اتّفاق الحديدة بين الصمت الأممي والمغالطات البريطانية: من خطوة للسلام إلى قنبلة موقوتة!
المسيرة | ضرار الطيب
ضمن تصعيد متزايد من قبل قوى العدوان لإفشال اتّفاق السويد وعرقلة تنفيذه، تعرّض رئيسُ لجنة التنسيق وإعادة الانتشار، الجنرال مايكل لوليسغارد، أمس السبت، لإطلاق نار من قبل المرتزِقة في محافظة الحديدة، في خطوةٍ تأتي بالتوازي مع تصريحات جديدة لوزير الخارجية البريطاني تحدث فيها عن “انسحاب” الجيش واللجان الشعبية من المحافظة، وهو ما يشكّلُ مخالفةً صريحة للاتّفاق، وينبئُ عن توجه قوى العدوان برعاية بريطانية للعودة إلى التصعيد العسكريّ ودفن الاتّفاق الذي لم يتم البدء بتنفيذه حتى الآن؛ بسببِ تعنُّت تحالف العدوان، وسط صمت مستغرَبٍ من قبل الأمم المتحدة التي يُفترَضُ بها على الأقل أن تستنكرَ الاستهدافَ المتكرّرَ لطواقمها.
وأفادت مصادر أمنية لصحيفة المسيرة بأن مرتزِقة العدوان أطلقوا النيران بشكل مكثّف على موكب رئيس بعثة التنسيق الأممية، الجنرال مايكل لوليسغارد، أثناء مروره في شارع الخمسين بمحافظة الحديدة.
وأوضحت المصادر أن المرتزِقةَ قاموا بإعطاب جرافتين كانتا تعملان على فتح الطريق لتسهيل عبور الموكب، لافتة إلى أن لوليسغارد طلب من الفريق الوطني فتح الطريق، فتمت الاستجابة له.
وليست هذه المرة الأولى التي تتعرض لها الطواقم الأممية لنيران العدوان في محافظة الحديدة، إذ تعرّض فريق من منظمات الأمم المتحدة برئاسة لوليسغارد، الأسبوع الماضي، لإطلاق نار من قبل عناصر العدوان، أثناء مروره في الطريق إلى مطاحن البحر الأحمر، بعد أن قامت قُــوَّاتُ الجيش واللجان بفتح الطريق بمبادرة أُحادية من الوفد الوطني.
وقبل ذلك تعرضت لجنة إعادة الانتشار، بحضور رئيسها السابق باتريك كاميرت، لإطلاق نار من قبل قوى العدوان في الحديدة، في يناير الماضي، كما تعرضت في الشهر نفسه، لاعتداءٍ مماثلٍ خلال فتح الطريق إلى مطاحن البحر الأحمر، واستشهد يومَها أحدُ جنود الفرق الهندسية للجيش واللجان بنيران العدوّ.
وبالرغم من تكرار هذه الاعتداءات المباشرة والواضحة على البعثة الأممية المسؤولة عن تنفيذ الاتّفاق، إلا أن الأممَ المتحدة لا زالت تلتزمُ الصمتَ، على الرغم من أن اتّفاقَ السويد نص بشكل واضح على ضرورة الحفاظ على سلامة أعضاء البعثة، ودعا مجلسُ الأمن إلى ذلك أَيْـضاً، ويعتبر ذلك الصمتُ تواطؤاً واضحاً من الأمم المتحدة مع العدوان في سعيه الواضح لإفشال الاتّفاق.
هذه الاعتداءات المتزايدة تأتي ضمن توجه سياسيّ وعسكريّ واضح للتصعيد ضد اتّفاق الحديدة والتنصل منه، من قبل قوى العدوان وبرعاية بريطانية، حيث صرّح وزير الخارجية البريطاني جيرمي هنت، أمس الأول، بأنه “يجب أن ينسحبُ الحوثيون بسرعة من الحديدة” وهو ما يشكّل مخالفةً صريحةً لاتّفاق السويد الذي ينص على إعادة انتشار القُــوَّات العسكريّة من الطرفين، ولا يحتمل الاتّفاقُ أيَّ تفسير يتوازى مع كلام هنت.
وفي هذا السياق، رد رئيسُ اللجنة الثورية العليا، محمد علي الحوثي، على تصريحات هنت واصفاً إياها بـ “الفاضحة لسياسات بريطانيا”، مؤكّــداً أنها “أعطت إشارة بدء معركة الحديدة وتريد تكرارها”، وأشار إلى أن تصريحات وزير الخارجية البريطاني “مضللة وتهدف لتحسين صورة العدوان الأمريكي البريطاني السعوديّ الإماراتي الذي يتركب المجازر والمجاعة ويعيق السلام الذي بات واضحاً للعالم بعد عرض قائد الثورة البدء بالانسحاب من طرف واحد”.
وأضاف الحوثي أن “الشعب اليمني يعلم أن بريطانيا شريكٌ فعلي في العدوان على اليمن، ويدرك أن مشاريعَ القرارات البريطانية ليست للعدالة بل خدمة من جندي خجول يتمتمُ بما تريدُه الأجندة الأمريكية الإسرائيلية بمجلس الأمن، وكل ذلك لا يخوّلُه ليكونَ وسيطاً نزيهاً يحق له إظهارُ صوت محايد”.
الصمتُ الأممي عن تكرار استهداف فريقها من قبل العدوان، مع المغالطة البريطانية الصريحة بخصوص اتّفاق الحديدة، يلتقيان في مسار واحد تتضح فيه معالم تصعيد هدفه الإطاحة الكاملة بالاتّفاق، بعد الفشل في محاولة تجييره لصالح العدوان من خلال العراقيل المتعمدة منذ التوقيع على الاتّفاق، وبالنظر إلى أن هذا المسارَ لا ينسجمُ إلا مع نوايا تحالف العدوان التي تم التصريح بها بشكل أوضح من قبل الإمارات، فإن التحَـرّكات الأممية والبريطانية تعتبر انحيازاً واضحاً إلى صف تحالف العدوان، وهو الأمر الذي يجعل من اتّفاق السويد قنبلةً موقوتةً للحرب عوضاً عن بوابة للسلام.