أول جمعة في شهر رجب.. أصالةٌ وحضارة .. بقلم/ أم الصادق الشريف
طالما قرأنا وسمعنا هذه الأبيات:
لِهَمدانَ أَخلاَقٌ وَدِينٌ يَزِينُهَا * وَبَاسٌ إِذَا لاَقَّوا وَحَدُّ خِصَامِ
وَجدُّ وَصِدْقٌ فِي الحَدِيثِ وَنَجدَة ٌ* وَعِلمٌ إِذَا قَالُوا وَطِيبُ كَلاَمِ
فَلَو كُنتُ بَوَّابًا عَلَى بَابِ جَنَّة ٍ* لقُلتُ لِهَمدَانَ ادخُلُوا بِسَلامِ.
كان الوالدُ رحمة الله تغشاه يعلِّمُنا أن همدانَ قبيلةٌ يمَنيةٌ أسلمت في يوم واحد على يد سيد الأوصياء وإمام المتقين علي بن ابي طالب (عليه السلام)..
وأن أول جمعة من شهر رجب هي عيد اليمنيين؛ لأَنَّها يوم دخول اليمنيين في دين الله أفواجاً..
وفي هذا اليوم سنوياً كانت الوالدة تحُثّ على شراء اللحم أَو الذبيحة في ذلك اليوم، وكنا نشتري جعالةً نسميها جعالة عيد جمعة رجب، كما هو حالُ كثير من الأسر اليمنية، ومع الأَيَّام تترسخ هذه العادة والكثير لا يدري لماذا يحتفلون بهذا اليوم، ونحن أيضاً لم نكن مستوعبين بالشكل المطلوب، وتمر الأَيَّام والسنوات وهذا اليوم يترسخ عندنا أنه عيد خاص باليمنيين أَكْثَــر فأَكْثَــر..
فبهذه المناسبة التي تربط اليمنيين بالإسْــلَام المحمدي العلوي، إسْــلَاماً طوعاً لا فتحاً بالسيف ولا طلقاء..
قد يقول مرضى القلوب: كيف يكون إسْــلَامٌ بدون جدال ونقاش..
والجواب:
أن العاقلَ لو تمعن في أن الرسالة هي القُـرْآن الكريم الذي أعيى فصحاء العرب واعتبروه معجزةً في فصاحته وبلاغته.
والمرسِل (بكسر السين) هو محمد أفصح من نطق بالضاد، والرسول هو صاحب البلاغة والفصاحة باب مدينة علم المصطفى (صلوات الله عليهم) والمرسَل إليهم هم أهل الحكمة والإيْمَان، ثم نوجه سؤالاً للمرضى وهو:
هل طولُ عناد قريش كان فخراً لهم؟، وهل يعد عنادُهم وحربهم للمسلمين دليلاً على أنهم أهل منطق؟!
إن مريضَ القلب يبحَثُ عن تفاهات ليشوِّهَ بها صورةَ الحق الجلية لكنه لا يضر إلا نفسه..
بهذه المناسبة التي تعد أَكْبَرَ فرحة وأعظمَ عيد نهنئ كُــلّ يمني أصيل يفتخر بيمنيته وانتمائه للإسْــلَام وللإمام علي (عليه السلام)، ونشكرُ الله تعالى على نعمة الهداية لدين الإسْــلَام دين الرحمة للعالمين..
ونحن عندما نعبر عن فرحتنا بهذا اليوم بالمقال أَو الاحتفال فلأن هذا يجسّدُ أقوى هُوية أعطاها الله تعالى لأهل اليمن وهي هُوية الإسْــلَام العظيم على يد باب مدينة علم الرسول (صلوات الله عليهم).
لا يفوتني ذكرُ موضوع مهم لفتني له، يوم الخميس الماضي، على قناة الإيْمَان اليمنية الأستاذ إبراهيم العبيدي وهو يتجوّلُ في صنعاء القديمة وتحدّث مع المجاورين لمسجد قديم وقفته إحدى المؤمنات وسمته جامع الإمام علي، المقصود أين غُيّب هذا الأثر التأريخي العظيم؟!
ولكن لا عجب فقد غُيّب باب مدينة علم الرسول بنفسه واستبدل بأبي هريرة ومعاوية وأمثالهما في مناهجنا وتأريخنا، ولكن كما قال أحمد بن حنبل لما سئل عن علي بن أبي طالب قال:
ماذا أقول في رجل كتم أعداؤه فضائلَه؛ حسداً، وكتمها محبوه؛ خوفاً وظهر بينهما ما ملأ الخافقين.
فنور الشمس مهما احتجب بالغيم لا بد ما يظهر..
ومن الآثار المرتبطة بزيارة الإمام علي اليمن الجامع الكبير والذي هُمِّش بشكل كبير، ومن الفخر أن نجعلَ مسجدَ الإمام علي والجامع الكبير في صنعاء وكل الآثار التأريخية مزاراً يفتخرُ به كُــلّ يمني يفتخر بهُويته الإيْمَانية اليمنية.
اختتم مقالي بالتهنئة والتبريك للجيش اليمني واللجان الشعبية ولقبائل حجور الأبية وكل مَن هبَّ في إخماد فتنة أعدوا لها خلال مفاوضات السويد وما بعدها وضخوا لها إعلامياً، بحيث جعلوا بعضاً أَو جزءاً من منطقة العبّيسة كُــلّ حجور، وسموا قليلاً من مرتزقة قبائل حجور، لكن الكذب يفتضح مهما كَبُرَ حجمُه وخطط له، فقبائل حجور أول من تصدى لهذه الفتنة، وقد انتهت الفتنة وافتضح الدجل والتهويل الكاذب..
نحن نتعامل بكل صدق وطمأنينة وثقة وتصديقٍ بالقُـرْآن الكريم ووعوده للمؤمنين المدافعين عن أنفسهم وأعراضهم إن اعتدوا علينا كنا حيث يكرهون، وإن جنحوا للسلم جنحنا له بعزة وصدق مطمئنين.. إن الله معنا وَلا يفلح المعتدي والخائن..