المرأة اليمنية: أنموذجُ الجِهاد الفاطمي .. بقلم/ سندس الأسعد
تحلّ الولادةُ الميمونةُ لسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع) وحرائرُ اليمن الصامداتُ تواصلن للعامِ الرابع على التوالي حراكهن الجهادي المستلهم من السيرةِ العطرة لهذه السيدة العظيمة ابنة الرسول الأعظم (ص) وزوجة أمير المؤمنين الإمام علي (ع).
حرائرٌ جسدنَ بوعيهن الثوري أنموذجًا يحتذى، يستوقفُ عنده كُلّ باحث عن سرّ صمود اليمنيين أمام أعتى جحافل العدوان الكوني، عدوانٌ يشنه النظام السعودي بالنيابة عن الوحش الإمبريالي برأسيه الصهيوني والأمريكي.
مما لا شك فيه بأن تعامل السيدة الزهراء (ع) مع الأحداث السياسية الهامة قبل وبعد وفاة الرسول (ص) كان مكملًا ومؤكدًا لأدوارها الأخرى الأسرية التربوية، الاجتماعية التكافلية والعلمية التوعوية.
السؤال المطروح: كيف تجسدت سيرة الزهراء (ع) في جهاد اليمنيات وصمودهن؟
على مدى الأعوام الماضية من الصمود الأسطوري، أكّــدّت نساء اليمن تمسكهن بخيار مقاومة ومواجهة العدوان حتى انكفائهِ عن اليمن. لم تدخرن أبناءهن بل رفدن بهم الجبهات وتصدرن لمواجهة وفضح الإعلام التضليلي الكاذب الهادف إلى تثبيط وزعزعة معنويات اليمنيين في الساحات. تخرجن إلى الساحات رفضًا لكل المخططات الاستعمارية، والتكفيرية منها على وجه الخصوص، الهادفةِ إلى تأسيس كيانٍ عدوانيٍ توأمٍ لذلك الذي أقيم على أرض الفلسطينيين.
تستلهمُ اليمنياتُ توجههن من جهاد السيدة الزهراء (ع) التي جهزت الأرضية والتصور لكلِ ثورة تنتفضُ دفاعًا عن قضيةٍ حقّة وعن مظلومٍ مستضعفٍ ومستعبد. ففاطمة (ع) نبراسُ كلُ حرّةٍ تتصدى لمواجهة الاستكبار والغطرسة والاستبداد، وهي التي علمتهن ضرورة أن يطرحن أنفسهن في الساحات الإعلامية والسياسية؛ تعزيزًا لأهدافِ الثورةِ وثوابتها.
نجحتِ المرأةُ اليمنية بإلحاف في فضح العملاء المرتزقة المنافقين ودناءة النظام السعودي ودمويته وارتهانه لمشاريع الاستكبار، واثقةً تمام الثقة ومتيقنةً عين اليقين بشرعية ثورتهن وتصديهن لكل المؤامرات التي يحيكُها الصهيوني والأمريكي ضد اليمن، طمعًا بموقعها الجيواستراتيجي وبثرواتها وطاقاتها.
واليوم، تقفُ اليمنيةُ كلبؤةٍ شجاعةٍ وكركنٍ رياديٍ فريدٍ وكشريكٍ قياديٍ فاعلٍ، يبهر المراقبين والمحللين الذين يجهلون بأنها اقتبست هذا الثبات من مولاتها وقدوتها فاطمة (ع).
ففاطمةُ (ع) تخرّجت من كنفِ الثورةُ الرساليةُ المحمديةُ قائدةً مجاهدة، في عصرِ استعبادِ المرأة ووأدها. هي الكوثرُ التي لم تعطى للرسولُ (ص) وحده بل لكلِ ناشطةٍ سياسيةٍ واجتماعيةٍ عبر التأريخ، وقد تفرد الأنموذج الفاطمي بكونهِ يقدسُ المرأة ويصونها فيضع للرجلِ حجابًا في التعاطي معها، لا يمكن بأيِ حالٍ من الأحوال تجاوزه.
ولأن الحرب الثقافية أخطر من الحروب العسكرية؛ ولأن المرأة اللبُّ الذي بسلامته يسلم المجتمع، فإن اليمنيات تسلحن بعفافِ فاطمة (ع)؛ كي تتصدين للسمّ الثقافي والاجتماعي الذي يسعى المستكبر لبثه في المجتمعات المحافظة، في سعيٍ حثيثٍ وشيطانيٍّ منه لتمييع هُوية المرأة وحرفها وإسقاطها.
علّمت السيدة فاطمة (ع) اليمنيات الصّبر في الشدائد وتقديم التضحيات ليحيّا الإسْلَامُ عزيزًا منتصرًا. فمن جهادها تستنبطُ العبر ومن حديثها وحكمتها يستنبطُ البيان، ومن تربيتها لابنتها زينب (ع) تستنبطُ خطوط التربية الرسالية الجهادية للحرائر الصغيرات، كيف لا وهي ابنةُ خديجة الكبرى (ع) الحامية الباذلة المضحية لقيام الإسْلَامِ ورسالته السمحاء.
على خطى فاطمة، تدخل اليمنياتُ الصامدات عامهن الخامس وصرخاتهن مدوية في وجه الظلم والعدوان وتيارات الفتن التي تنخرُ الأمة الإسْلَامية. بحبِّ فاطمة وبولاءٍ صادقٍ وحيّ تبذلُ هؤلاء حياتهن لتكون كلمة الله وأنصاره هي العليا، ولتكون كلمة الشيطان وعبيده ومرتزقته هي السفلى، المهزومة، المدحورة، المذلولةُ البائدة.
* صحافية لبنانية