سيرة الزهراء عليها السلام.. وأثرُها في المرأة اليمنية رغم التغييب .. بقلم/ منير الشامي
تلك هي بِضعةُ الطُّهر النبوي، ومكنونُ السر الإلهي وريحانة الأُمَّــة، ومصباحُها الأزلي، ومشكاةُ أنوارها الأبدية.
وكيف لا تكون كذلك وهي ربيبة النبوة ومستودعُ العلم المحمدي الذي أنزله اللهُ على أشرف خلقه وخاتم رسله وأعظم أنبيائه سيدنا ومولانا وحبيب قلوبنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى بضعته وفلذة كبده الطاهرة وعلى آله الأطهار.
فإذا كان صلواتُ الله عليه وعلى آله هو مدينةَ العلم وَعليٌّ باب مدينة علمه فإن فاطمة الزهراء هي أركان مدينة علمه وحيطانها، وهي أساسها ومنبع أنوارها إلى أن يرثَ اللهُ الأرضَ ومَن عليها.
ولأنها عليها السلام كذلك فقد حاول المنافقون تغييب سيرتها وحجب موقعها في الأُمَّــة وإخفاء منزلتها من هذا الدين ومحو دورها المشهود، مثلُها مثلُ الإمام علي وبقية العترة الطاهرة منذ اللحظة الأولى لوفاة رسول الله صلى اللهُ عليه وعلى آله ولحاقه بالرفيق الأعلى، وما زالوا مستمرّين في ذلك حتى يومنا هذا، مستخدمين كافة الوسائل ومختلف الأساليب لتنفيذ هذه المؤامرة حتى ولو كان في تأويل نصوص القُـرْآن ودس الأحاديث الموضوعة وترويجها؛ عَلَّهم يستطيعون أن ينجحوا في تحقيق هدفهم أَو بلوغ غايتهم، إلا أنهم فشلوا عبر الأجيال المتعاقبة لأربعة عشر قرناً من الزمان رغم حجم محاولاتهم وتنوعها، وأعظم ما وصلوا إليه قديماً وحديثاً هو تغييبُها عن واقع الأُمَّــة لفترات محدودة من الزمن ثم ما تلبث أن تعودَ حاضرةً في وجدان الأُمَّــة بقُـوَّة دورها وعظمة منزلتها الشريفة رغم أنوفهم هي وعترة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله..
فالكف مهما عظمت لا يمكن أن تحجب نور الشمس..
ومحاولاتُ أهل النفاق تغييبَ البتول الزهراء عليها السلام كانت وما زالت الغاية الأساسية منها هو منع نساء الأُمَّــة من الارتباط بسيدة نساء العالمين والاقتداء بمواقفها العظيمة مع رسول الله صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم ومع زوجها الإمام علي وانتهاء بمواقفها في بيتها كابنة وكأُم وكزوجة وربة بيت..
كذلك فإن تلك المحاولات كانت تهدف إلى إخفاء مسؤولية البتول الزهراء عن نساء الأُمَّــة لتجهيلهن بدورهن وحتى لا تكون لهن قدوة حسنى وأسوة مُثلى ليحذن حذوَّها ويمضين في دربها تجاه دين الله والأمة والمجتمع وتجاه بيوتهن جهاداً ودعوة ودفاعاً وتمسكاً وتحَـرّكاً وانطلاقاً وصبراً وثباتاً.
ولعل أكبرَ دليل على فشل تلك المحاولات هو موقفُ المرأة اليمنية الذي تجلّى أمام العالم خلال فترة العدوان والذي عكس أن البتولَ الزهراء عليها السلام حاضرة في وجدان المرأة اليمنية المؤمنة والأصيلة وأن المرأة اليمنية اتخذت من السيدة فاطمة عليها السلام قدوةً لها في التحَـرّك واستشعار المسؤولية تجاه ظلم العدوان وجبروته والانطلاق نحو الدفاع عن دينها وهُويتها بعزة وكرامة وإيمان وثبات فانطلقت لأداء دورها على أكمل وجه وفي أنصع صورة تضحيةً وبذلاً وعطاءً، وفي تقديم أغلى ما تملك والدفع بالأب والابن والاخ والحبيب إلى جبهات الشرف وميادين الرجولة للجهاد في سبيل الله والجود بأموالها ومجوهراتها وجهدها لرفد الجبهات بكل ما تستطيع عبر قوافل العطاء المتدفق والمستمرّ لأربعة أعوام، متحمّلة الحياة في ظل ظروف صعبة جراء الحرب والحصار ومشاركتها فاعلة في المقاومة والصمود والتعبير عن إرادتها في رفض جبروت العدوان الغاشم ومقاومته بصمود متجدد وثبات لا يلين بل يتزايد مع مرور الأيّام فاستقبلت أحب الناس وأقربهم إليها شهداءَ بصبر وإيمان أمام العالم.
وما زالتِ المرأةُ اليمنية تثبت كُــلّ يوم أن لها من البتول الزهراء وابنتها زينب عليهما السلام خيرَ أُسوة وَقدوة وخيرَ مثال ودليل، ولولا أنها استقت هذه المواقف العظيمة من سيّدة نساء الجنة عليها السلام لما صنعت التأريخ وشاركت في بناء المجد وساهمت في صناعة خيوط النصر القادم بإذن الله.