العدوان السعوديّ.. وأزلية المؤامرة (2) .. بقلم/ محمد أحمد الشرفي
لم يكُنِ الخلافُ المذهبيُّ بين اليمن والسعوديّة عاملاً مهمًّا في مسلسل المؤامرة السعوديّة على اليمن –كما يفسره البعض-، فلقد كان المذهبُ الزيدي في اليمن أضعفَ بكثيرٍ من أن يمثِّلَ خطراً على المنطقة المجاورة، وقد قضى الأئمةُ الزيودُ أَكْثَــرَ من 1100 عام في محاولة تثبتِ نظام حكمِهم دون جدوى، فلم يستطيعوا السيطرةَ على جميع مناطق اليمن في أية حقبة من حقب التأريخ، ناهيك أن تكونَ لهم طموحاتٌ توسعيةٌ إلى نجد والحجاز، أمَّا الشافعيةُ فلم يكُنْ لهم تأثيرٌ على أنظمة الحكم السياسيّة في الداخل اليمني أَو الخارج.
ولو كان الصراعُ مذهبياً ما سمح اليمنيون للوهَّابية بالتوسع في اليمن رغم أنها دخلت معهم في صداماتٍ كثيرة، إلا أن سبباً واحداً قد نقل الصراعَ إلى صراع مذهبي، وهو أن الوهَّابيةَ ارتبطت أساساً بالمشروع البريطاني منذ تأسيسها، حيث كان الغرضُ من إنشائها هو صبغَ التحَــرّك البريطاني في المنطقة عبر حلفائها بصبغة دينية، وبالتالي ركّزت الحركةُ الوهَّابيةُ – حينها- على مسألة التوحيد ومحاربة الشركيات والبِدَع، وكان الغرضُ من ذلك هو تقويض المشروع المناوئ للبريطانيين والمتمثل بالأتراك في المنطقة ذي التوجه الصوفي، حيث كان الأتراكُ ينتهجون التصوفَ في طقوسهم الدينية، وفي تلك الفترة أنشأت الكثيرَ من المراكز العملية والمعاهد، ووزعت الكُتُبَ بشكل مهول جِـدًّا، وعمل نظامُ آل سعود على استقطاب الكثير من الطلاب اليمنيين للدراسة لديهم، حتى أنها استقطبت كَثيراً من العمالة اليمنية بالمملكة، وركّزت على الشباب الأذكياء منهم، ودفعت لهم رواتبَ مغريةً مقابل ترك العمل والتفرُّغ لطلب العلم، عادوا بعدَها إلى اليمن رغبةً أَو قسراً، وفُتحت لهم المحاضِنُ التعليمية.
ومع أن النظامَ السعوديّ كان يسعى لتغيير ثقافة اليمنيين وكسب ولائهم عبرَ مَن تعلموا في المملكة، إلا أن كَثيراً من هؤلاء كانوا على وعي كبير بالتحَــرّك السعوديّ المشبوه والدور العدواني على الدين والوطن، فظهرت كثيرٌ من الآراء المناوئة للسياسة السعوديّة، وارتفعت كثيرٌ من الأصوات المحذّرة من سياسة آل سعود، وهم اليوم أَيْـضاً موجودون في خندق مناهضة العدوان، ولهم مواقفُ متزنةٌ، سواء ممن ينتمون للتيار السلفي، أَو مِن بعض الجماعات والتوجُّهات الأُخْــرَى.