تعالوا لنؤيد العدوان.. ولكن؟ .. بقلم/ إبراهيم السراجي
صحيحٌ أن مواجهةَ أي عدوان على أي بلد هو واجبٌ على جميع أبنائه وواجبٌ عليهم التصدي لأية محاولات لغزو بلادهم، لكن دعونا هذه المرة نتخلَّ عن الثوابت والمبادئ والأعراف ولننظر للأمر من منطلق المصلحة البحتة المتجردة من أية مبادئَ، ولنرى ماذا يمكن أن نتوصلَ إليه من موقف تجاه العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن ومحاولات احتلاله بالكامل.
الآن تخيَّلْ معي أيها القارئ لو أنك تعيش في عدن وكنت أحد الذين قاتلوا في صفوف تحالف العدوان والآن تجد نفسك في أحد السجون السرية للاحتلال الإماراتي كالآلاف ممن قاتلوا هناك وخصوصاً من حزب الإصلاح وداخل ذلك السجن تتعرض كما تعرضوا للاغتصاب الجنسي والتعذيب الجسدي والإهانة بكل أنواعها وخارج محيط السجن الذي تقبعُ فيه تسمع أن أختك تم اختطافها وأخاك عُثِرَ على جثته في إحدى ضواحي المدينة ووُجِدَ على جثته آثارُ تعذيب كاقتلاع عينيه وبتر أطرافه أَو أنك والد ذلك الطفل الذي قتلَه زملاؤك في القتال بعد أن قاموا باغتصابه بل وقتلوا الشاهد الوحيد على الجريمة كما حدث قبل أَيَّــام، فمن منطلق المصلحة المُجَــرّدة من الثوابت والمبادئ هل يا ترى سيكون لديك أي سبب للقبول بالعدوان وتأييد الاحتلال؟
ماذا لو كنت أحد أبناء مدينة تعز وكنتَ ممن خرجوا في بداية العدوان رافعين لافتاتٍ مكتوباً عليها “شُكراً سلمان” ثم ذهبت للقتال في صفوفه وسمعت أن أخاك كان من بين من عُثر على جثثهم في مقبرة جماعية بالجحملية وأن أباك الذي يعمل كبائع متجول كان من ضحايا رصاصة طائشة خرجت من بندقية أحد زملائك أثناء أحد الاشتباكات المستمرّة بين فصائلكم المؤيدة للعدوان، ليس ذلك وحسب بل وتسمع أن أحدَ الأطفال من أبناء أقاربك ورد اسمُه في تقرير منظمة العفو الدولية بين الأطفال الذين تم اغتصابُهم من قبل زملائك المقاتلين في صفوف العدوان، فأيَّةُ مصلحة تجدُها في تأييدك للعدوان والاحتلال؟
نذهبُ إلى آخر حادثة ونقول: تخيل لو أنك ذلك العقيد الموالي للعدوان والمقاتل في صفوفه وأحد المشاركين في الفتنة الأخيرة بمديرية كُـشَـر الذي قام بكتابة منشور في صفحته بموقع الفيسبوك يدعو تحالفَ العدوان إلى قصف منطقته بحُجّة وجود “الحوثيين” وحدّد أسماء المواقع التي يريدُ أن يتم قصفُها وبعد ساعات اكتشف أن الطيرانَ لبَّى دعوتَه وفي نهاية المطاف اكتشف أن الطيرانَ قام بقصف منزله وقام بقتل عدد من النساء والأطفال المنتمين لأسرته، فما الذي يجعلك ترى مصلحة مُجَــرّدة من المبادئ والثوابت في تأييدك لهذا العدوان؟
كذلك عزيزي القارئ تخيل لو أنك كنتَ أحد القادة العسكريّين الذين جنّدوا آلاف المقاتلين، بينهم مئات الأطفال وشكّلوا ألويةً عسكريّةً للدفاع عن حدود السعوديّة ووجدت نفسَك في نهاية المطاف في أحد المعتقلات السعوديّة لمدة تزيدُ عن عام كما حدث لعشرات الضباط هناك؛ بسببِ أنهم خالفوا بعضَ الأوامر الصادرة عن الضباط السعوديّين. تخيَّلْ وأنت في هذه اللحظة قابع في ذلك المعتقل لا أحد يتذكرُك فكيف يمكنُ أن تبرّر تأييدَك للعدوان والاحتلال والقتال نيابةً عن الجيش السعوديّ؟
ماذا لو كنت أحد مؤيّدي العدوان من أبناء حضرموت أَو المهرة أَو شبوة ووجدت نفسك ممنوعاً من ممارسة الصيد في شواطئ بلدك؛ لأَنَّها تحوّلت إلى ثكنات عسكريّة إماراتية أَو سعوديّة وأنت قد حُرِمت من مَصْـدَرِ رزقك الوحيد فيما لا تزال معلقاً صورَ قادة دول العدوان في واجهة منزلك؟
إنَّ مواجهةَ أي عدوان أَو احتلال هو واجبٌ وطني وديني مقدَّس حتى لو كان ذلك المحتلّ قد جاء ليمنحَك حياةً أفضلَ؛ لأَنَّ المبادئ مقدَّمةٌ على المصالح فكيف سيكونُ وجوبُ مواجهة الاحتلال والغزو إذَا كان قد جاء لتدمير كُــلِّ مقومات الحياة؟