خطابٌ للخطباء: إعذاراً إلى الله بأداء الأمانة .. بقلم/ محمد أمين الحميري
الخطابُ المسجديُّ في ظل العدوان على اليمن.. هل هو عندَ المستوى المسؤول ولو في الحدِّ الأدنى، وإذَا لم يكُنْ كذلك فما هي أهمُّ الوسائل للارتقاء المواكِبِ لما يجري من أحداث؟، وهل المسؤوليةُ تقعُ على عاتق وزارة الأوقاف؟، أم أنها مسؤوليةٌ جماعيةٌ يشتركٌ فيها أَيْضاً الخطباءُ أنفسُهم؟، وهل يدخُلُ في هؤلاء الخطباءِ الخطباءُ من مختلف التيارات، بما فيها التياراتُ التي يقفُ بعضُ قاداتها وأعضائها في صَفِّ العدوان؟، ما هو المدخلُ الصحيحُ لاستشعار الخطباء أن هناك دوراً يجبُ أن يقوموا به من منطلق أخلاقي وواقعي وليس بدافع الخوف الذي يجعلُ البعضَ يتماشى مع توجيهات الأوقاف في هذا الشأن وحكم الأمر الواقع، فعدمُ وجود قناعة مبنية على أُسُس صحيحة لن يكونَ لصاحبها أيُّ تأثير على من حوله.
في المقابل إذَا وصل البعضُ إلى قناعة واعية بأهميّة التواجد بالشكل الصحيح، هل هناك تحدياتٌ أمامهم، ربما مالية أَو غيرها، كيف يمكن معالجتها؟.
بطريقة أَو بأُخْرَى، وبعد أربعة أعوام من تكشّف الكثير من الحقائق، لا شك أن ترشيدَ الخطاب في مختلف المساجد مطلبٌ مُلحٌّ تقتضيه المسؤوليةُ الأخلاقية والدينية والواقعية، وإنْ كان هناك من أمر يمكنُ التفكيرُ فيه فهو كيف يمكنُ أن تكونَ البداية وبطريقة شوروية بعيدةٍ عن الإملاءات التعجيزية أَو عدم مراعاة الواقع الذي كان عليه الخطابُ الديني خلال عقود طويلة والسياسات التي تقف وراءه؟، وَأَيْضاً مراعاةُ التنوع المذهبي في المجتمع اليمني، ولكن في خطابه البعيد عن التصادم مع حقائقِ شرعية ومنطقية، أَو يعمل على التدجين والتحريض وغيره.
حسب متابعتي وقُربي من مختلف التيارات في الساحة، فهناك رغبةٌ لدى عدد كبير من الخطباء في أهميّة مناقشة هذا الأمر والدخول في خُطُوات عملية من شأنها خلقُ وعي ديني راشد، له ما بعدَه من الصحوة ومعرفة ما يحدُثُ على حقيقته، يبقى فقط أن هذه الصحوةَ وإن كانت متأخرةً إلا أن على الجهات المعنية في قطاع الإرشاد استثمارَها بالشكل الذي يضمنُ التجديدَ في الخطاب من حيث المضمون والوسيلة معاً بعد التوقف عند الأسئلة السابقة واعتبارها مدخلاً للبدء بأية خطوات عملية إصلاحية، وحسب علمي فهناك توجُّهٌ لدى حكومة الإنقاذ عموماً في هذا الأمر، والمعنيون به هم الإخوةُ في وزارة الأوقاف والإرشاد.
وإنْ كان هنا من كلمة أخيرة فهي في لفت انتباه الخطباءِ في مختلف التيارات وفي مقدمتها تيار حزب الإصلاح والتيار السلفي إلى أن هناك ما يدعو للتفاعُل مع توجّه الوزارة في هذا الباب إعذاراً إلى الله بأداء الأمانة، وثانياً كون المجتمع اليمني اليوم يتعرّضُ لمؤامرات خطيرة ويُستهدَفُ منذ أربعة أعوام، ومن غير الصحيح أن يظلَّ عددٌ كبيرٌ من الناس تائهين منتظرين المخلِّص الذي سيخلِّصُهم من شبح الانقلاب والعدوّ الوهمي الذي يتحدثُ عنه المرتمون في أحضان العدوان بمختلف مسمَّيَاتهم، خلاص الحقائق تجلّت والبلد بلدنا جَميعاً، وما على الناس إلا التقارُبُ والبدءُ بمعالجة الأمور بشمولية. والمعالجةُ لا يمكنُ أن تكونَ ما لم تكن البدايةُ من وعينا الصحيح في مختلف القضايا والأحداث، وأهمُّ شريحة معنية بهذا هم الخطباء والمرشدون؛ لما يترتب على مهمتهم هذه من تبعات عامة.