برنامج رجال الله: ملزمة (لتحذون حذو بني إسرائيل) الجزء الأول:
المسيرة/ بشرى المحطوري
استعرض الشهيدُ القائدُ في محاضرته (لتحذون حذوَ بني إسرائيل) ما عرضه القُــرْآنُ الكريمُ عن أنبياءٍ عظماءَ من بني إسرائيل، وأيضاً كيف تحدث القُــرْآن الكريم الصنف الآخر من بني إسرائيل الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم واشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً وانطلقوا ليفسدوا في الأرض.
وركّز الشهيدُ القائدُ على ما روي عن الرسول صلوات الله عليه وآله: “لتحذن حذو بني إسرائيل حذوَ القُذَّة بالقُذَّة، والنعل بالنعل حتى لو دخلوا جحر ضَبٍّ لدخلتموه”.
وفي هذا السياق أشار الشهيد القائد إلى أننا نحن العرب أكرمنا الله بالقُــرْآن الكريم والنبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله، واضعاً بعض التساؤلات: هل نحن نسير على هدي رسول الله وعلى هدي الأنبياء العُظَماء من بني إسرائيل؟ أم أننا نلعن بني إسرائيل ونحن في نفس الوقت نتخلق بأخلاقهم ونتثقف بثقافتهم؟ ونسلك سلوكهم، نقف مواقفهم، ونتأثر بهم في كل مجالات حياتنا؟
فعندما خالف بنو إسرائيل توجيهات الله وجعلوا آيات الله وراء ظهورهم واستنكروا لكل نعم الله نالهم عقاب الله وضربوا، وهذه سنة إلهية كما يقول الشهيد القائد محذراً كافة أبناء الأمة العربية والإسلامية من خطورة السير والتأثر ببني إسرائيل؛ لأننا سنكون أجدر منهم بأن يضربنا الله لأنها: “سنة إلهية، ما عمله ببني إسرائيل يمكن أن يعمله حتى بآل محمد أنفسهم إذا ما سلكوا طريقة بني إسرائيل، سيعمله بالعرب أنفسهم إذا ما سلكوا طريقة بني إسرائيل”.
ولأن الواقع الذي نعيشه اليوم يشهد أننا أصبحنا نتنكر لكتاب الله ورسل الله، ونتنكر لقيمنا العربية وننطلق وراء بني إسرائيل تحت مسمى حضارة وتقدم أو تمدن لم نشعر بانه انحطاط وذلة وضلال وضياع.
ويعتبر الشهيد القائد أن ما ذكر الله عن بني إسرائيل في أكثر من آية من كتابه الكريم أنهم كانوا يبيعون الدين مقابل الدنيا، يشترون بآيات الله ثمنًا قليلًا، يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا، تدُلُّ على أن الدين لا قيمة له في نفوسهم، لا قيمة له عندهم.
والاشتراءُ بمعنى: يبيعون هم الدين دون أن يُلْجَئُوا إلى أن يبيعوه، هم من يبحث عن بيعه، الاشتراء يعني: أنهم هم يطلبون الآخرين أن يبيعوا الدين مقابل مواقف معينة، مقابل ثمن معين من حطام الدنيا! وماذا تدل عليه هذه الحالة؟
وأضاف الشهيد القائد: إن الدين هو الذي أنقذهم من العذاب، والظلم والاستضعاف، إن الدين هو الذي أعزهم يوم أورثهم الله مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيْهَا} (الأعراف: من الآية137) ثم في لحظة يتنكرون لهذا الدين الذي إنما اعتزوا على يديه، إنما استقرت أوضاعهم وسعدت حياتهم على أيدي أنبيائه، يصبح هكذا سلعة تباع، ويبحثون عن من يشتريها! وبالطبع الطرف الآخر لا يشتري الدينَ منهم، إنما معنى المسألة أنهم هم ينبذون الدين، يرمون بالدين عرض الحائط مقابل ثمن من الدنيا.
مشيراً إلى أن القُــرْآن الكريم يتحدثُ عن بيعهم للدين (ثمنًا قليلًا ثمنًا قليلًا)، (ثمنًا قليلًا ثمنًا قليلًا) حتى لو كانت الدنيا بأكملها، إنها ثمن قليل، الدنيا بأكملها مقابل شيء من دينك تبيعه إنه ثمن قليل، إنك بعت نفسك، بعت إلهك، بعت أنبياءك، بعت كرامتك، بعت جنتك، بعت عزتك، وبعت إنسانيتك؛ لأن تكريم الله للإنسان يتمثل في الهدي الذي منّ به عليه ليسير عليه فيحظى بتلك الكرامة، ويكون جديرًا بتلك الكرامة، أما إذا تنكر للدين فإنه يصبح في واقعه وهو إنسان يصبح أضل من تلك الأنعام {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}.
وفي السياق نفسه يتساءل الشهيد: ألم يقل الله ثمنا قليلًا؟ ليجيب: إن كل ما بأيدي اليهود الآن، وهو تلك الممتلكات الهائلة في مختلف أقطار الدنيا إنها عند الله ثمن قليل مقابل ذلك الدين الذي نبذوه وراء ظهورهم، مقابل هدي رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وهذا القُــرْآن الكريم الذي أمرهم الله أن يؤمنوا به كما أمر بقية عباده، إنه ثمن قليل ويجب أن نفهم نحن، وما أكثر ما أكثر الناس من المسلمين أنفسهم الذين يبيعون الدين بثمن قليل أن الدين لا يعني أنك كفرت به بلسانك وصرحت بنبذه، ولكن بيع الدين هو دخول أحدنا في موقف باطل، يعمل على أن يحصل على مصلحة ولو من طريق باطلة غير مشروعة ولا يبالي أن دينة يحرم عليه هذا، ولا يبالي أن دينه يهدده إذا ما دخل في هذا، هذا هو البيع للدين ولو في موقف واحد، ولو في قضية واحدة.
وذكر الشهيدُ القائدُ مثالاً واقعياً طالما تكرّر في واقعنا فقال: ألسنا في الانتخابات ينطلق أعضاء [مجلس النواب] فيقولون: [سنعمل لكم، وسنعمل، وسنعمل،…] يعدون هذا بوظيفة، وهذا يعدونه برتبة عسكرية، وهؤلاء يعدونهم بمدرسة، وأولئك يعدونهم بخط، وأولئك يعدونهم بمستوصف، وفلان يعدونه بأنه إذا ما وصل إلى مجلس النواب سيقف معه، وسيعمل على حل مشكلته، وسيحاول أن يكون موقفه هـو الأعلى ضد خصمه، فننطلق للتصويت لمـن يترشح دون أن نلحظ هـل أننا – من وجهة نظر ديننا – وقفنا موقفًا ينسجم مع الدين أم أنه متخالف ومخالف له؟ لا نبالي، ألم يبع الناس في كثير من المناطق أصواتهم لأعضاء قد يكون بعضهم ليس من الدين في شيء، ولا تهمه مصلحة الدين، ولا تهمه مصلحة الأمة، ولن يفي بوعوده، يبيعون أصواتهم بقليل من السكر، أو من الرز، أو بتُّنور غاز، أو بأي شيء من الوعود.