بريطانيا تشذّ عن أوروبا .. بقلم/ سيلين جريزي
* أكاديمية وكاتبة مختصة بالقضايا العربية في باريس
كانت بريطانيا وقتها وراء العقوبات ضد الحزب لكن العديد من الدول الأعضاء لم تستجب وقتها للضغط الذي مارسته الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين أرادتا وضع حزب الله على القائمة الأوروبية للمنظّــمات الإرْهَابية، خوفاً من زعزعة استقرار لبنان.
في عام 2013 قرر وزراء الخارجية الأوروبيون بالإجماع أنهم سيظلون على اتصال مع جميع الأحزاب السياسيّة في لبنان، بما في ذلك حزب الله.
اتخذ الوزراء الأوروبيون هذا القرار في مجلس الشؤون الخارجية؛ لأَنَّ صياغة النص طمأنت بعض الدول الأعضاء الموجودة في لبنان عسكريًّا أَو مدنيًا. كما نصت الوثيقة على مراجعة العقوبات ضد الجناح العسكريّ لحزب الله خلال الستة أشهر التي أعقبت القرار.
كانت بريطانيا وقتها وراء العقوبات ضد الحزب لكن العديد من الدول الأعضاء لم تستجب وقتها للضغط الذي مارسته الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين أرادتا وضع حزب الله على القائمة الأوروبية للمنظّــمات الإرْهَابية، خوفاً من زعزعة استقرار لبنان. لكن مشاركة المقاومة إلى جانب قُــوَّات الرئيس بشار الأسد غيَّر الوضع في السنوات الأخيرة ووضع الحزب في دائرة العداء الأمريكي الإسرائيلي.
وقتها وصف القائم بأعمال وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور إن القرار الأوروبي كان “متسرعا” ومن المرجح أن يعقد المشهد السياسيّ اللبناني.
وقال لرويترز “سيعرقل هذا في المستقبل الحياة السياسيّة في لبنان خَاصَّــة إذَا اعتبرنا الحساسيات المختلفة لبلدنا. ” “نحن بحاجة إلى تعزيز العلاقات بين الأطراف اللبنانية بدلاً من خلق مشاكل إضافية. ” بينما رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقرار الاتّحاد الأوروبي. ومع ذلك، طالب بادراج الجناح السياسيّة على قائمة الإرْهَاب.
الضغوط الأميركية والإسرائيلية المتكررة على الاتّحاد الأوروبي لإدراج “حزب الله” في قائمته للمنظّــمات الإرْهَابية فشلت حتى الآن. على الرغم من أن البرلمان الأوروبي قد صوت يوم 10 آذار/ مارس 2005 لصالح تدابير لوقف الأنشطة المزعومة الإرْهَابية لحزب الله، واسم الحركة اللبنانية ليست (لحد الساعة) على القائمة الرسمية للـ”الجماعات والكيانات التي يتم تطبيق تدابير تقييدية عليها في الحرب ضد الإرْهَاب”، والتي قام مجلس الاتّحاد الأوروبي بتحديثها بعد بضعة أيام.
تطور السياق الدولي والإقليمي
تطور حزب الله في منطقة من العالم، تزخر بموارد هائلة من الطاقة بالإضافة إلى حدودها مع الاتّحاد السوفيتي السابق مما جعلها تسيطر على منطقة ذات أهميّة استراتيجية حاسمة للقوى العظمى ذات التوجهات الإمبريالية.
لضمان السيطرة على تدفقات الطاقة ومناطق نفوذ جديدة، لهذه القوى الإمبريالية.
وفي هذا السياق تحظر لندن حزب الله فربما في رسالة من بريطانيا لإرضاء الولايات المتحدة تمهيداً لخروجها من الاتّحاد الأوروبي؟
تحاول الولايات المتحدة الأمريكية والنظام الإسرائيلي منذ عدة أشهر الضغط على الدول الأوروبية لإقناعها بوضع حزب الله على قائمتهم للجماعات الإرْهَابية. تماشياً مع جهود الولايات المتحدة الحثيثة لتكثيف الضغوط ضد الحزب.
موقف الاتّحاد الأوروبي
كرد على قرار لندن هذا، يتخوف الاتّحاد الأوروبي من تعقيد وصول الدبلوماسيين البريطانيين خَاصَّــة والأوروبيين عامة، إلى المعلومات الاستخباراتية وإلى مؤسّسات الدولة اللبنانية حيث يوجد هو وحلفائه السياسيّون.
صرحت فيديريكا موغيريني، الممثلة العليا للاتّحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، بصوتٍ عالٍ وواضحٍ أن الاتّحاد الأوروبي سيحافظ على العلاقات مع جميع الأطراف في لبنان دون استثناء. وقالت فرنسا أيضاً إنها لن تحذو حذو بريطانيا، حيث يدرك قادتها تماماً الحاجة إلى الوصول بطريقة آمنة ومضمونة إلى المؤسّسات اللبنانية. هذا هو موقف الدول الأوروبية الرئيسية، باستثناء تلك الموجودة في المدار الأمريكي-الإسرائيلي.
بينما اشاد بنيامين نتانياهو بجهود تيريزا ماي وأثنى على هذه الخطوة الإيجابية كما سماها، وطلب من الدول الأوربية أن تحذو حذوها، أدانت إيران وبشدة القرار البريطاني بحظر حزب الله. ومن خلال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، شجبت طهران القرار موضحةً أن قرارًا سيئًا وغير مسؤول كهذا، لن يساهم في استقرار لبنان وأمنه. وجاء في البيان الصادر عن وزارة الخارجية الإيرانية أن حزب الله قُــوَّة شرعية تلعب دوراً فعالاً لا يمكن إنكاره في استقرار لبنان السياسيّ وحماية أمنه.
يعكس هذا الحظر الفوضى السياسيّة الحالية في بريطانيا وضعف حكومتها، التي تقع تحت تأثير جماعات الضغط الإسرائيلية، سواء كانت بريطانية أَو أمريكية.
والسؤال المطروح:
في الغرب يوصف حزب الله بنظام الدولة داخل الدولة، فبريطانيا التي تتهم الحزب بالإرْهَاب تتهم الدولة اللبنانية فهل تنوي قطع العلاقات مع لبنان بينما تسعى أوروبا إلى توطيد علاقاتها ودورها السياسيّ؟ وكيف ترد الدولة اللبنانية على بريطانيا؟