اليمن أحد أكبر التهديدات على إسرائيل ومشاريعها .. بقلم/ زين العابدين عثمان
مما لا شك فيه أن إسرائيلَ حالياً تعاني من التحَـرّكاتِ المناهِضةِ لها والتي تشكل تهديداً وجودياً على أمنها ونفوذها، خصوصاً من بعض دول المنطقة المحورية كإيران سوريا ولبنان واليمن والعراق التي تقفُ اليوم كقوى إقليمية ممانعة متّحدة في محور استراتيجي معروف باسم “محور المقاومة الإسْــلَامية” الذي يزدادُ قُــوَّةً وقدراتٍ مع مرور الوقت ويلقي بظلال من التهديدات الجواستراتيجية المباشرة على أمن إسرائيل واقتصادها ومشاريعها التوسعية التي تسعى لتحقيقها، منها “صفقة القرن” المشروع الأضخم الذي ألقت فيه كُــلّ آمالِها لبناء الدولة اليهودية الكبرى بالشرق الأوسط خلال الفترات القادمة.
وفي هذا الصدد يبرز اليمن مع ما يتميز به من ثقل جغرافي مهم ومحوري بالمنطقة ليتصدَّرَ الملفاتِ الإقليمية الأَكْثَــرَ تعقيداً وخطورةً بالنسبة لإسرائيل وشبكة مصالحها، وأحد أَكْبَــر التهديدات الوجودية التي تثير حالةَ القلق والرعب المستميتين لدى الحكومة الإسرائيلية إلى أن أدرجته في أعلى سُلّم اهتماماتها واولوياتها الأمنية والسياسيّة والعسكريّة بالشرق الأوسط.
فاليمن الذي يتربع على أحد أفضل الرقع الجغرافية ذات الأبعاد الاستراتيجية المهمة هو يتفرد عن باقي دول الشرق الأوسط بامتلاكه موقعاً نافذاً يحكم على جبهتين مائيتين البحر الأحمر غرباً والبحر العربي جنوبا بخط ساحلي بطول 2500 كيلومتر ويشرف على ثالث أهمّ ممر مائي بالمعالم، وهو “مضيق باب المندب “الذي يتحكم في خط الملاحة الدولية وَالتجارة بين دول الشرق والغرب، ومما يضاعف من أهميّة الموقع امتلاكُه لجزر بحرية في المياه الإقليمية التي تنتشر على امتداد بحر العرب، وخليج عدن، كجزيرة سقطرة والبحر الأحمر جزيرة ميون وحنيش الكبرى والصغرى.
إن موقعَ اليمن الجغرافي والاستراتيجي مع أنه يشكل مصدرَ قلق ورعبٍ على إسرائيل إلّا أن هناك مساراً استراتيجياً آخر عزّز من خطورة اليمن ككل تجاه إسرائيل، وهو نهوض مشروع المقاومة الثورية الذي يقودُه السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي المناهض لإسرائيل وأمريكا وَأَيْضاً امتلاك المؤسّسة العسكريّة اليمنية حالياً قدراتٍ دفاعيةً استراتيجية أقوى من أي وقت مضى ذات مفاعيل مدمّــرة وردعية ضد أي عدو إقليمي مفترض وبالمقدمة إسرائيل التي لم تعد بمنأى ليس فقط من تداعيات وَخطورة موقع اليمن الجغرافي بل من نيران أسلحته المتطورة التي يعكف على إنتاجها محلياً وخصوصاً الباليستية الذي استطاع وخلال الثلاث سنوات ونصف السنة الماضية في ظل العدوان السعوديّ الإماراتي من تطويرها وإنتاج عدد من المنظومات الصاروخية التي تمتاز بالمدى العملياتي البعيد الذي يصل إلى نحو 850 إلى 1500 كم كصواريخ بركانH2 وصواريخ الكروز الجوالة التي تم استخدامها في قصف مفاعل براكة النووي بالعمق الإماراتي..
المنظومةُ الباليتسيةُ التي بات يمتلكُها الجيشُ اليمني واللجان الشعبيّة اليومَ تستطيعُ النيلَ من قواعد إسرائيل المنتشرة والقريبة من اليمن لمسافة 1500 كم بشكل حاسم ومؤثر، خصوصاً تلك التي في دولة ارتيريا كقاعدة عصب وغيرها؛ لذا هي تمثل معادلة ردع قوية تضافُ إلى استراتيجية القُــوَّة التي يمتلكها اليمن جغرافياً وعسكريّاً، وفي أية حرب مقبلة بين المقاومة الفلسطينية أَو محور المقاومة ككل ضد إسرائيل سيكون اليمن حاضراً وجاهزاً بأسلحته الضاربة ومن موقعه الجغرافي ليكون جزءا فعالا في منظومة الاشتباك الجديدة القادمة ضد إسرائيل إذَا ما اندلعت حرب شاملة.
إسرائيل اليوم تعلم وتدرك حصراً أن اليمن لم يعد يمثل تلك الخطورة المحدودة التي كان عليها قبل بداية عدوان التحالف السعوديّ الإماراتي في آذار مارس 2015 بل أنه أصبح اليوم يمثّلُ تهديداً جذرياً متفاقماً يمُسُّ الأمن القومي والاقتصادي والوجودي لها والمصالح الذي تسعى لترسيخها كما تدرك أَيْضاً أن أية حرب مقبلة قد تشعلها ضد المقاومة الفلسطينية أَو حزب الله في لبنان لا يستبعد أن ينخرط فيها اليمن بشكل مباشر أَو غير مباشر كطرف محوري من منظومة الاشتباك القادمة.