من الذي يسعى لإفشال اتّفاق السويد حول الحديدة؟ بقلم/ عبدُالغني علي الزبيدي
لماذا تقومُ قوى الاحتلال والغزو ومرتزِقتهم في الساحل الغربي بخرْق وقف إطلاق النار بالحديدة..؟ ولماذا تقوم هذه القوى بممارسة الكذب والتضليل والمراوغة السياسيّة على اتّفاق تم برضى الجميع وتحت إشراف الأمم المتحدة..؟.
هناك مَن يحاولُ بل ويسعى بكل جهد لإفشال اتّفاق السويد حول الحديدة.
فمن هو صاحب المصلحة في ذلك..؟
البعضُ يرى أنّ السببَ الرئيسَ وراء هذه التطورات، هو السقفُ الذي رفعه المجتمعُ الدولي والأطرافُ المحليّة إزاء ما جرى الاتّفاق عليه في السويد باعتباره «اتّفاقَ سلام»، غير أنّه اختبارُ بناء الثقة فقط وليس جزءًا من حل المشكلة، ما يعني أنّ الاعتراف بالواقع إزاء ما جرى هو أحد المحدّدات الرئيسية لمعالجة الأزمة ومعرفة من المستفيد من عدم تنفيذ ما اتفق عليه..؟.
عمليا فشلت الأمم المتحدة في تحديد الطرف الذي يعرقلُ أَو يرفُضُ تنفيذَ الاتّفاق وتغييرها للجنرال باتريك كاميرت في وقت قياسي من تعيينه يؤكّـدُ بأنه لا توجدُ رؤيةٌ واضحةٌ، ولا نقولُ جدية في إلزام الأطراف وبالذات المعرقل لتنفيذ اتّفاق السويد وفق الجداول الزمنية المحددة له.
غير أنّ المهمَّ فهمُه الآن أنّ ما جرى ليس خرقًا للهُدنة بل هو رفضٌ للحوار، بالنظر إلى أنّ أحد طرفي الصراع (وفقاً للمصطلح المستخدم في الاتّفاق) وهم تحالف العدوان ومرتزِقتهم أعلنوا صراحة عن «تحرير» بعض المناطق عبر وسائل إعلامهم، فالأمر لم يعد خفيًّا أَو خرقًا بل هو عودة كاملة لما قبل مباحثات السويد.
هذه النقطة تحديدًا تفسحُ المجالَ للتساؤل: ما مهام لجنة المراقبة الدولية؟، فلسنا بحاجة إلى مراقبة ميدانية، الجميع بات لا يخجل من الإعلان عن خرق الهدنة على الهواء مباشرة، فأصوات الرصاص صمّت آذان رئيس بعثة المراقبة الدولية المقال «باتريك كاميرت» لدى وصوله الحديدة. أم أنّ الفريقَ الأمميَّ جاء إلى اليمن لأَهْــدَاف أُخْــرَى؟، هل من بينها تأمين الهدنة وليس مراقبتها، هل جاء بأجندة ونفوذ دولي يمكن إزاءها إرغام الأطراف على احترام ما جرى الاتّفاق عليه؟، اليمن – يا سادة- بحاجة إلى «تأمين الهدنة» وليس «مراقبة الهدنة».
بعد هذه التوطئة، نصلُ للسؤال الأهم الآن: من المسؤول مباشرة عن خرق هذه الهدنة، وهنا لا أعني مسؤولية الأطراف بقدر ما هي مسؤولية الظروف والإجراءات والمعالجات.. ويمكن النظر إلى ذلك التخبط الذي يبدو على مسؤولي الأمم المتحدة كما يرى بعض المتابعين أنها لم تضمن الاتّفاق بالآتي:-
1- غياب المذكرات التفسيرية والشارحة للاتّفاق؛ لأَنَّ الطرفين يُفسران بنودَ الاتّفاق لصالحهما، خاصةً أنّه حمّالُ أوجه، بيد أنّ المذاكرات التفسيرية هذه بحاجة إلى مفاوضات جديدة؟!
2- المفاوضاتُ ركّزت على عودة الحديدة لما قبل 2014، وهو أمر أعتقد أنه من الصعب تحقيقه باعتباره سلاح تحالف العدوان الاستراتيجي، وهذا لا يعني أنّه بعيد المنال، بقدر ما يحتاج إلى ترتيبات أمنية وسياسيّة واقتصادية أُخْــرَى تسبقه لضمان تنفيذ أي اتّفاق يهدف لعودة المرفأ الهام إلى ما قبل أربع سنوات.
3- واحدة من النقاط الهامة التي ساعدت على فشل الهدنة، هو إغفالُ التحَـرّكات التي جرت في المهرة، في وقت ركّز العالم على الحديدة والموانئ المطلة على البحر الأحمر.
4- أساس المشكلة هو النظرة الاستراتيجية وَغياب الجدية من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لوقف العدوان على اليمن ورفع الحصار عن اليمنيين وعدم التدخل في شئونه الداخلية.
يرى البعض أنّ حلَّ المشكلات الصغيرة، بمثابة توطئة لوضع إطار للمشكلات الأَكْبَــر.. وهي نظرةٌ غيرُ صائبة؛ لأَنَّ إيقاف العدوان والتدخلات الخارجية هو الطريق الأسهلُ والأسرع لحل القضايا الخلافية بين فرقاء العمل السياسيّ في البلاد. وليس العكس.
5- يعتقدُ البعضُ أن طبيعة المعركة في الحديدية قبل الذهاب إلى السويد كانت في صالح دول العدوان، وهو ما يجعلهم يتهربون من تنفيذ اتّفاق السلام، والحقيقة أن ذلك يتنافى مع حقائق المعركة على الأرض والتي تحدثت عنها الكثير من مراكز الدراسات العسكريّة والاستراتيجية وصور الأقمار الصناعية والتي أكّـدت فشل العدوان في تحقيق أي تقدم بالنظر إلى حجم الغارات والقُــوَّات الميدانية التي زج بها إلى الحديدة حتى يحسم المعركة في بضعة أَيَّـام.
6- النقطة الأخيرة والتي تبقى دائمًا سببًا مباشراً لخرق أية هُدنة هي غياب النيّة الحقيقية للمجتمع الدولي في إنهاء العدوان على اليمن؛ لأَنَّ الكثير من الدول الكبرى المهيمنة على الأمم المتحدة لديها مصالح اقتصادية وأَهْــدَاف استراتيجية تسعى إلى تحقيقها من استمرار هذا العدوان.
إزاء ما سبق، فإنّ الأوضاع في الميدان وتهرب طرف دول العدوان من تنفيذ التزاماتها تفرض على المجتمع الدولي والأمم المتحدة إعادةَ النظر في طريقة سعيهم لتنفيذ اتّفاق السويد، وذلك من خلال البحث عن حلول تتزامن معها آليةُ تأمين تلك الحلول.. خصوصاً مع تراجُعِ تحالف العدوان ومرتزِقتهم في تنفيذ بنود الاتّفاق..!
* رئيس تحرير مجلة الجيش