندا بانضمام دول عربية منها من ينعم بالأمن وَالأمان، ومنهم مَن أصابه داء “الربيع العربي”، الذي عمد إلى تقسيم السلطة في الدولة الواحدة إلى مؤيدين ومعارضين مقاومين لفكرة التطبيع مع هذا الكيان، لكن الموالين من حكوماتهم يسارعون إلى حضن الكيان للجلوس بقربه وأخذ الرضا من واشنطن.
مُخَطّطات صهيو أمريكية كبيرة تُحاك على الملأ، ولكن أصحاب الحكومة يغضون البصر والسمع عنها، أولوياتهم الأولى أن يحتفظوا بكراسي العرش على حساب شعوبهم، فكيف يعبئون بشعب فلسطين المقاوم.
ما تحاول واشنطن فعله في المنطقة هو إنشاء شرق أوسط جديد، يضم حكومات جديدة تناسب بنود مؤامراتهم، فالهدف الأبرز لمؤتمر وارسو ليس فقط التحشيّد ضد إيران المقاومة، ولكن الأهم هو تنفيذ الصفقة التي تبناها صهر الرئيس ترامب “كوشنر”، مستغل ما يمر به هذا الشرق من أزمات كالحرب في سوريا واليمن، وعدم الاستقرار في العراق، فكان لابد من تشكيل تحالفات تضمن تنفيذ الصفقة خُصوصاً وأن سوريا شارفت على إعلان النصر النهائي على 60 من الدول وعلى راسهم الولايات المتحدة، والذي أفشل المُخَطّط وإمكانية الإسراع في تنفيذ بنود الصفقة وإعلان القدس فعلياً عاصمة لإسرائيل؛ لأَنَّ بنود هذه الصفقة ستحقق لإسرائيل مآربها الصهيونية.
مؤتمر وارسو ما هو إلا مؤتمر أصدقاء إسرائيل، الذين خرجوا من الظل إلى العلن، والهدف الأكبر له هو القضاء على أهميّة القضية الفلسطينية بالنسبة للشعوب العربية، وما تجرؤ الكيان الإسرائيلي بعد انعقاد المؤتمر على العبث بالمسجد الأقصى ومنع المصلين المقدسيين من الصلاة فيه، سوى خيانة بعض الأنْظمة وقبولها التطبيع معه.
في الجهة المقابلة هناك شعوب ما زالت تقاوم وترفض التطبيع رغم قبول بعض أنظمتها ذلك، والأهم هو الشعب الفلسطيني بحد ذاته ومقاومته الباسلة ووجود قوى مقاومة داعمة كسوريا وإيران وحزب الله، والتي ما زالت تؤمن بهذا الشعب وحقه في استرجاع أرضه السليبة، التي كانت وما زالت رغم ما تمر به من أزمات ثابتة في نهجها المقاوم.
وَلذلك نحن على يقين أن أصحاب الحق هم الفائزون، وأن القرار بالمقاومة هو فقط بيد الشعوب وليس حُكامها المطبعين.
* كاتبة سورية- رأي اليوم